الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا محمد بن عباد، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة، عن سلمة بن الأكوع، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنيهاتك وكان عامر رجلا شاعرا، فنزل [ ص: 201 ] يحدو بالقوم ويقول:


                                        اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا     فاخفر فدا لك ما اقتفينا
                                        وثبت الأقدام إن لاقينا     وألقين سكينة علينا
                                        إنا إذا صيح بنا أتينا


                                        وبالصياح عولوا علينا

                                        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من هذا السابق؟" قالوا: عامر، قال: "يرحمه الله" ، قال رجل من القوم: وجبت يا رسول الله، لولا أمتعتنا به.

                                        قال: فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة، يعني الجوع الشديد، ثم إن الله فتحها عليهم، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيرانا كثيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذه النيران على أي شيء توقدون؟" قالوا: على لحم، قال: "على أي لحم؟" قالوا: لحم حمر إنسية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهريقوها، واكسروها" فقال رجل: أو يهريقوها ويغسلوها؟ قال: "أو ذلك" [ ص: 202 ] .

                                        قال: فلما تصاف القوم كان سيف عامر فيه قصر فتناول به مساق يهودي ليضربه ويرجع ذباب سيفه، فأصاب عين ركبة عامر فمات منه، فلما قفلوا، قال سلمة وهو آخذ بيدي لما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساحبا قال: "ما لك؟" قلت: فداك أبي وأمي زعموا أن عامرا حبط عمله، قال: "من قاله؟" قلت: فلان وفلان، وأسيد بن حضير الأنصاري، فقال: "كذب من قاله، له أجران" وجمع بين إصبعيه "إنه لجاهد مجاهد، قل عربي مشى بها مثله"
                                        .

                                        رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عباد، ورواه البخاري عن عبد الله بن مسلمة، عن حاتم.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية