الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 1851 / 1 ] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قبض العبد المؤمن جاءته ملائكة الرحمة فتسيل نفسه في حريرة بيضاء، فيقولون: ما وجدنا ريحا أطيب من هذه. فيسألونه فيقولون: ارفقوا، فإنه خرج من غم الدنيا. فيقولون: ما فعل فلان؟ ما فعل فلان؟ وأما الكافر فتخرج نفسه فتقول خزنة الأرض: ما وجدنا ريحا أنتن من هذه فيهبط به إلى أسفل الأرض".

                                                                                                                                                                    رواه أبو داود الطيالسي بسند الصحيح.

                                                                                                                                                                    [ 1851 / 2 ] ومسدد موقوفا بسند الصحيح ولفظه: "إن المؤمن حين ينزل به الموت يعاين ما يعاين، يود أنها خرجت، والله يحب لقاء المؤمن تصعد روحه إلى السماء، فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن موتاهم من أهل الأرض، فإذا قال: إن فلانا فارق الدنيا. قيل: ما جيء بروحه إلينا، قد ذهب بروحه إلى النار. وإن المؤمن إذا دخل في القبر سئل: من ربك؟ فيقول: ربي الله. فيقول: من نبيك؟ فيقول: نبيي محمد. فيقال: ما دينك؟ فيقول: الإسلام. ثم يقول: افتحوا له بابا في القبر. فيقال له: انظر إلى مقعدك، ثم يتبعه الله قوما كأنما كانت رقدة. وإذا كان عدوا لله وعاين ما يعاين ود أنها لا تخرج أبدا، والله يبغض لقاءه حتى إذا وضع في القبر فسئل من ربك؟ فيقول: لا أدري. فيقول: لا دريت. قال: من نبيك؟ قال: لا أدري. قال: لا دريت. قال: ما دينك؟ قال: لا أدري. قال: لا دريت. قال: فيضربه ضربة يسمعها كل دابة إلا الإنس. قال: فيقال: نم كما ينام المنهوش - أو المنهوس. قلت: يا أبا هريرة ، ما المنهوش؟ قال: الذي تنهشه الدواب والحيات. قال: وقال أبو هريرة: يضيق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه، وشبك بين أصابعه". [ ص: 440 ]

                                                                                                                                                                    [ 1851 / 3 ] ورواه ابن أبي شيبة بسند الصحيح ولفظه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح قال: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان. قال: فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فتفتح لها، فيقال: من هذا؟! فيقولون: فلان. فيقولون: مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان. قال: فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله - تبارك وتعالى - فإذا كان الرجل السوء قال: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج. قال: فلا تزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيقال: من هذا؟ فيقال: هذا فلان. فيقال: لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، فإنا لا نفتح لك أبواب السماء، فترسل من السماء، ثم تصير إلى القبر، فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشعوف، فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: كنت في الإسلام. فيقال: ما هذا الرجل؟ فيقول: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه. فيقال: هل رأيت الله؟ فيقول: ما ينبغي لأحد أن يرى الله. فتفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله. ثم تفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال: هذا مقعدك. ويقال له: على اليقين كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله. ويجلس الرجل السوء في قبره فزعا مشعوفا، فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري. فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلته فيفرج له قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك. ثم تفرج له فرجة إلى النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، فيقال له: هذا مقعدك، على الشك كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله".

                                                                                                                                                                    رواه أحمد بن منيع والحارث وغيرهما، وستأتي بقية الحديث في باب السؤال في القبر.

                                                                                                                                                                    [ ص: 441 ]

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية