الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      سابعها : أن لا نكون متعبدين في ذلك الحكم بالقطع ، فإن تعبدنا بالقطع لم يجز القياس لأنه لا يفيد غير الظن فلا يحصل به العلم ، لأن الفرع لا يكون أقوى من الأصل وحينئذ يتعذر القياس ، كإثبات كون خبر الواحد حجة بالقياس على قبول الشهادة والفتوى على رأي من يزعم أنه من المسائل العلمية . وذكره الآمدي في جدله " والهندي في " النهاية " والبرهان المطرزي في " العنوان " وفيه نظر . إذ يمتنع أن يكون حكم الأصل مقطوعا به تعدى إلى غيره بجامع شبهي ، فيكون حصوله في الفرع مظنونا . وليس من ضرورة القياس أن يكون حكم الفرع مساويا لحكم الأصل إذ قد نصوا على التفاوت بينهما وأن حكم الفرع تارة يكون مساويا ، وتارة أقوى ، وتارة [ ص: 118 ] أضعف . هذا إذا كان القياس شبيها ، فإن كان قياس العلة فنحن لا نقيس إلا إذا وجدت علة الأصل في الفرع ، وإذا وجدت فيه أثرت مثل حكم الأصل فيكون مقطوعا به أيضا . وكذلك قياس الدلالة لأن الدليل يفيد وجود المدلول ، فدلالة علة الأصل إذا وجدت في الفرع دلت على وجود العلة في الفرع قطعا . وكان القياس قطعا متفقا عليه . وقد ضعف الإبياري القول بالمنع . وقال : بل ما يتعد فيه بالعلم جاز أن يثبت بالقياس الذي يفيد العلم . وقد قسمه المحققون إلى :

                                                      ما يفيد العلم : وقالوا : إنه يصح أن ينسخ به النص المتواتر ، ولهذا قال الفقهاء ينقض قضاء القاضي إذا خالف القياس الجلي ، فأجروه مجرى المقطوع به .

                                                      وقال ابن دقيق العيد في " شرح العنوان " : لعل هذا الشرط مبني على أن دليل القياس ظني ، وإلا إذا علمنا أنه قطعي وعلمنا العلة قطعا ووجودها في الفرع قطعا فقد علمنا الحكم قطعا . ونقل بعضهم الخلاف في هذه المسألة على قولين . وقال الإمام فخر الدين : عندي أن هذا الخلاف لا ينبغي أن يقع في الجواز الشرعي ، فإنه لو أمكن تحصيل اليقين بعلة الحكم ثم تحصيل اليقين بأن تلك العلة حاصلة في هذه الصورة لحصل العلم اليقيني بأن حكم الفرع مثل حكم الأصل . بل ينبغي أن يقع البحث في أنه يمكن تحصيل هذين اليقينين في الأحكام الشرعية أم لا ؟ وأما الذي طريقه الظن فلا خلاف في جواز استعمال القياس فيه . قال الهندي : لو حصل العلم بالمقدمتين على الندور لم يمتنع إثباته بالقياس التمثيلي لكونه لا يكون قياسا شرعيا مختلفا فيه قال : وهذا يستقيم إن أريد به تعريف الحكم الذي هو ركن في القياس الظني الذي هو مختلف فيه ، فأما إن أريد به تعريف الحكم الذي هو ركن في القياس كيف كان ، فلا يستقيم ذلك بل يجب حذف قيد العلم عنه .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية