الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة يلتحق بالسبر قولهم : حكم حادث فلا بد له من سبب حادث ، ولا حادث إلا هذا فيتعين إسناده ، وهو معنى قول أصحابنا : الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن إلا أن فيما سبق سبرا في جميع أوصاف المحل ، وهذا في الأوصاف الحادثة خاصة . وقد قيل : على هذه الطريقة لا يلزم من أن يكون الحكم حادثا أن يكون سببه حادثا ، بل قد يكون الحكم حادثا [ ص: 293 ] وسببه متقدما ، كإباحة الوطء في الزوجة عند عدم الحيض وانقطاعه ، فإنه يستند إلى عقد النكاح المتقدم . وكذا تحريم الميتة عند زوال الضرورة مستند إلى السبب الأول . وأمثلته كثيرة ، فالسر فيه أن الحكم تارة ينتفي لانتقاء المقتضى بكماله ، أو لانتفاء جزء من أجزائه ، وتارة ينتفي لفوات شرط أو وجود مانع ، فإذا كان انتفاء الحكم لانتفاء المقتضى بحاله فحدوث الحكم لا يكون إلا لانتفاء سببه ، وإذا كان الانتفاء لغير ذلك ، فحدوث الحكم لا يكون لحدوث سببه ، بل يكون لحدوث جزء السبب ، أو لحدوث الشرط ، أو لانتفاء المانع . وجوابه : أنا لو قدرنا حدوث الحكم مع تقدم سببه كان ذلك على خلاف الأصل ، لأن الأصل المقدر أن ثبوت السبب يلزم منه ثبوت الحكم ، ولهذا صح الاستدلال بثبوت السبب على ثبوت الحكم .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية