الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الخامس عشر : يشترط أن تكون وصفا مقدرا خلافا للرازي . قال الهندي : ذهب الأكثرون إلى أنه لا يجوز التعليل بالصفات المقدرة ، خلافا للأقلين من المتأخرين ، كقولنا : جواز التصرفات نحو البيع والهبة معلل بالملك ، ولا وجود له في نظر العقل والحس ، فيقدر له وجود في نظر الشرع ، لئلا يلزم أن يكون الحكم معللا بما لا وجود له حقيقة ولا تقديرا ، فيكون عدما محضا ونفيا صرفا ، وهو ممتنع . فنقول : الملك معنى مقدر [ ص: 188 ] شرعي في المحل ، أثره جواز التصرفات وغيرها . قلت : وكتعليل العتق عن الغير بتقدير الملك . هذا إذا قيل بالمقدرات فإن الإمام فخر الدين أنكر وجودها في الشرع ، قال : ليس الولاء للمعتق عنه بتقدير الملك له ، وأنكر تقدير الأعيان في الذمة . قال صاحب " التنقيح " : وهذا بعيد ، فإنه لا يكاد يوجد باب من أبواب الفقه يعرى عنها . ألا ترى أنه لو أسلم على إردب قمح صح العقد مع أنه غير معين ، فلا بد أن يكون مقدرا في الذمة وإلا لكان عقدا بلا معقود عليه ، وكذا إذا باعه بلا ثمن .

                                                      وكذلك الإجارة لا بد من تقدير منافع في الأعيان حتى يصح أن يكون موردا للعقد . وكذلك الوقف والعارية لا بد من تخيل ذلك فيها . وكذلك الصلح على الدين وغيره ، ولا بد من تخيل ذلك عليه . وإذا لم يقدر الملك للمعتق عنه كيف يصح القول ببراءة ذمته من الكفارة التي عتق عنها ؟ فكيف يكون له الولاء في غير عبد يملكه محققا ؟ فتعين أن يكون مقدرا . والتصوير في هذا الباب كثير .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية