الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 337 ] باب ما جرى في خروج ابنة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه خلفهم من مكة

                                        أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، قال: حدثنا سعيد بن مسعود، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء [ ص: 338 ] ، قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: لا نقر بهذا، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا، ولكن أنت محمد بن عبد الله.

                                        قال: "أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله؛ يا علي، امح رسول الله" ، قال: والله لا أمحوك أبدا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن يكتب، فكتب: "هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله؛ أن لا يدخل مكة السلاح إلا السيف في القراب، وأن لا يخرج من أهلها أحدا أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع أحدا من أصحابه أراد أن يقيم بها" ، فلما دخلها وحضر الأجل أتوا عليا فقالوا: قل لصاحبك فليخرج عنا، فقد مضى الأجل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم تتبعهم ابنة حمزة فنادت: يا عم يا عم فتناولها علي رضي الله عنه، فأخذ بيدها وقال لفاطمة عليها السلام: دونك.

                                        فحملتها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر، فقال علي: أنا أخذتها وهي ابنة عمي، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد: هي ابنة أخي، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: "الخالة بمنزلة الأم" وقال لعلي: "أنت مني، وأنا منك" .

                                        وقال لجعفر: "أشبهت خلقي وخلقي" .

                                        وقال لزيد: "أنت أخونا ومولانا"
                                        [ ص: 339 ] .

                                        رواه البخاري في الصحيح عن عبيد الله بن موسى.

                                        وروى عبيد الله وغيره عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، وهبيرة بن يريم، عن علي بن أبي طالب، فذكر قصة ابنة حمزة وحدها دون ما قبلها من القضية.

                                        وروى زكرياء بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن البراء قصة القضية.

                                        ثم قال أبو إسحاق: وحدثني هانئ بن هانئ وهبيرة بن يريم، عن علي بن أبي طالب، فذكر قصة ابنة حمزة.

                                        قد أخرجته في كتاب السنن.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية