الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ تقدم العلة على المعلول في العقليات ]

                                                      العلة متقدمة على المعلول في الأمور العقلية ، فإنا نعلم قطعا أن حركة الخاتم متفرعة عن حركة الإصبع ، وليست حركة الأصبع متفرعة عن حركة الخاتم ، وأما الشرعية فقال الأصفهاني : هو كذلك لكن يفترقان من جهة [ ص: 155 ] أن العقلية تفعل بذاتها والشرعية يجعل الشارع إياها موجبا أو علة على الخلاف . واعلم أنه لا خلاف أن العلة تتقدم على المعلول في الرتبة . واختلفوا هل تسبقه في الزمان أو تقارنه ؟ على مذاهب :

                                                      أحدها : وعليه الأكثر من المعتزلة والفقهاء أنها تقارنه واستدل عليه بقوله تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها } وزعم بعضهم أن ذلك في العقليات مجمع عليه ، وكلام الرافعي في كتاب الطلاق يقتضي ترجيحه فإنه قال : الذي ارتضاه الإمام ونسب إلى المحققين أن المعلق بالصفة يقع مع وجودها ، فإن الشرط علة وضعية ، والطلاق معلول لها مقارن في الوجود ، كالعلة العقلية مع معلولها . انتهى : وقال في الروضة : إنه الصحيح وأجاب الرافعي رحمه الله تعالى عن قول القائل : إن جئتني أكرمتك . أن الإكرام فعل لا يتصور إلا متأخرا عن المجيء فلزم الترتيب ضرورة ، وقد يقال : هذا لا يرد لأن الكلام في معلول يترتب على العلة عند وجود المعلق بنفسه وما ذكروه ترتيب إنشاء فعل على وقوع شيء وهو يتأخر عنه ضرورة . أما وقوع الطلاق فإنه حكم شرعي لا يفتقر إلى زمان مخصوص فسبيله سبيل العلة مع المعلول .

                                                      والثاني : أنها معه . وللرافعي إليه صغو ظاهر .

                                                      والثالث : أن العقلية تقارن معلولها لكونها مؤثرة بذاتها ، والوضعية تسبق المعلول ، والشرعية من الوضعية . حكاه ابن الرفعة في كتاب الطلاق من " المطلب " .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية