الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 64 ] النوع الرابع قياس الدلالة وهو أن يكون الجامع وصفا لازما من لوازم العلة ، أو أثرا من آثارها ، أو حكما من أحكامها ، سمي بذلك لكون المذكور في الجميع دليل العلة لا نفس العلة فالأول : كقياس النبيذ على الخمر بجامع الرائحة الملازمة . والثاني : كقولنا في القتل بالمثقل قتل أثم به صاحبه من حيث كونه قتلا ، فوجب فيه القصاص كالجارح ، فكونه إثما ليس هو بعلة بل أثر من آثارها . والثالث : كقولنا في مسألة قطع الأيدي باليد الواحدة إنه قطع موجب لوجوب الدية عليهم فيكون موجبا لوجوب القصاص عليهم ، كما لو قتل جماعة واحدا فوجوب الدية على الجماعة ليس نفس العلة الموجبة للقصاص بل حكم من أحكام العلة الموجبة للقصاص ، بدليل اطرادها وانعكاسها ، كما في القتل العمد العدوان والخطأ وشبه العمد . [ ص: 65 ] واختلف فيه هل هو قسم برأسه ، أو هو دائر بين المعنى والشبه ؟ وقال الإمام : قياس الدلالة هو ما اشتمل على ما لا يناسب بنفسه ولكنه يدل على معنى جامع ، ثم قال : ولا معنى لعده قسما على حياله ، فإنه يقع تارة منبئا عن معنى ، وتارة عن شبه ، وهو في طوريه لا يخرج عن قياس المعنى أو الشبه . وقال الغزالي في " معياره " : الحد الأوسط إذا كان علة للأكبر سماه الفقهاء " قياس العلة " وسماه المنطقيون " برهان اللم " أي : ذكر ما يجاب به عن لم . وإن لم يكن علة سماه الفقهاء " قياس الدلالة " وسماه المنطقيون " قياس البرهان " أي هو دليل على أن الحد الأكبر موجود في الأصغر من غير بيان علة . فالأول : كقولك : هذا الإنسان شبعان لأنه أكل الآن ، وقياس الدلالة عكسه ، وهو أن يستدل بالنتيجة على المنتج فيقول شبعان فإذا هو قريب العهد بالأكل وقياس العلة : هذه عين نجسة فلا تصح الصلاة معها ، وفي قياس الدلالة : هذه عين ليست تصح الصلاة معها فإذا هي نجسة .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية