الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 1852 / 1 ] وعن تميم الداري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله - تبارك وتعالى - لملك الموت: انظر إلى وليي فائتني به؛ فإني قد ضربته بالسراء والضراء فوجدته حيث أحب، ائتني به فلأريحه قال: فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة، معهم أكفان وحنوط من الجنة، ومعهم ضبائر الريحان، أصل الريحانة واحد، وفي رأسها عشرون لونا، لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك الأذفر، قال: فيجلس ملك الموت عند رأسه، وتحفه الملائكة، ويضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه، ويبسط ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر من تحت ذقنه، ويفتح له باب إلى الجنة، فإن نفسه لتعلل عند ذلك بطرف الجنة، مرة بأزواجها، ومرة بكسوتها، ومرة بثمارها، كما يعلل الصبي أهله إذا بكى. قال: وإن أزواجه لتبتهشن عند ذلك ابتهاشا. قال: وتبرز الروح - قال البرساني: تريد أن تخرج من العجلة إلى ما تحب - قال: ويقول ملك الموت: اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب. قال: ولملك الموت أشد به لطفا من الوالدة بولدها، يعرف أن ذلك الروح حبيبة لربه، فهو يلتمس بلطفه تحببا لربه رضا للرب عنه، فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين. قال: وقال الله - تبارك وتعالى - : ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ) . وقال تعالى: ( فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنت نعيم ) قال: روح من جهد الموت. قال: وريحان يتلقى به. قال: وجنة نعيم مقابلة. قال: فإذا قبض ملك الموت روحه قال الروح للجسد: جزاك الله عني خيرا، فقد كنت سريعا بي إلى طاعة الله بطيئا بي عن معصية الله، فقد نجيت وأنجيت. قال: ويقول الجسد للروح مثل ذلك قال: وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله فيها، وكل باب من السماء يصعد منه عمله أو ينزل منه رزقه أربعين سنة. قال: فإذا قبض ملك الموت روحه أقام الخمسمائة من الملائكة عند جسده، فلا يقلبه بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة قبلهم وعلته [ ص: 442 ] بأكفان قبل أكفان بني آدم، وحنطوه قبل حنوط بني آدم، ويقوم من بين باب بيته إلى باب قبره صفان من الملائكة يستقبلونه بالاستغفار. قال: فيصيح عند ذلك إبليس صيحة يتصدع منها بعض عظام جسده، ويقول لجنوده: الويل لكم، كيف خلص هذا العبد منكم؟ قال: فيقولون: إن هذا كان عبدا معصوما. قال: فإذا صعد ملك الموت بروحه إلى السماء يستقبله جبريل - عليه السلام - في سبعين ألفا من الملائكة، كل ملك يأتيه ببشارة من ربه سوى بشارة صاحبه. قال: فإذا انتهى ملك الموت بروحه إلى العرش. قال: خر الروح ساجدا قال: يقول الله - تبارك وتعالى - لملك الموت: انطلق بروح عبدي هذا فضعه في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب. قال: فإذا وضع في قبره جاءته الصلاة فكانت عن يمينه، وجاءه الصيام فكان عن يساره، وجاءه القرآن والذكر. قال: فكانا عند رأسه، وجاءه مشيه إلى الصلاة فكان عند رجليه، وجاءه الصبر فكان في ناحية القبر. قال: فيبعث الله - تبارك وتعالى - عنقا من العذاب قال: فيأتيه عن يمينه. قال: فتقول الصلاة: وراءك والله ما زال دائبا عمره كله، وإنما استراح الآن حين وضع في قبره. قال: فيأتيه عن يساره فيقول الصيام مثل ذلك. قال: ثم يأتيه من عند رأسه. قال: فيقول القرآن والذكر مثل ذلك. قال: ثم يأتيه من عند رجليه فيقول مشيه إلى الصلاة مثل ذلك. قال: فلا يأتيه العذاب من ناحية يلتمس هل يجد إليه مساغا إلا وجد ولي الله قد أخذ حيطته. قال: فينقمع العذاب عند ذلك فيخرج، قال: ويقول الصبر لسائر الأعمال: أما إنه لم يمنعني أن أباشر أنا بنفسي إلا أني نظرت ما عندكم فإن عجزتم كنت أنا صاحبه، فأما إذ أجزأتم عنه فأنا له ذخر عند الصراط والميزان. قال: فيبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف، وأصواتهما كالرعد القاصف، وأنيابهما كالصياصي، وأنفاسهما كاللهب يطآن في أشعارهما، بين منكب كل واحد منهما مسيرة كذا وكذا، قد نزعت منهما الرأفة والرحمة، يقال لهما: منكر ونكير، في يد كل واحد منهما مطرقة لو اجتمع عليها ربيعة ومضر لم يقلوها. قال: فيقولان له: اجلس. قال: فيجلس فيستوي جالسا. قال: وتقع أكفانه في حقويه. قال: فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ قالوا: يا رسول الله، ومن يطيق الكلام عند ذلك وأنت تصف من الملكين ما تصف؟ قال: فقال [ ص: 443 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) قال: فيقول: ربي الله وحده لا شريك له، وديني الإسلام الذي دانت به الملائكة، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين قال: فيقولان: صدقت. قال: فيدفعان القبر فيوسعانه من بين يديه أربعين ذراعا، ومن خلفه أربعين ذراعا، وعن يمينه أربعين ذراعا، وعن شماله أربعين ذراعا، وعند رأسه أربعين ذراعا، وعند رجليه أربعين ذراعا. قال: فيوسعان مائتي ذراع - قال البرساني: فأحسبه قال: وأربعون تحاط به - قال: ثم يقولان له: انظر فوقك. قال: فينظر فوقه فإذا باب مفتوح إلى الجنة. قال: فيقولان له: ولي الله، هذا منزلك إذ أطعت الله. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده، إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك فرحة لا ترتد أبدا. ثم يقال له: انظر تحتك. فينظر تحته فإذا باب مفتوح إلى النار. قال: فيقولان له: ولي الله، نجوت آخر ما عليك. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده، إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك فرحة لا ترتد أبدا. قال: قالت عائشة : يفتح له سبعة وسبعون بابا إلى الجنة، يأتيه ريحها وبردها حتى يبعثه الله - تبارك وتعالى - ".

                                                                                                                                                                    رواه أبو يعلى الموصلي بسند ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبان الرقاشي.

                                                                                                                                                                    [ 1852 / 2 ] وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله - تبارك وتعالى - لملك الموت: انطلق إلى عدوي فائتني به؛ فإني قد بسطت له في رزقي، وسربلته نعمتي فأبى إلا معصيتي، فائتني به لأنتقم منه. قال: فينطلق إليه ملك الموت في أكره صورة رآها أحد من الناس قط، له اثنا عشر عينا، ومعه سفود من حديد كثير الشوك، ومعه خمسمائة من الملائكة معهم نحاس وجمر من جمر جهنم، ومعه سياط من نار لينها لين السياط وهي نار تأجج. قال: فيضربه ملك الموت بذلك السفود ضربة يغيب أصل كل شوكة من ذلك السفود في أصل كل شعرة وعرق وظفر، قال: ثم يلويه ليا شديدا. قال: فينزع روحه من أظفار قدميه. قال: فيلقيها في عقبيه. قال: فيسكر عدو الله عند ذلك سكرة فيروه ملك الموت عنه قال: فتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط. قال: ثم ينثره ملك الموت نثرة. قال: فينزع روحه من عقبيه فيلقيها في ركبتيه، ثم يسكر عدو الله عند ذلك سكرة فيرفه ملك الموت عنه. قال: فتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط، فينثره ملك الموت نثرة. قال: فينزع روحه من ركبتيه فيلقيها في حقويه، قال: فيسكر عدو الله عند ذلك سكرة فيرفه ملك الموت [ ص: 444 ] عنه قال: وتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط. قال: كذلك إلى صدره، ثم كذلك إلى حلقه. قال: تبسط الملائكة النحاس وجمر جهنم تحت ذقنه. قال: ويقول ملك الموت: اخرجي أيتها الروح اللعينة الملعونة إلى سموم وحميم، وظل من يحموم لا بارد ولا كريم. قال: فإذا قبض ملك الموت روحه قال الروح للجسد: جزاك الله عني شرا، فقد كنت سريعا بي إلى معصية الله، بطيئا بي عن طاعة الله فقد هلكت وأهلكت. قال: ويقول الجسد للروح مثل ذلك، وتلعنه بقاع الأرض التي كان يعصي الله عليها، وينطلق جنود إبليس يبشرونه بأنهم قد أوردوا عبدا من ولد آدم النار. قال: فإذا وضع في قبره ضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، حتى تدخل اليمنى في اليسرى، واليسرى في اليمنى. قال: ويبعث الله - تبارك وتعالى - إليه أفاعي كأعناق الإبل يأخذونه بأرنبته وإبهامي قدميه فتقوصه حتى يلتقين في وسطه. قال: ويبعث الله - تبارك وتعالى - ملكين أيضا وهما كالبرق الخاطف، وأصواتهما كالرعد القاصف وأنيابهما كالصياصي، وأنفاسهما كاللهب يطآن في شعورهما بين منكبي كل واحد منهما مسيرة كذا وكذا، قد نزعت منهما الرأفة والرحمة، يقال لهما: منكر ونكير، في يد كل واحد منهما مطرقة لو اجتمع عليها ربيعة ومضر لم يقلوها. قال: فيقولان له: اجلس. قال: فيجلس فيستوي جالسا. قال: وتقع أكفانه إلى حقويه. قال: فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: لا أدري. قال: فيقولان له: لا دريت ولا تليت. قال: فيضربانه ضربة يتطاير شررها في قبره، ثم يعودان فيقولان له: انظر فوقك. قال: فينظر فإذا باب مفتوح من الجنة. قال: فيقولان: عدو الله، هذا منزلك لو كنت أطعت الله. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده إنه ليصبح إلى قلبه عند ذلك حسرة لا ترتد أبدا قال: فيقولان له: انظر تحتك. قال: فينظر تحته فإذا باب مفتوح إلى النار، قال: فيقولان: عدو الله، هذا منزلك إذ عصيت الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 445 ] والذي نفس محمد بيده، إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك حسرة لا ترتد أبدا. قال: وقالت عائشة : ويفتح له سبعة وسبعون بابا إلى النار يأتيه حرها وسمومها حتى يبعثه الله - تبارك وتعالى - إليها".

                                                                                                                                                                    رواه أبو يعلى وفي سنده يزيد الرقاشي، وهو ضعيف.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية