مسألة [ تقدم العلة على المعلول في العقليات ]
nindex.php?page=treesubj&link=21762العلة متقدمة على المعلول في الأمور العقلية ، فإنا نعلم قطعا أن حركة الخاتم متفرعة عن حركة الإصبع ، وليست حركة الأصبع متفرعة عن حركة الخاتم ، وأما الشرعية فقال
الأصفهاني : هو كذلك لكن يفترقان من جهة
[ ص: 155 ] أن العقلية تفعل بذاتها والشرعية يجعل الشارع إياها موجبا أو علة على الخلاف . واعلم أنه لا خلاف أن العلة تتقدم على المعلول في الرتبة . واختلفوا هل تسبقه في الزمان أو تقارنه ؟ على مذاهب :
أحدها : وعليه الأكثر من
المعتزلة والفقهاء أنها تقارنه واستدل عليه بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=42الله يتوفى الأنفس حين موتها } وزعم بعضهم أن ذلك في العقليات مجمع عليه ، وكلام
الرافعي في كتاب الطلاق يقتضي ترجيحه فإنه قال : الذي ارتضاه
الإمام ونسب إلى المحققين أن المعلق بالصفة يقع مع وجودها ، فإن الشرط علة وضعية ، والطلاق معلول لها مقارن في الوجود ، كالعلة العقلية مع معلولها . انتهى : وقال في الروضة : إنه الصحيح وأجاب
الرافعي رحمه الله تعالى عن قول القائل : إن جئتني أكرمتك . أن الإكرام فعل لا يتصور إلا متأخرا عن المجيء فلزم الترتيب ضرورة ، وقد يقال : هذا لا يرد لأن الكلام في معلول يترتب على العلة عند وجود المعلق بنفسه وما ذكروه ترتيب إنشاء فعل على وقوع شيء وهو يتأخر عنه ضرورة . أما وقوع الطلاق فإنه حكم شرعي لا يفتقر إلى زمان مخصوص فسبيله سبيل العلة مع المعلول .
والثاني : أنها معه .
وللرافعي إليه صغو ظاهر .
والثالث : أن العقلية تقارن معلولها لكونها مؤثرة بذاتها ، والوضعية تسبق المعلول ، والشرعية من الوضعية . حكاه
ابن الرفعة في كتاب الطلاق من " المطلب " .
مَسْأَلَةٌ [ تَقَدُّمُ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ ]
nindex.php?page=treesubj&link=21762الْعِلَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْمَعْلُولِ فِي الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ ، فَإِنَّا نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ حَرَكَةَ الْخَاتَمِ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ حَرَكَةِ الْإِصْبَعِ ، وَلَيْسَتْ حَرَكَةُ الْأُصْبُعِ مُتَفَرِّعَةً عَنْ حَرَكَةِ الْخَاتَمِ ، وَأَمَّا الشَّرْعِيَّةُ فَقَالَ
الْأَصْفَهَانِيُّ : هُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يَفْتَرِقَانِ مِنْ جِهَةِ
[ ص: 155 ] أَنَّ الْعَقْلِيَّةَ تُفْعَلُ بِذَاتِهَا وَالشَّرْعِيَّةُ يَجْعَلُ الشَّارِعُ إيَّاهَا مُوجِبًا أَوْ عِلَّةً عَلَى الْخِلَافِ . وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْعِلَّةَ تَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَعْلُولِ فِي الرُّتْبَةِ . وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَسْبِقُهُ فِي الزَّمَانِ أَوْ تُقَارِنُهُ ؟ عَلَى مَذَاهِبَ :
أَحَدُهَا : وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ
الْمُعْتَزِلَةِ وَالْفُقَهَاءِ أَنَّهَا تُقَارِنُهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=42اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا } وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، وَكَلَامُ
الرَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ فَإِنَّهُ قَالَ : الَّذِي ارْتَضَاهُ
الْإِمَامُ وَنُسِبَ إلَى الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالصِّفَةِ يَقَعُ مَعَ وُجُودِهَا ، فَإِنَّ الشَّرْطَ عِلَّةٌ وَضْعِيَّةٌ ، وَالطَّلَاقُ مَعْلُولٌ لَهَا مُقَارَنٌ فِي الْوُجُودِ ، كَالْعِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا . انْتَهَى : وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ : إنَّهُ الصَّحِيحُ وَأَجَابَ
الرَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : إنْ جِئْتَنِي أَكْرَمْتُكَ . أَنَّ الْإِكْرَامَ فِعْلٌ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مُتَأَخِّرًا عَنْ الْمَجِيءِ فَلَزِمَ التَّرْتِيبُ ضَرُورَةً ، وَقَدْ يُقَالُ : هَذَا لَا يَرِدُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَعْلُولٍ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعِلَّةِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِنَفْسِهِ وَمَا ذَكَرُوهُ تَرْتِيبُ إنْشَاءِ فِعْلٍ عَلَى وُقُوعِ شَيْءٍ وَهُوَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ ضَرُورَةً . أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لَا يَفْتَقِرُ إلَى زَمَانٍ مَخْصُوصٍ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَعْلُولِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا مَعَهُ .
وَلِلرَّافِعِيِّ إلَيْهِ صَغْوٌ ظَاهِرٌ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّ الْعَقْلِيَّةَ تُقَارِنُ مَعْلُولَهَا لِكَوْنِهَا مُؤَثِّرَةً بِذَاتِهَا ، وَالْوَضْعِيَّةُ تَسْبِقُ الْمَعْلُولَ ، وَالشَّرْعِيَّةُ مِنْ الْوَضْعِيَّةِ . حَكَاهُ
ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ " الْمَطْلَبِ " .