الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        وأخبرنا أبو علي الروذباري، قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي علقمة قال: سمعت عبد الله بن مسعود قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يكلؤنا؟" فقال بلال: أنا، فناموا حتى طلعت الشمس فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "افعلوا كما كنتم تفعلون" قال: ففعلنا، قال: "فكذلك فافعلوا لمن نام أو نسي" .

                                        كذا قال غندر وغيره عن شعبة أن الذي حرسهم ليلتئذ كان بلالا.

                                        وكذلك قاله يحيى القطان في إحدى الروايتين عنه، وروي عنه وعن عبد الرحمن، عن شعبة أن الحارس كان عبد الله بن مسعود.

                                        وكذلك قاله عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن جامع بن شداد.

                                        أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد، قال: حدثنا الحسن بن سهل المجوز، قال: حدثنا قرة، قال: حدثنا المسعودي، عن جامع بن [ ص: 275 ] شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة الثقفي، عن عبد الله بن مسعود، قال: لما انصرفنا من غزوة الحديبية قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يحرسنا الليلة؟" فقال عبد الله: فقلت: أنا يا رسول الله، فقال: "إنك تنام" ثم عاد: "من يحرسنا الليلة؟" فقلت: أنا.

                                        ثم أعاده مرارا فقلت: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأنت" قال: فحرستهم حتى إذا كان وجه الصبح أدركني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنك تنام" فنمت فما أيقظنا إلا حر الشمس في ظهورنا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصنع كما كان يصنع في الوضوء وركعتي الفجر ثم صلى بنا الصبح، فلما انصرف، قال ": إن الله عز وجل لو أراد أن لا تناموا عنها لم تناموا عنها، ولكن أراد أن تكون لمن بعدكم، فهكذا من نام أو نسي ".

                                        قال: ثم إن إبل القوم تفرقت، فخرج الناس في طلبها فجاؤوا بإبلهم إلا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                        قال عبد الله: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذها هاهنا" فأخذت حيث قال لي فوجدت زمامها قد التوى على شجرة، والله ما كانت تحلها يد، فجئت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا فتحنا لك فتحا مبينا .

                                        كذا قال في هذه الرواية وقد روينا عن يوسف بن بكير، عن المسعودي هذه القصة بعد ذكر نزول سورة الفتح مرجعهم من الحديبية؛ فيشبه أن يكون التاريخ لنزول السورة دون هذه القصة، فإن كان التاريخ لهما جميعا فيشبه والله أعلم أن يكون نومهم عن الصلاة وقع مرجعهم من الحديبية ثم وقع مرجعه من خيبر، وقد روى عمران بن حصين وأبو قتادة الأنصاري نومهم عن الصلاة، وذكرا في تلك القصة حديثا في الميضأة، ولا أدري أكان ذلك مرجعهم من الحديبية أو مرجعهم من خيبر أو وقتا آخر، واستخرت الله تعالى في استخراج حديثهما هاهنا فوقعت الخيرة على ذلك وبالله التوفيق.

                                        وقد زعم الواقدي في قصة أبي قتادة أنها كانت مرجعهم من غزوة تبوك.

                                        وروى زافر بن سليمان، عن شعبة، عن جامع بن شداد في قصة ابن مسعود أن ذلك كان في غزوة تبوك والله أعلم.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية