الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 52 ] أقسام القياس الخفي ]

                                                      وأما القياس الخفي فقسمه الماوردي والروياني أيضا إلى ثلاثة أقسام :

                                                      أحدها : ما خفي معناه فلم يعرف إلا بالاستدلال ويكون معناه لائحا ، وتارة يكون الاستدلال متفقا عليه ، كقوله تعالى : { حرمت عليكم أمهاتكم } الآية فكانت عمات الآباء والأمهات في التحريم قياسا على الأمهات ، لاشتراكهن في الرحم ، وكقوله تعالى في نفقة الولد في صغره : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } فكانت نفقة الوالدين عند عجزهما في كبرهما قياسا على نفقة الولد لصغره . والمعنى في هذا الضرب لائح لتردده بين الجلي والخفي ، وهو من ضروب الخفي بمنزلة الأول من ضروب الجلي ، ويجوز أن ينعقد الإجماع بمثله ، وهل ينقض حكم الحاكم إذا خالف في جواز تخصيص العموم ؟ وجهان .

                                                      الثاني : أن يكون معناه غامضا للاستدلال المختلف فيه ، كتعليل الربا في البر المنصوص عليه بالقوت ليقاس عليه كل مأكول ، فهذا لا ينتقض فيه الحكم ولا يخص به العموم .

                                                      الثالث : ما يكون شبها وهو ما احتاج في نصه ومعناه إلى استدلال كالذي { قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخراج بالضمان } ، يعرف بالاستدلال أن الخراج هو النفقة ، وأن الضمان هو ضمان النفقة ثم عرف معنى النفقة بالاستدلال فتقابلت المعاني بالاختلاف فيها ، فمن معلل لها بأنها آثار فلم يجعل المشتري إذا رد بالعيب مالكا للأعيان من الثمار والنتاج ، ومن معلل بأنها ما خالفت أجناس أصولها فجعل مالكا للثمار دون النتاج ، وعللها الشافعي بأنها ما يجعل مالكا لكل ثمار من ثمار ونتاج ، فمثل هذا ينعقد الإجماع في حكم أصله ولا ينعقد في معناه ، ولا يقضى بقياس حكمه ، ولا يخص به عموم وهو أضعف مما قبله .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية