الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          1012 - (ت س) : الحارث بن الحارث الأشعري الشامي له صحبة .

                                                                          روى عن : النبي صلى الله عليه وسلم (ت س) ، إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات . . . الحديث بطوله وليس له غيره .

                                                                          روى عنه : أبو سلام الأسود (ت س) .

                                                                          روى له الترمذي ، والنسائي هذا الحديث .

                                                                          أخبرنا به أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني وغير واحد قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله قالت : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا محمد بن عبدة المصيصي ، قال : حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، قال : حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام عن أبي سلام ، قال حدثني الحارث الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا [ ص: 218 ] بخمس كلمات يعمل بهن ، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن فكان يبطئ فقال له عيسى : إنك أمرت بخمس كلمات تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن فإما أن تأمر بهن وإما أن أقوم أنا فآمرهم بهن ، قال يحيى : إنك إن سبقتني بهن خفت أن أعذب ، أو يخسف بي ، فجمع بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد وحتى جلس الناس على الشرفات فوعظ الناس ، ثم قال : إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن .

                                                                          أولهن : أن لا تشركوا بالله شيئا ، فإن من أشرك بالله شيئا مثله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق فقال : هذه داري وعملي فأد عملك فجعل يعمل ويؤدي عمله إلى غير سيده فأيكم يحب أن يكون له عبد كذلك يؤدي عمله إلى غير سيده ، وإن الله هو خلقكم ورزقكم فلا تشركوا بالله شيئا .

                                                                          وإن الله أمركم بالصلاة فإذا نصبتم وجوهكم فلا تلتفتوا فإن الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده إذا قام يصلي فلا يصرف وجهه عنه حتى يكون العبد هو يصرف .

                                                                          وآمركم بالصيام ، وإن مثل الصائم مثل رجل معه صرة مسك فهو في عصابة ليس مع أحد منهم مسك غيره كلهم يشتهي أن [ ص: 219 ] يجد ريحها ، وإن ريح فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .

                                                                          وآمركم بالصدقة فإن مثلها كمثل رجل أخذه العدو فأسروه فشدوا يده إلى عنقه ، فقدموه ليضربوا عنقه فقال : لا تقتلوني فإني أفدي نفسي منكم بكذا وكذا من المال فأرسلوه فجعل يجمع لهم حتى فدى نفسه فكذلك الصدقة يفتدي بها العبد نفسه من عذاب الله .

                                                                          وآمركم بكثرة ذكر الله وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو فانطلقوا في طلبه سراعا ، وانطلق حتى أتى حصنا فأحرز نفسه فيه فكذلك مثل الشيطان لا يحرز العباد أنفسهم منه إلا بذكر الله .

                                                                          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا آمركم بخمس كلمات أمرني الله بهن الجماعة ، والسمع والطاعة ، والهجرة والجهاد في سبيل الله عز وجل ، فمن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ، ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من جثا جهنم ، قيل : يا رسول الله وإن صلى وصام؟ قال : نعم وإن صلى وصام فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد الله
                                                                          [ ص: 220 ] رواه الترمذي بطوله عن محمد بن إسماعيل البخاري عن موسى بن إسماعيل عن أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام نحوه .

                                                                          وروى النسائي بعضه من دعا بدعوى الجاهلية إلى آخره عن هشام بن عمار عن محمد بن شعيب بن شابور ، عن معاوية بن سلام ، وقد وقع لنا عاليا جدا من حديث معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام ، كأن الصيدلاني شيخ شيخنا حدث به عن الترمذي .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية