الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 103 ] الكلام في شروطه [ شروط حكم الأصل ]

                                                      أحدها : أن يكون الحكم الذي أريد تعديته إلى الفرع ثابتا في الأصل ، فإنه لو لم يكن ثابتا فيه بأن لم يشرع فيه ابتداء أو شرع لكن نسخ لم يمكن بناء حكم الفرع عليه . ومن فروع هذا الشرط أنه لا يقاس على حكم منسوخ في ذلك الحكم ، لأن المقصود من القياس إثبات مثل حكم القياس في الفرع ، فإذا كان الحكم غير ثابت بالشرع استحال أن يثبت له مثل بالقياس ، لأن نسخ الحكم يبين عدم اعتبار الشرع للوصف الجامع حينئذ ، وتعدية الحكم فرع على اعتباره .

                                                      واعلم أنه قد مر في باب النسخ عن الحنفية إنه إذا نسخ حكم الأصل يبقى حكم الفرع ، لكن حيث كان الأصل معمولا به ، ثم رأيت هذا الجمع لشارح " اللمع " فقال : المذكور في النسخ هو فيما إذا وقع نسخ الأصل بعد جريان القياس عليه والمذكور في القياس أن نقيس على أصل بعد النسخ في محل النسخ ، كما نقيس على وجوب صوم عاشوراء بعد نسخه وجوب صوم يوم ، بخلاف قياس صوم رمضان على عاشوراء في عدم افتقاره إلى النية ، فإن من سلم وجوبه ابتداء وسلم عدم افتقاره إلى التبييت لم يبعد أن يستشهد به على رمضان ، فإن المنسوخ الوجوب ، وليس القياس في [ ص: 104 ] الوجوب ، ولكنه في عدم دلالة الوجوب إلى الافتقار إلى النية . قال ابن دقيق العيد : نعم هنا إشكال في شيء ، وهو أن يكون الحكم ثابتا ويلزمه من اللوازم التي لا يلزم ارتفاعها بارتفاع خصوص ذلك الحكم ، فهل يجوز القياس على ذلك اللازم أم لا ؟ مثاله صحة صوم عاشوراء إذا كان واجبا على تقدير تسليم ذلك بنية نهارية ، فإذا نسخ عاشوراء بخصوصه لم يلزم منه نسخ اللازم وهو صحة الصوم الواجب بنية نهارية ، فهل يجوز أن يقاس عليه صوم رمضان الواجب فيصح بنية نهارية ؟ فيه نظر . انتهى .

                                                      ثانيها : أن يكون الحكم شرعيا ليخرج الحكم العقلي واللغوي ، فإنا بتقدير أن يجري القياس التمثيلي فيهما : قياسا شرعيا بل عقليا ولغويا ، وكلامنا في القياس الشرعي .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية