الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة

                                                      قال أبو الحسين في " المعتمد " ، وتبعه في " المحصول " : اعلم أن نقض العلة أن يوجد في موضع دون حكمها ، وحكمها ضربان : مجمل ومفصل ، والمجمل ضربان : إثبات ونفي ، فالإثبات المجمل لا ينتقض بنفي مفصل ، والنفي المجمل ينتقض بإثبات مفصل . [ ص: 349 ]

                                                      مثال الأول : أن تعليل قتل المسلم بالذمي بأنهما حران مكلفان محقونا الدم فيتقاصان كالمسلمين ، فينتقض بما إذا قتله خطأ ، وذلك أن نفي القصاص بينهما في قتل الخطأ لا يمنع من صدق القول أن بينهما قصاصا . وإذا صدق الفرق بذلك علم أن ثبوت القصاص لم يرتفع ، فلم ينتف حكم العلة .

                                                      ومثال الثاني : أن يقول : لأنهما مكلفان ، فلم يثبت بينهما قصاص ، فإذا نقض بالمسلمين يثبت بينهما قصاص في قتل العمد انتقضت العلة ، لأن ثبوت القصاص بين شخصين في موضع لا يفيد معه القول بأنه لا قصاص بينهما على الإطلاق .

                                                      وأما الحكم المفصل فإما أن يكون إثباتا أو نفيا ، فالإثبات ينتقض بالنفي المجمل ، مثاله أن يقول : موجبان يثبت بينهما جميعا قصاص في قتل العمد ، وذلك ينتقض بالحر ، لأنه إذا قتل العبد لم يثبت بينهما قصاص ، لأن انتفاء القصاص على الإطلاق يزول ثبوته في بعض الصور . وأما النفي المفصل فلا ينتقض بالإثبات المجمل ، كما نقول : فلم يثبت بينهما قصاص في قتل الخطأ ، لأنه ينتقض بثبوت القصاص بين المسلمين ، لأن ثبوت القصاص في الجملة لا يمنع من انتفائه عنهما في بعض الصور .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية