الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    2 - باب الاغتسال يوم الجمعة وفضل الغسل فيه حديث أبي سعيد، وتقدم في الباب قبله، وفيه حديث أبي أيوب، وسيأتي في باب الزينة والطيب، وحديث ابن عمر ، وسيأتي في باب فضل الصلاة على الجنازة .

                                                                                                                                                                    [ 1475 ] وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم : "من غسل واغتسل، وغدا وابتكر، ودنا فاقترب، واستمع وأنصت كان له بكل خطوة قيام سنة وصيامها " .

                                                                                                                                                                    رواه الحارث وأبو يعلى بسند الصحيح .

                                                                                                                                                                    وله شاهد من حديث أوس بن أوس رواه أبو داود الطيالسي ، وأصحاب السنن الأربعة، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما وغيرهم .

                                                                                                                                                                    قال الخطابي: قوله صلى الله عليه وسلم : "غسل واغتسل، وبكر وابتكر " اختلف الناس في معناه:

                                                                                                                                                                    فمنهم من ذهب إلى أنه من الكلام الظاهر الذي يراد به التوكيد، ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين، وقال: ألا تراه يقول في هذا الحديث: "ومشى ولم يركب " ومعناهما واحد، وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد .

                                                                                                                                                                    وقال بعضهم: "غسل " معناه: غسل الرأس خاصة، وذلك لأن العرب لهم لمم وشعور، وفي غسلها مؤنة، فأراد غسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول . وقوله: "واغتسل " معناه: غسل سائر الجسد . [ ص: 264 ]

                                                                                                                                                                    وزعم بعضهم أن قوله: "غسل " معناه: أصاب أهله قبل خروجه إلى الجمعة؛ ليكون أملك لنفسه وأحفظ في طريقه لبصره .

                                                                                                                                                                    وقوله: "بكر وابتكر " زعم بعضهم أن قوله: "بكر " أدرك باكورة الخطبة وهي أولها، ومعنى "وابتكر ": قدم في الوقت . وقال ابن الأنباري: معنى "بكر ": تصدق قبل خروجه، وتأول في ذلك ما روي في الحديث من قوله عليه السلام: "باكروا بالصدقة؛ فإن البلاء لا يتخطاها " .

                                                                                                                                                                    وقال الحافظ أبو بكر بن خزيمة: من قال في الخبر: "غسل واغتسل " - يعني بالتشديد - معناه: جامع فأوجب الغسل على زوجته أو أمته واغتسل . ومن قال: "غسل واغتسل " - يعني: بالتخفيف - أراد غسل رأسه، واغتسل فغسل سائر الجسد؛ لخبر طاوس عن ابن عباس ، ثم روي بإسناده الصحيح إلى طاوس قال: "قلت لابن عباس: زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم وإن لم تكونوا جنبا، ومسوا من الطيب . قال ابن عباس : أما الطيب فلا أدري، وأما الغسل فنعم " .

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية