الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          1099 - (د ق) : حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر بن وهب [ ص: 397 ] ابن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر القرشي الفهري ، أبو عبد الرحمن ، ويقال : أبو مسلمة ، ويقال : أبو سلمة المكي نزيل الشام ، مختلف في صحبته .

                                                                          روى عن : النبي صلى الله عليه وسلم (د ق) ، وعن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وأبيه مسلمة بن مالك ، وأبي ذر الغفاري .

                                                                          روى عنه : جنادة بن أبي أمية ، وحبيب بن عبيد ، ومولاه رغبان ، وزياد بن جارية (د ق) ، والضحاك بن قيس الفهري ، وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، وعبد الرحمن بن أبي أمية الضمري ، وعبد الرحمن بن عرق اليحصبي الحمصي ، وعمرو بن محصن ، وعوف بن مالك الأشجعي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقزعة بن يحيى ، ومالك بن شرحبيل ، وأبو معاوية يزيد بن عبد السكوني ، وأبو عامر الهوزني .

                                                                          خرج إلى الشام مجاهدا في حياة أبي بكر الصديق ، وشهد اليرموك أميرا على بعض كراديسه ، ثم سكن دمشق ، وكانت داره بها عند طاحونة الثقفيين مشرفة على نهر بردى ، وشهد صفين مع معاوية ، وكان على الميسرة .

                                                                          قال مصعب بن عبد الله الزبيري : كان شريفا قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم يقال له : حبيب الروم لكثرة دخوله عليهم .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن مصعب : أنكر الواقدي أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                          [ ص: 398 ] وقال محمد بن سعد ، عن الواقدي : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول ، عن زياد بن جارية ، عن حبيب بن مسلمة ، قال : شهدت النبي صلى الله عليه وسلم ينفل الثلث .

                                                                          قال الواقدي : وحبيب يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثنتي عشرة سنة ، وآخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك ، وهو ابن إحدى عشرة سنة .

                                                                          وقال ابن جريج : أخبرني ابن أبي مليكة أن حبيب بن مسلمة قدم على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة غازيا ، وأن أباه أدركه بالمدينة ، فقال مسلمة : للنبي صلى الله عليه وسلم يا نبي الله ، إني ليس لي ولد غيره يقوم في مالي وضيعتي ، وعلى أهل بيتي وإن النبي صلى الله عليه وسلم رده معه ، وقال : لعلك أن يخلو لك وجهك في عامك فارجع يا حبيب مع أبيك ، فمات مسلمة في ذلك العام ، وغزا حبيب فيه .

                                                                          وقال أحمد ابن البرقي : أمه أيضا فهرية من ولد وهب بن ثعلبة ، وكان يدعى حبيب الروم لمجاهدته فيهم . حدثنا بذلك عمرو بن أبي مسلمة ، عن إسماعيل بن عياش ، عن صفوان بن عمرو ، عن أبي اليمان عامر بن عبد الله أن أبا ذر ، والناس كانوا يسمون حبيبا حبيب الروم ; لمجاهدته الروم .

                                                                          جاء عنه ثلاثة أحاديث .

                                                                          [ ص: 399 ] وقال سويد بن عبد العزيز ، عن أبي وهيب ، عن مكحول : سألت الفقهاء هل كانت لحبيب بن مسلمة صحبة؟ فلم يعرفوا ذلك فسألت قومه؟ فأخبروني أنه قد كانت له صحبة .

                                                                          وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : وحبيب بن مسلمة يقولون - يعني أهل المدينة - : لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وأهل الشام يقولون : قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وقال البخاري له صحبة .

                                                                          وقال الزبير بن بكار : كان شريفا ، وكان قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يقال له : حبيب الروم ; من كثرة دخوله عليهم ، وما ينال منهم من الفتوح وله يقول شريح بن الحارث :

                                                                          ألا كل من يدعى حبيبا ولو بدت . مروءته يفدي حبيب بني فهر. همام يقود الخيل حتى كأنما يطأن برضراض الحصى جاحم الجمر .

                                                                          قال : وكان حبيب رجلا تام البدن فدخل على عمر بن الخطاب فقال له عمر : إنك لجيد القناة قال : إني جيد سنانها ، فأمر به عمر فأدخل دار السلاح ، فأخذ منها سلاح رجل ، وكان عثمان بعثه هو ، وسلمان بن ربيعة إلى ناحية أذربيجان كان أحدهما مددا [ ص: 400 ] لصاحبه فاختلفوا في الفيء ، فيؤاخذ بعضهم بعضا ، فقال رجل من أصحاب سلمان :

                                                                          إن تقتلوا سلمان نقتل حبيبكم وإن ترحلوا نحو ابن عفان نرحل .

                                                                          قال وكان معاوية قد وجهه في جيش لنصرة عثمان بن عفان حين حصر ، فلما بلغ وادي القرى بلغه مقتل عثمان فرجع ، وقد ذكره حسان بن ثابت فقال :


                                                                          إلا تبوؤا بحق الله تعترفوا بغارة عصب من خلفها عصب     فيهم حبيب شهاب الموت يقدمهم
                                                                          مشمرا قد بدا في وجهه الغضب

                                                                          .

                                                                          قال يحيى بن معين : مات في خلافة معاوية .

                                                                          وقال الهيثم بن عدي ، وأبو الحسن المدائني : مات سنة إحدى وأربعين .

                                                                          وقال أبو عبيد القاسم بن سلام ، وخليفة بن خياط ، ومحمد بن سعد ، وغير واحد : مات سنة اثنتين وأربعين .

                                                                          قال ابن سعد : ولم يزل مع معاوية بن أبي سفيان في حروبه في صفين وغيرها ، ووجهه إلى أرمينية واليا عليها ، فمات بها ولم يبلغ خمسين سنة ، وقيل : إنه مات بدمشق ، فالله أعلم .

                                                                          روى له أبو داود ، وابن ماجه ، حديثا واحدا في النفل .

                                                                          [ ص: 401 ]

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية