الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      المناسبة تنقسم باعتبار شهادة الشرع لها بالملائمة والتأثير وعدمها إلى ثلاثة أقسام ، لأنه إما أن يعلم أن الشارع اعتبره ، أو يعلم أنه ألغاه ، أو لا يعلم واحد منهما . [ ص: 273 ] القسم الأول ما علم اعتبار الشرع له

                                                      والمراد بالعلم الرجحان ، والمراد بالاعتبار إيراد الحكم على وفقه ، لا التنصيص عليه ولا الإيماء إليه ، وإلا لم تكن العلية مستفادة من المناسبة ، وهو المراد بقولهم : شهد له أصل معين . قال الغزالي في شفاء العليل " : المعنى بشهادة أصل معين للوصف أنه مستنبط منه ، من حيث إن الحكم أثبت شرعا على وفقه . وله أربعة أحوال ، لأنه إما أن يعتبر نوعه في نوعه أو في جنسه ، أو جنسه في نوعه أو جنسه .

                                                      الحالة الأولى : أن يعتبر نوعه في نوعه : من خصوص الوصف في خصوص الحكم ، وعمومه في عمومه ، كقياس القتل بالجارح على المثقل في وجوب القصاص ، بجامع كونه قتلا عمدا عدوانيا ، فإنه قد عرف تأثير خصوص كونه قتلا عمدا عدوانا في خصوص الحكم ، وهو وجوب القصاص في النفس في المحدد . وهذا القسم يسمى بالمناسب الملائم ، وهو متفق عليه بين القياسيين .

                                                      الحالة الثانية : أن يعتبر نوعه في جنسه : كقياس تقديم الإخوة الأشقاء على الإخوة من الأب في النكاح على تقديمهم عليهم في الإرث والصلاة ، فإن الإخوة من الأب والأم نوع واحد في الصورتين ، ولم يعرف تأثيره في التقديم في ولاية النكاح ، لكن عرف تأثيره في جنسه وهو التقدم عليهم فيما يثبت لكل واحد منهم عن عدم الأمر ، كما في الإرث والصلاة . وهذا القسم دون ما قبله ، لأن المقارنة بين المسألتين بحسب اختلاف المحلين أقل من المقارنة بين نوعين مختلفين .

                                                      الحالة الثالثة : أن يعتبر جنسه في نوعه : كقياس إسقاط القضاء عن الحائض على إسقاط قضاء الركعتين [ ص: 274 ] الساقطتين عن المسافر ، بتعليل المشقة والمشقة جنس ، وإسقاط قضاء الصلاة نوع واحد يستعمل على صنفين : إسقاط قضاء الكل ، وإسقاط قضاء البعض ، وقد ظهر تأثيرها في هذا النوع ضرورة تأثيرها في إسقاط قضاء الركعتين . وهذا والذي قبله متقاربان ، لكن هذا أولى ، لأن الإيهام في العلة أكثر محذورا من الإيهام في المعلول .

                                                      الحالة الرابعة : اعتبار جنس الوصف في جنس الحكم : وهو كتعليل كون حد الشرب ثمانين ، فإنه مظنة القذف ضرورة أنه مظنة الافتراء ، فوجب أن يقام مقامه ، قياسا على الخلوة ، فإنها لما كانت مظنة الوطء أقيمت مقامه في الحرمة . وهذا القسم كالأول . ولقائل أن يقول : كان الوفاء بإقامة المظنة مقام المظنون وجوب الحد بالخلوة ، ولا قائل به .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية