الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 212 ] و ( منها ) شرط قوم أن تكون العلة ذات وصف ، كالإسكار في تحريم الخمر . والمختار جواز تعدد الوصف ووقوعه كالقتل العمد العدوان للقصاص . ونسبه الهندي للمعظم ، وحكى الأستاذ أبو منصور إجماع القياسين وصور المسألة بالعلل الشرعية فقال : وإنما اختلفوا في العقلية فقال الشيخ أبو الحسن الأشعري : لا يجوز تركيبها من وصفين فأكثر ( قال ) : وأجازه الباقون من أصحابنا ( قال ) : وكذلك الحدود امتنع من تركيبها الأشعري وأجازه الباقون وهو الصحيح . وحيث قلنا بالتركيب فقيل لا يتعدى خمسة ، وحكاه الشيخ أبو إسحاق عن أبي عبد الله الجرجاني الحنفي ، ونصره أبو إسحاق الإسفراييني في كتاب شرح الترتيب فقال : لم أسمع أهل الاجتهاد زادوا في العلة على خمسة أوصاف ، بل إذا بلغت خمسة استثقلوها ولم يتمموها وقال في كتابه : أقواها ما تركب من وصفين ثم يليه الثلاثة ، ثم الأربعة ، ثم الخمسة ولم أر لأحد من المتقدمين زيادة عليه .

                                                      ويخرج ذلك عن الأقسام والضبط إذا كثرت الأوصاف . وحكى في المحصول عن الشيخ أبي إسحاق ، أنه حكى عن بعضهم أنه لا يجوز زيادتها على سبعة لكن نقل في رسالته " البهائية " عنه عن بعضهم أنها لا تزيد على خمسة ، وهذا هو الصواب عن حكاية الشيخ . نعم ، قول عدم الزيادة على السبعة محكي أيضا ، حكاه ابن الفارض في كتابه عن جماعة ، قال الإمام الرازي : وهذا التقدير لا أعرف له حجة . وقال صاحب [ ص: 213 ] التنقيح : غاية ما يتوقف عليه الحكم سبعة قال ابن عقيل : وقد قال أصحابنا وأصحاب الشافعي : من كان بقرب مصر يجب عليه الحضور ، إذا سمع النداء حر ، مسلم ، صحيح ، مقيم ، في موطن يبلغه النداء ، في موضع تصح فيه الجمعة فهو كالمقيم في مصر ( قال ) وهذا يتضمن سبعة أوصاف . ولما ذكر الأستاذ أبو إسحاق ترتيبها على ما سبق قال : وإنما قدم ما قل وصفه على ما كثر منه للحاجة فيما كثر وصفه إلى زيادة الاجتهاد وجواز الخطأ وسلامة ما قل وصفه في أحد مواضعه عنه ، لأنه يكون بمنزلة النص والعموم والظاهر الصريح والمحتمل إذا وقع التعارض بينه . وقال إلكيا : يجوز أن يكون التعليل أوصافا ، ويجوز أن يكون واحدا وفيه إخالة ، ثم هذا المعنى يقتضي إفراد كل وصف بالتعليل لأنه إذا كان مخيلا كفى ذلك . وقد يمتنع الإجماع ولا يهتدي العقل أن الوصف مخيل ، لكن يجب ألا يكتفي بأنه ليس كالإخالة المعتبرة في العلة التي ليس لها وصف واحد وقد يكون أحدهما وصفا والآخر مخيلا وإنما يعلم كونه مخيلا بأن لا يؤثر في الحكم أصلا ولكن يؤثر في العلة لتعظيم وقعها ، أو لا يكون مؤثرا في الحكم والعلة فيكون علما محضا ، وهذا هو الذي يلقب بالشرط والشرط العلامة .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية