المذهب الثالث : في أصل المسألة : إن تمسك به الناظر ، أي المجتهد ،  كان حجة في حقه إن حصل غلبة الظن ، وإلا فلا . أما المناظر فيقبل منه مطلقا ، واختاره في المستصفى . وقد نص في القواطع القول بقياس الشبه وبين أنه يفيد غلبة الظن وقال : لا ينكره إلا معاند . ( ثم قال ) : والحاصل أن التأثير لا بد منه ، إلا أن التأثير قد يكون بمعنى ، وقد يكون بحكم ، وقد يكون بغلبة شبه ، فإنه رب شبه أقوى من شبه آخر ، وأولى بتعليق الحكم به ، لقوة أمارته ، والشبه يعارضه شبه آخر ، وربما ظهر فضل قوة أحدهما على الآخر ، وربما يخفى . ويجوز رجوع الشبهين إلى أصل واحد ويجوز إلى أصلين ، فلا بد من قوة نظر المجتهد في هذه المواضع . وكذا قال  القاضي أبو حامد المروزي  في أصوله : إنا لا نعني بقياس الشبه أن يشبه الشيء بالشيء من وجه أو أكثر من وجه ، لأنه ليس في العالم شيء إلا وهو يشبه شيئا آخر من وجه أو أكثر من وجه ، لكن يعتبر أن لا يوجد شيء أشبه به منه ، فلا يوجد شيء من الوضوء بالتيمم ، وكذا القصاص في الطرف بالقصاص في النفس ، أو على العكس . وهذا لأن إلحاق الشيء بنظائره وإدخاله في سلكه أصل عظيم ، فإذا لم يكن شيء أشبه منه به لم يكن بد من إلحاقه به . قال : وهذا الذي قاله  القاضي أبو حامد  ، تقريب حسن وهو عائد إلى ما ذكرناه . قال : وينبغي الاعتناء أولا بالمعاني ، فإن تعذرت وأعوزت فحينئذ ينبغي الرجوع إلى قياس الشبه على الطريقة السابقة فلا بأس بذلك . انتهى . وهذا الذي قاله محل  [ ص: 305 ] وفاق بين القائلين بقياس الشبه في أنه لا يرجع إليه إلا عند تعذر قياس العلة ، وهو في الحقيقة قول من قال : إنه لا يرجع إليه إلا عند الضرورة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					