الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          950 - (بخ ع) : جعفر بن محمد بن علي بن الحسين [ ص: 75 ] ابن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبو عبد الله المدني الصادق ، وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، ولذلك كان يقول : ولدني أبو بكر مرتين .

                                                                          روى عن : عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي (ت) ، وعروة بن الزبير ، وعطاء بن أبي رباح (م) ، وجده لأمه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وأبيه أبي جعفر محمد بن علي الباقر (بخ 4) ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، ومحمد بن المنكدر (عخ م س) ، ومسلم بن أبي مريم ونافع مولى ابن عمر .

                                                                          روى عنه : أبان بن تغلب وإسماعيل بن جعفر (ت س) ، وحاتم بن إسماعيل (عخ م 4) ، والحسن بن صالح بن حي ، والحسن بن عياش (م س) ، أخو أبي بكر بن عياش ، وحفص بن غياث (م د ق) ، وزهير بن محمد التميمي (ق) ، وزيد بن الحسن الأنماطي (ت) ، وسعيد بن سفيان الأسلمي (ق) ، وسفيان الثوري (م 4) ، وسفيان بن عيينة (ت س ق) ، وسليمان بن بلال (م د) ، وشعبة بن الحجاج ، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل ، وعبد الله بن ميمون القداح (ت) ، وعبد العزيز بن عمران الزهري (ت) ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي (بخ م ت ق) ، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (م س) ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي (م د ت ق) ، وعثمان بن فرقد العطار (ت) ، ومالك بن أنس (م ت س ق) ، [ ص: 76 ] ومحمد بن إسحاق بن يسار ، ومحمد بن ثابت البناني (ت) ، ومحمد بن ميمون الزعفراني (د) ، ومسلم بن خالد الزنجي ، ومعاوية بن عمار الدهني (عخ ل) ، وابنه موسى بن جعفر الكاظم (ت ق) ، وموسى بن عمير القرشي ، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت ، ووهيب بن خالد (بخ م) ، ويحيى بن سعيد الأنصاري (م س) ، وهو من أقرانه ويحيى بن سعيد القطان (د س) ، ويزيد بن عبد الله بن الهاد (س) ، ومات قبله ، وأبو جعفر الرازي .

                                                                          قال أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن مصعب بن عبد الله الزبيري : سمعت الدراوردي يقول : لم يرو مالك عن جعفر حتى ظهر أمر بني العباس .

                                                                          قال مصعب : كان مالك لا يروي عن جعفر بن محمد حتى يضمه إلى آخر من أولئك الرفعاء ، ثم يجعله بعده .

                                                                          وقال صالح بن أحمد بن حنبل ، عن علي ابن المديني : سئل يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد فقال : في نفسي منه شيء ، قلت : فمجالد؟ قال : مجالد أحب إلي منه .

                                                                          وقال في موضع آخر : أملى علي جعفر بن محمد الحديث الطويل - يعني حديث جابر في الحج .

                                                                          وقال محمد بن يزيد المستملي عن إسحاق بن حكيم : [ ص: 77 ] قال يحيى القطان ، وذكر جعفر بن محمد فقال : ما كان كذوبا .

                                                                          وقال محمد بن عمرو بن نافع : حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم عن أبي بكر بن عياش أنه قيل له : ما لك لم تسمع من جعفر بن محمد وقد أدركته؟ فقال : سألناه عما يتحدث به من الأحاديث إنني سمعته قال : لا ولكنها رواية رويناها عن آبائنا .

                                                                          وقال أحمد بن سلمة النيسابوري عن إسحاق بن راهويه ، قلت للشافعي : كيف جعفر بن محمد عندك؟ فقال : ثقة - في مناظرة جرت بينهما .

                                                                          وقال عباس الدوري ، وعثمان بن سعيد الدارمي ، وأبو بكر بن أبي خيثمة ، وأحمد بن سعد بن أبي مريم ، عن يحيى بن معين : ثقة .

                                                                          زاد عباس : مأمون .

                                                                          وزاد ابن أبي مريم عن يحيى قال : كنت لا أسأل يحيى بن سعيد عن حديثه فقال لي : لم لا تسألني عن حديث جعفر بن محمد؟ قلت : لا أريده ، فقال لي : إن كان يحفظ فحديث أبيه المسند - يعني حديث جابر في الحج .

                                                                          قال يحيى بن معين : وخرج حفص بن غياث إلى عبادان - وهو موضع رباط - فاجتمع إليه البصريون فقالوا له : لا تحدثنا عن [ ص: 78 ] ثلاثة : أشعث بن عبد الملك ، وعمرو بن عبيد ، وجعفر بن محمد ، فقال : أما أشعث فهو لكم ، وأنا أتركه لكم ، وأما عمرو بن عبيد ، فأنتم أعلم به ، وأما جعفر بن محمد فلو كنتم بالكوفة لأخذتكم النعال المطرقة .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سمعت أبا زرعة ، وسئل عن جعفر بن محمد عن أبيه ، وسهيل عن أبيه ، والعلاء عن أبيه أيها أصح؟ قال : لا يقرن جعفر إلى هؤلاء .

                                                                          وقال : سمعت أبي يقول : جعفر بن محمد ثقة لا يسأل عن مثله .

                                                                          وقال أبو أحمد بن عدي : ولجعفر حديث كثير عن أبيه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن أبيه عن آبائه : ونسخ لأهل البيت : وقد حدث عنه من الأئمة مثل ابن جريج وشعبة وغيرهما ، وهو من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين .

                                                                          وقال أبو العباس بن عقدة : حدثنا جعفر بن محمد بن هشام ، قال : حدثنا محمد بن حفص بن راشد ، قال : حدثنا أبي عن عمرو بن أبي المقدام قال : كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين .

                                                                          وقال أيضا : حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة ، قال : حدثنا محمد بن حماد بن زيد الحارثي ، قال : حدثنا عمرو بن [ ص: 79 ] ثابت قال : رأيت جعفر بن محمد واقفا عند الجمرة العظمى وهو يقول : سلوني سلوني .

                                                                          وقال أيضا : حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي ، عن يحيى بن سالم ، عن صالح بن أبي الأسود ، قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي .

                                                                          وقال أيضا : حدثنا جعفر بن محمد بن حسين بن حازم ، قال حدثني إبراهيم بن محمد الرماني أبو نجيح ، قال : سمعت حسن بن زياد يقول : سمعت أبا حنيفة وسئل : من أفقه من رأيت؟ فقال : ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور الحيرة بعث إلي فقال يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك الصعاب قال فهيأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إلي أبو جعفر فأتيته بالحيرة فدخلت عليه ، وجعفر جالس عن يمينه ، فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخل لأبي جعفر ، فسلمت ، وأذن لي فجلست ، ثم التفت إلى جعفر فقال : يا أبا عبد الله تعرف هذا ؟ قال : نعم هذا أبو حنيفة ، ثم أتبعها : قد أتانا ، ثم قال : يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله وابتدأت أسأله ، وكان يقول في المسألة : أنتم تقولون فيها كذا وكذا ، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا ، ونحن نقول كذا وكذا ، فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة ، ثم قال أبو حنيفة : أليس قد روينا أن أعلم الناس [ ص: 80 ] أعلمهم باختلاف الناس ؟ .

                                                                          وقال علي بن الجعد : عن زهير بن معاوية قال أبي لجعفر بن محمد : إن لي جارا يزعم أنك تبرأ من أبي بكر وعمر ، فقال جعفر : برئ الله من جارك والله إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر ، ولقد اشتكيت شكاية ، فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم .

                                                                          وقال هشام بن يونس عن سفيان بن عيينة حدثونا عن جعفر بن محمد - ولم أسمعه منه - قال : كان آل أبي بكر يدعون على عهد رسول الله : آل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وقال محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، وغير واحد : عن سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه نحو ذلك .

                                                                          وقال محمد بن فضيل : عن سالم بن أبي حفصة : سألت أبا جعفر محمد بن علي ، وجعفر بن محمد عن أبي بكر وعمر فقالا لي : يا سالم تولهما وابرأ من عدوهما ; فإنهما كانا إمامي هدى ، قال وقال لي جعفر بن محمد : يا سالم أيسب الرجل جده؟ أبو بكر جدي لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي بدمشق ، وأبو الذكاء عبد [ ص: 81 ] المنعم بن يحيى بن إبراهيم الزهري بالمسجد الأقصى ، وأبو بكر محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن الأنماطي الأنصاري بالقاهرة ، وأبو بكر عبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن فارس التميمي بالإسكندرية ، قالوا : أخبرنا أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب البغدادي بدمشق قال : أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي ببغداد ، قال : أخبرنا الشريف أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد بن الحسن بن المأمون ، قال : أخبرنا الحافظ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني ، قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم البزاز ، قال : حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا محمد بن فضيل فذكره .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو الحسن الدارقطني ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي ، قال : حدثنا الفضل بن سهل ، قال : حدثنا هاشم بن القاسم ، قال : حدثنا محمد بن طلحة عن خلف بن حوشب عن سالم بن أبي حفصة قال دخلت على جعفر بن محمد أعوده ، وهو مريض فقال : اللهم إني أحب أبا بكر وعمر وأتولاهما اللهم إن كان في نفسي غير هذا فلا تنالني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الدارقطني ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي ، قال : حدثنا محمد بن الحسين [ ص: 82 ] الحنيني ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الأزدي ، قال : حدثنا حفص بن غياث قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : ما أرجو من شفاعة علي شيئا إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله ولقد ولدني مرتين .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الدارقطني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي ، قال : حدثنا محمد بن الحسين الحنيني ، قال : حدثنا مخلد بن أبي قريش الطحان ، قال : حدثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني أن جعفر بن محمد أتاهم وهم يريدون أن يرتحلوا من المدينة فقال : إنكم - إن شاء الله - من صالحي أهل مصركم فأبلغوهم عني من زعم أني إمام مفترض الطاعة فأنا منه بريء ، ومن زعم أني أبرأ من أبي بكر وعمر فأنا منه بريء .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الدارقطني ، قال : حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، قال : حدثنا أبو يحيى الرازي جعفر بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن مهران ، قال : حدثنا يحيى بن سليم عن جعفر بن محمد قال إن الخبثاء من أهل العراق يزعمون أنا نقع في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وهما والداي .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الدارقطني ، قال : حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، قال : حدثنا أبو يحيى الرازي ، قال : حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، قال : حدثنا حنان بن سدير قال : سمعت [ ص: 83 ] جعفر بن محمد وسئل عن أبي بكر وعمر فقال إنك تسألني عن رجلين قد أكلا من ثمار الجنة .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الدارقطني ، قال : حدثنا الحسين بن إسماعيل ، قال : حدثنا محمود بن خداش ، قال : حدثنا أسباط بن محمد ، قال : حدثنا عمرو بن قيس الملائي قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : برئ الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر .

                                                                          وقال عبد العزيز بن محمد الأزدي عن حفص بن غياث : سمعت جعفر بن محمد يقول : ما يسرني بشفاعة أبي بكر رضي الله عنه هذا العمود ذهبا يعني سارية من سواري المسجد .

                                                                          وقال معبد بن راشد عن معاوية بن عمار الدهني : سألت جعفر بن محمد عن القرآن فقال : ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله عز وجل .

                                                                          وقال حماد بن زيد عن أيوب سمعت جعفرا يقول : إنا والله لا نعلم كل ما تسألوننا عنه ، ولغيرنا أعلم منا .

                                                                          وقال محمد بن عمران بن أبي ليلى عن مسلمة بن جعفر الأحمسي قلت لجعفر بن محمد : إن قوما يزعمون أن من طلق [ ص: 84 ] ثلاثا بجهالة رد إلى السنة تجعلونها واحدة يروونها عنكم؟ قال : معاذ الله ما هذا من قولنا من طلق ثلاثا فهو كما قال .

                                                                          وقال سويد بن سعيد : عن معاوية بن عمار ، عن جعفر بن محمد : من صلى على محمد وعلى أهل بيته مائة مرة قضى الله له مائة حاجة .

                                                                          وقال محمد بن الصلت الأسدي عن أبيه عن جعفر بن محمد في قوله تعالى اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال : محمد وعلي .

                                                                          وقال محمد بن أحمد بن ثابت : حدثنا محمد بن إسحاق بن أبي عمارة ، قال : حدثنا حسين بن معاذ بن مسلم عن عمر بن أبان عن جعفر بن محمد في قوله تعالى إن في ذلك لآيات للمتوسمين قال : للمتفرسين .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو العباس أحمد بن أبي الخير الحداد ، عن كتاب القاضي أبي المكارم أحمد بن محمد اللبان إليه من أصبهان ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا محمد [ ص: 85 ] ابن عمر بن سلم ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت فذكره .

                                                                          وبهذا الإسناد إلى أبي نعيم الحافظ ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا محمد بن العباس ، قال حدثني محمد بن عبد الرحمن بن غزوان ، قال : حدثنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين قال : لما قال له سفيان لا أقوم حتى تحدثني قال جعفر أما إني أحدثك وما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان : إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها; فإن الله عز وجل قال في كتابه لئن شكرتم لأزيدنكم وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار ; فإن الله عز وجل قال في كتابه استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين يعني في الدنيا ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا في الآخرة ، يا سفيان إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله ; فإنها مفتاح الفرج ، وكنز من كنوز الجنة ، فعقد سفيان بيده ، وقال ثلاث وأي ثلاث قال جعفر : عقلها [ ص: 86 ] والله أبو عبد الله ، ولينفعه الله بها .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن مكرم الضبي ، قال : حدثنا علي بن عبد الحميد ، قال : حدثنا موسى بن مسعود ، قال : حدثنا سفيان الثوري قال دخلت على جعفر بن محمد وعليه جبة خز دكناء وكساء خز أندجاني فجعلت أنظر إليه تعجبا ، فقال لي : يا ثوري ما لك تنظر إلينا ، لعلك تعجب مما ترى؟ قال قلت : يا ابن رسول الله ليس هذا من لباسك ولا لباس آبائك ، فقال لي : يا ثوري كان ذلك زمانا مقترا مقفرا ، وكان يعملون على قدر إقتاره وإقفاره ، وهذا زمان قد أسبل كل شيء فيه عزاليه ، ثم حسر عن ردن جبته فإذا فيها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل ، والردن عن الردن فقال لي يا ثوري : لبسنا هذا لله وهذا لكم ، فما كان لله أخفيناه ، وما كان لكم أبديناه .

                                                                          [ ص: 87 ] وبه ، قال : حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا محمد بن العباس ، قال : حدثنا الحسين بن عبد الرحمن بن أبي عباد ، قال : حدثنا محمد بن بشر عن جعفر بن محمد ، قال : أوحى الله تعالى إلى الدنيا أن اخدمي من خدمني وأتعبي من خدمك .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن علي ، قال حدثني محمد بن القاسم قال : كان جعفر بن محمد يقول : كيف أعتذر وقد احتججت؟ وكيف أحتج وقد علمت؟ .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو الحسن بن أبان ، قال : حدثنا أبو بكر بن عبيد ، قال : حدثنا محمد بن الحسين البرجلاني ، قال : حدثنا يحيى بن أبي بكير ، عن الهياج بن بسطام ، قال : كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم ، قال : حدثنا أبو الحسن العاقولي الكاتب ، قال : حدثنا عيسى صاحب الديوان ، قال حدثني بعض أصحاب جعفر قال : [ ص: 88 ] سئل جعفر بن محمد لم حرم الله الربا؟ قال : لئلا يتمانع الناس المعروف .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، قال : حدثنا محمد بن القاسم ، قال : حدثنا عباد - يعني ابن يعقوب - قال : حدثنا يونس بن أبي يعفور ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن جعفر بن محمد ، قال يبنى الإنسان على خصال فمهما بني عليه فإنه لا يبنى على الخيانة والكذب .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن العباس ، قال : حدثنا أحمد بن بديك ، قال : حدثنا عمرو اليامي ، قال : حدثنا هشام بن عباد قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : الفقهاء أمناء الرسل فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتهموهم .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن زيد بن الحريش ، قال : حدثنا عباس بن الفرج الرياشي [ ص: 89 ] قال حدثنا الأصمعي قال : قال جعفر بن محمد الصلاة قربان كل تقي والحج جهاد كل ضعيف ، وزكاة البدن الصيام ، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر ، واستنزلوا الرزق بالصدقة ، وحصنوا أموالكم بالزكاة ، وما عال من اقتصد ، والتقدير نصف العيش ، والتودد نصف العقل ، وقلة العيال أحد اليسارين ، ومن أحزن والديه فقد عقهما ، ومن ضرب بيده على فخذه عند مصيبة فقد حبط أجره ، والصنيعة لا تكون صنيعة إلا عند ذي حسب أو دين ، والله منزل الصبر على قدر المصيبة ، ومنزل الرزق على قدر المؤنة ، ومن قدر معيشته رزقه الله ، ومن بذر معيشته حرمه الله .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن الكاتب ، قال حدثني أبي ، قال حدثني الهيثم ، قال حدثني بعض أصحاب جعفر بن محمد الصادق قال دخلت على جعفر وموسى بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية فكان مما حفظت منها أن قال : يا بني اقبل وصيتي واحفظ مقالتي ، فإنك إن حفظتها تعيش سعيدا ، وتموت حميدا يا بني من قنع بما قسم له استغنى ، ومن مد عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ، ومن لم يرض بما قسم الله له اتهم الله في قضائه ، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه ، يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته ، ومن سل سيف البغي قتل به ، ومن احتفر بئرا لأخيه سقط فيه ، ومن داخل السفهاء [ ص: 90 ] حقر ، ومن خالط العلماء وقر ، ومن دخل مداخل السوء اتهم ، يا بني إياك أن تزري بالرجال فيزرى بك ، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك ، يا بني قل الحق لك وعليك تستشار من بين أقربائك ، يا بني كن لكتاب الله تاليا وللسلام فاشيا وللمعروف آمرا وعن المنكر ناهيا ، ولمن قطعك واصلا ، ولمن سكت عنك مبتدئا ، ولمن سألك معطيا ، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال ، وإياك والتعرض لعيوب الناس ، فمنزلة المتعرض لعيوب الناس كمنزلة الهدف ، يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه ، فإن للجود معادن ، وللمعادن أصولا ، وللأصول فروعا ، وللفروع ثمرا ، ولا يطيب ثمر إلا بفرع ، ولا فرع إلا بأصل ، ولا أصل ثابت إلا بمعدن طيب ، يا بني إذا زرت فزر الأخيار ولا تزر الفجار ، فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها ، وشجرة لا يخضر ورقها ، وأرض لا يظهر عشبها .

                                                                          قال علي بن موسى فما تركت هذه الوصية إلى أن توفي .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، قال حدثني أحمد بن زياد ، قال : حدثنا الحسن بن بزيع عن الحسن بن علي الكلبي ، عن عائذ بن حبيب ، قال : قال جعفر بن محمد : لا زاد أفضل من التقوى ولا شيء أحسن من الصمت [ ص: 91 ] ولا عدو أضر من الجهل ولا داء أدرأ من الكذب .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو الحسن العبدي ، قال : حدثنا أبو بكر القرشي ، قال : حدثنا المفضل بن غسان عن أبيه عن شيخ من أهل المدينة قال : كان من دعاء جعفر بن محمد : اللهم أعزني بطاعتك ولا تخزني بمعصيتك ، اللهم ارزقني مواساة من قترت عليه رزقك بما وسعت علي من فضلك .

                                                                          قال أبو معاوية - يعني غسان - فحدثت بذلك سعيد بن سلم فقال : هذا دعاء الأشراف .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمر ، قال : حدثنا أبو بكر بن عبيد ، قال حدثني الوليد بن شجاع ، قال : حدثنا إبراهيم بن أعين ، عن يحيى بن الفرات قال : قال جعفر بن محمد لسفيان الثوري : لا يتم المعروف إلا بثلاثة بتعجيله وتصغيره وستره .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم البحري ، قال : حدثنا جعفر [ ص: 92 ] الصائغ ، قال : حدثنا عبيد بن إسحاق ، قال : حدثنا نصير بن كثير قال دخلت أنا وسفيان الثوري على جعفر بن محمد فقلت : إني أريد البيت الحرام فعلمني شيئا أدعو به فقال : إذا بلغت البيت الحرام فضع يدك على الحائط ، ثم قل : يا سابق الفوت ، ويا سامع الصوت ، ويا كاسي العظام لحما بعد الموت ، ثم ادع بما شئت فقال له سفيان شيئا لم أفهمه ، فقال له : يا سفيان إذا جاءك ما تحب فأكثر من الحمد ، وإذا جاءك ما تكره فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله ، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، قال : حدثنا أحمد بن علي الأبار ، قال : حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، قال : حدثنا عنبسة الخثعمي ، وكان من الأخيار قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : إياكم والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب وتورث النفاق .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، قال : حدثنا الحسين بن عصمة ، قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن المقدام الرازي ، قال وقع الذباب على المنصور فذبه عنه ، فعاد ، فذبه حتى أضجره فدخل جعفر بن محمد فقال له المنصور يا أبا [ ص: 93 ] عبد الله لم خلق الله الذباب؟ قال : ليذل به الجبابرة .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، قال : حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أبو زرعة ، قال : حدثنا عبد الرحيم بن مطرف ، قال : حدثنا عمرو بن محمد عن شيخ لهم يكنى أبا عبد الله عن جعفر بن محمد قال لما دخل معهما البيت - يعني يوسف - كان في البيت صنم من ذهب ، أو من غيره فقالت : كما أنت حتى أغطي الصنم فإني أستحيي منه ، فقال يوسف هذه تستحيي من الصنم فأنا أحق أن أستحيي من الله قال فكف عنها أو تركها .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا علي بن رستم قال : سمعت أبا مسعود يقول : قال جعفر بن محمد إذا بلغك عن أخيك شيء يسوؤك فلا تغتم; فإنه إن كان كما يقول : كانت عقوبة عجلت ، وإن كان على غير ما يقول : كانت حسنة لم تعملها ، قال : وقال موسى عليه السلام : يا رب أسألك أن لا يذكرني أحد إلا بخير قال : ما فعلت ذلك بنفسي ؟ إلى هنا عن أبي نعيم عن شيوخه ،

                                                                          وقال سويد بن سعيد : قال الخليل بن أحمد صاحب العروض : سمعت سفيان بن سعيد الثوري يقول : قدمت إلى مكة فإذا أنا بأبي عبد الله جعفر بن محمد قد أناخ بالأبطح فقلت : [ ص: 94 ] يا ابن رسول الله ، لم جعل الموقف من وراء الحرم ، ولم يصير في المشعر الحرام؟ فقال : الكعبة بيت الله عز وجل ، والحرم حجابه ، والموقف بابه ، فلما قصده الوافدون ، أوقفهم بالباب ، يتضرعون ، فلما أذن لهم بالدخول ، أدناهم من الباب الثاني ، وهو المزدلفة ، فلما نظر إلى كثرة تضرعهم ، وطول اجتهادهم ، رحمهم ، فلما رحمهم أمرهم بتقريب قربانهم ، فلما قربوا قربانهم ، وقضوا تفثهم ، وتطهروا من الذنوب التي كانت حجابا بينه وبينهم ، أمرهم بالزيارة ببيته على طهارة منهم له ، قال : فقال له : فلما كره الصوم أيام التشريق؟ فقال : إن القوم في ضيافة الله عز وجل ولا يجب على الضيف أن يصوم عند من أضافه؟ قال : قلت : جعلت فداك فما بال الناس يتعلقون بأستار الكعبة ، وهي خرق لا تنفع شيئا؟ فقال ذلك مثل رجل بينه وبين رجل جرم فهو يتعلق به ويطوف حوله رجاء أن يهب له ذلك الجرم .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن علي بن أحمد ابن البخاري المقدسي ، قال : أنبأنا أبو محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم ابن الطويلة ، وأبو القاسم سعيد بن محمد بن محمد بن عطاف الهمداني ، كتابة من بغداد قالا : أخبرنا الحافظ أبو القاسم [ ص: 95 ] إسماعيل بن عمر بن أحمد بن السمرقندي ، قال : حدثني محمد بن أبي نصر الحميدي ، قال : أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن عيسى القيسي المالكي بقراءتي عليه في منزله بالفسطاط ، قال : أخبرنا عبد الكريم بن أحمد بن علي بن أبي جدار قراءة عليه ، قال : حدثنا أبو علي الحسن بن رخيم ، قال : حدثنا هارون بن أبي الهيذام ، قال : أخبرنا سويد بن سعيد فذكره .

                                                                          وقال عيسى بن أبي حرب الصفار : عن الفضل بن الربيع ، عن الربيع : دعاني المنصور أمير المؤمنين فقال : إن بني جعفر بن محمد الصادق يلحد في سلطاني ، قتلني الله إن لم أقتله ، قال : فأتيته فقلت : أجب أمير المؤمنين قال فتطهر ، ولبس ثيابا أحسبه قال : جددا فأقبلت به فاستأذنت له ، فقال : أدخله قتلني الله إن لم أقتله فلما نظر إليه مقبلا قام من مجلسه فتلقاه ، وقال مرحبا بالنقي الساحة البريء من الدغل ، والخيانة أخي وابن عمي فأقعده على سريره معه ، وأقبل عليه بوجهه وسأله عن حاله ، ثم قال سلني حوائجك فقال : أهل مكة والمدينة قد بخلت عليهم عطاءهم فتأمر لهم به قال أفعل ، ثم [ ص: 96 ] قال يا جارية إيتني بالمتحفة فأتته بمدهن زجاج فيه غالية فغلفه بيده وانصرف فاتبعته فقلت : يا ابن رسول الله : أتيت بك ولا أشك أنه قاتلك ، وكان منه ما رأيت ، وقد رأيتك تحرك شفتيك بشيء عند الدخول فما هو؟ قال قلت : اللهم احرسني بعينك التي لا تنام ، واكنفني بركنك الذي لا يرام ، واحفظني بقدرتك علي ، ولا تهلكني وأنت رجائي ، رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري ، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري ؟ فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني ، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني ، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني ، ويا ذا النعماء التي لا تحصى أبدا ، ويا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا ، أعني على ديني بدنيا ، وعلى آخرتي بتقوى ، واحفظني فيما غبت عنه ، ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرت ، يا من لا تضره الذنوب ، ولا تنقصه المغفرة ، اغفر لي ما لا يضرك ، وأعطني ما لا ينقصك ، يا وهاب أسألك فرجا قريبا ، وصبرا جميلا والعافية من جميع البلايا وشكر العافية .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، قال : حدثنا القاضي الشريف أبو الحسين محمد بن علي بن محمد ابن المهتدي بالله ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني المقرئ قال [ ص: 97 ] حدثنا أبو طالب علي بن أحمد الكاتب ، قال : حدثنا عيسى بن أبي حرب الصفار فذكره .

                                                                          قال أبو الحسن المدائني ، وخليفة بن خياط ، والزبير بن بكار ، وغير واحد : مات سنة ثمان وأربعين ومائة ، زاد الزبير : وهو ابن ثمان وخمسين ، وقال أبو بكر الجعابي : رأيت بعض من صنف يذكر أن جعفرا ولد سنة ثمانين ، وكذا قال أبو بكر بن منجويه ، وأبو القاسم اللكائي : أن مولده سنة ثمانين .

                                                                          قال الزبير بن بكار : وقال مالك بن أعين الجهني يرثيه :

                                                                          فيا ليتني ، ثم يا ليتني . شهدت وإن كنت لم أشهد . فآسيت في بثه جعفرا وساهمت في لطف العود . وإن قيل نفسك قلت الفدا وكف المنية بالمرصد . عشية يدفن قيل الندى وغرة زهو بني أحمد .

                                                                          روى له البخاري في الأدب وغيره والباقون [ ص: 98 ] .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية