الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    41 - باب السؤال في القبر وما جاء في ضمة القبر وضغطته فيه حديث البراء بن عازب وتميم الداري، وقد تقدما في باب قبض روح المؤمن والكافر.

                                                                                                                                                                    [ 1954 / 1 ] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: "إذا وضع الميت في قبره قال: إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه، والصيام عن يمينه، والزكاة عن يساره، وفعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل. ويؤتى عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي مدخل. ويؤتى عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل. ويؤتى من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قبلي مدخل. فيقال: اجلس فيجلس قد مثلت له الشمس، قد دنت من الغروب، فيقال له: أخبرنا عن هذا الرجل الذي كان فيكم، ماذا تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: دعوني أصلي. فيقال: أخبرنا عما نسألك عنه. أخبرنا عن هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تشهد به عليه؟ فيقول: محمد، أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه جاءنا بالحق من عند الله. فيقال له: على ذلك حييت، وعلى ذلك مت، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله. ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقال له: ذاك مقعدك فيها وما أعد الله لك فيها. فيزداد غبطة وسرورا، ثم يفتح له باب إلى النار فيقال: ذاك مقعدك فيها وما أعد الله لك فيها لو عصيته. فيزداد غبطة وسرورا، ثم يفسح له سبعون ذراعا في قبره وينور له فيه، فذلك قوله تعالى: ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ) الآية، ثم يعاد الجسد لما بدأ منه إلى التراب - قال محمد: فحدثني [ ص: 491 ] عمر بن الحكم بن ثوبان: فنام نومة العروس لا يوقظه إلا أحب أهله إليه. ثم عاد إلى حديث أبي هريرة - قال: وإن كان كافرا أتي من قبل رأسه فلا يوجد له شيء ويؤتى عن يمينه فلا يوجد له شيء ويؤتى عن يساره فلا يوجد له شيء ويؤتى من قبل رجليه فلا يوجد له شيء فيقال له: اجلس فيجلس خائفا مرعوبا، فيقال له: أخبرنا عن هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلت كما قالوا. فيقال: على ذلك حييت، وعلى ذلك مت، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله، ثم يفتح له باب إلى النار، فيقال له: هذا مقعدك منها وما أعد الله لك فيها. فيزداد حسرة وثبورا، ويضيق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له: ذاك مقعدك منها وما أعد الله لك فيها لو أطعته. فيزداد حسرة وثبورا، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه وتلك المعيشة الضنكة التي قال الله - تعالى - : ( معيشة ضنكا ) ".

                                                                                                                                                                    رواه أحمد بن منيع، ورجاله ثقات، وابن حبان في صحيحه بنحوه.

                                                                                                                                                                    [ 1954 / 2 ] والحارث بن أبي أسامة ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا قبر أحدكم - أو قبر الإنسان - أتاه ملكان فيقال لأحدهما: المنكر، والآخر: النكير، فيجلسانه ثم يقولان له: ما تقول في هذا الرجل؟ - يعنيان: النبي صلى الله عليه وسلم قال: فهو قائل لهما ما كان يقول في الدنيا، فإن كان مؤمنا قال: هو عبد الله ورسوله. فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك. قال: ثم يأمران الأرض فتنفسح له سبعين ذراعا في سبعين ذراعا، وينور له في قبره ويقولان له: نم. فيقول: دعوني أرجع إلى أهلي فأخبرهم. فيقولان له: نم نومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه. وإن كان منافقا قال: كنت أسمع الناس يقولون شيئا فكنت أقوله. فيقولان له: قد كنا نعلم أنك كنت تقول ذلك. ثم يأمران الأرض فتنضم عليه حتى تختلف أضلاعه. قال: فلا يزال مرعوبا إلى يوم القيامة". [ ص: 492 ]

                                                                                                                                                                    ورواه أبو داود الطيالسي ومسدد وأبو بكر بن أبي شيبة بسند الصحيح، وتقدم ألفاظهم في باب قبض روح المؤمن والكافر، ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه والبزار وابن حبان في صحيحه مختصرا.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية