الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 303 ] باب سرية أبي حدرد الأسلمي إلى الغابة

                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: كان من حديث أبي حدرد الأسلمي وغزوته إلى الغابة ما حدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم، عن أبي حدرد، قال: تزوجت امرأة من قومي فأصدقتها مائتي درهم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نكاحي، فقال: "كم أصدقت" ؟ فقلت: مائتي درهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله والله لو كنتم تأخذونها من واد ما زاد، لا والله ما عندي ما أعينك به" ، فلبثت أياما ثم أقبل رجل من جشم بن معاوية يقال له رفاعة بن قيس، أو قيس بن رفاعة في بطن عظيم من جشم حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة يريد أن يجمع قيسا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذا اسم [ ص: 304 ] وشرف في جشم، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين من المسلمين فقال: "اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم" ، وقدم لنا شارفا عجفاء، فحمل عليها أحدنا فوالله ما قامت به ضعفا، حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم، حتى استقلت وما كادت، وقال: تبلغوا على هذه، فخرجنا، ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر مع غروب الشمس فكمنت في ناحية وأمرت صاحبي فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم وقلت لهما: إذا سمعتماني قد كبرت وشددت في العسكر فكبروا وشدا معي، فوالله إنا لكذلك ننتظر أن نرى غرة أو نرى شيئا وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء، وقد كان لهم راع قد سرح في ذلك البلد فأبطأ عليهم حتى تخوفوا عليه، فقام صاحبهم رفاعة بن قيس فأخذ سيفه فجعله في عنقه وقال: والله لأتبعن أثر راعينا هذا، ولقد أصابه شر فقال نفر ممن معه: والله لا تذهب، نحن نذهب نكفيك، فقال: لا يذهب إلا أنا، قالوا: فنحن معك، فقال: والله لا يتبعني منكم أحد، وخرج حتى يمر بي فلما أمكنني نفحته بسهم فوضعته في فؤاده، فوالله ما تكلم فوثبت إليه فاحتززت رأسه، ثم شددت في ناحية العسكر وكبرت وشد صاحباي، وكبروا فوالله ما كان إلا النجاء ممن كان فيه عندك بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم، وما خف معهم من أموالهم واستقنا إبلا عظيمة، وغنما كثيرة، فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجئت برأسه أحمله معي، فأعطاني من تلك الإبل ثلاثة عشر بعيرا في صداقي فجمعت إلي أهلي.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية