الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      التنبيه الرابع :

                                                      قسم إلكيا السبر إلى ما يستعمل في القطعيات وهو المفضي إلى اليقين بأن يكون حاصرا يقينا ، بالدور بين النفي والإثبات . ( قال ) : وهو الملقب ب " برهان الخلف " وكان العقل دالا على أن الحق أحدهما ، فإذا بان بطلان أحدهما تعين الثاني للصحة ، فقد قام دليل الثاني على الخصوص ببطلان ضده ، وإلى ما يستعمل في الظنيات ، ولا يخلو إما أن يكون المقصود إثبات حكمه أو دليله .

                                                      والأول يكفي فيه انتهاء السبر إلى حد الظن ، سواء كان في شيئين أو أشياء ، لأن الظن لا يختص بالنفي والإثبات ، بل قد يقع بين شيئين متعاقبين ، كقولنا : الإيلاء لا يخلو إما أن يوجب التوقف عند انقضاء المدة أو البينونة ، فلما قام الدليل على أن مضي المدة لا يوجب البينونة دل على أنه يوجب التوقف ، إذ لا حكم بينهما . ثم طريق إبطال أحدهما بين . ومسألة اتفاق العلماء على قولين تقتضي أن الحكم لا يخرج عنهما ، فإذا بطل أحدهما ثبت الآخر .

                                                      والثاني ما علم أن بطلان دليل الحكم دليل على صحة العلل ، إلا أن يتفق على كونه معللا ثم يسبر ما عدا العلة التي يذهب إليها ويبطله فتصح [ ص: 292 ] علته ، وعند ذلك لا يشترط الدليل عليه ، بل يكفي ذكر مجرد الوصف . وقيل : إذا لم يكن مقطوعا به فلا بد من النظر إلى تلك العلة فعساها تبطل هذا فينظر في غيرها . وهذا بعيد فإن السبر لا يفيد على هذا التقدير . ومقصودنا أن الظن يحصل عند ذلك بمجرد السبر ، وإذا بطل ذلك فقد ظن قوم أن هذا يعسر وجوده ولا بعد عندنا في تقديره فإن العلماء يتفقون على تعليل الربا ، وإذا ثبت سبرا غير الطعم والكيل ثبت ما بقي .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية