الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو نصر بن قتادة، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن سعد البزاز الحافظ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي، قال: حدثنا النفيلي، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا يعقوب بن عتبة، عن مسلم بن عبد الله الجهني، عن جندب بن مكيث الجهني، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي - كلب ليث - إلى بني الملوح بالكديد وأمره أن يغير عليهم، وكنت في سريته فمضينا حتى إذا كنا بقديد لقينا به الحارث بن مالك بن البرصاء الليثي، فأخذناه، فقال: إني إنما جئت لأسلم.

                                        فقال له غالب بن عبد الله: إن كنت إنما جئت مسلما فلا يضرك رباط يوم وليلة، وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك، قال: فأوثقه رباطا وخلف عليه رويجلا أسود كان معنا، قال: امكث معه حتى نمر عليك فإن نازعك فاحتز رأسه، ومضينا حتى أتينا بطن الكديد فنزلنا عشية بعد العصر فبعثني أصحابي إليه فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر فانبطحت عليه، وذلك قبل غروب الشمس، فخرج رجل منهم فنظر فرآني منبطحا على التل، فقال لامرأته: إني لأرى سوادا على هذا التل ما رأيته في أول النهار، فانظري لا تكون الكلاب اجترت بعض أوعيتك فنظرت فقالت: والله ما أفقد شيئا، قال: فناوليني قوسي وسهمين من نبلي، فناولته فرماني بسهم فوضعه في جبيني أو قال في جنبي [ ص: 299 ] ، فنزعته، فوضعته، ولم أتحرك، ثم رماني بالآخر فوضعه في رأس منكبي، فنزعته فوضعته ولم أتحرك، فقال لامرأته: أما والله لقد خالطه سهمان ولو كان ريبة لتحرك، فإذا أصبحت فابتغي سهمي فخذيهما لا تمضغهما علي الكلاب، قال: ومهلنا حتى إذا راحت روائحهم، وحتى إذا أحلبوا وعطنوا وسكنوا، وذهبت عتمة من الليل شننا عليهم الغارة فقتلنا من قتلنا، واستقنا النعم، فوجهنا قافلين به، وخرج صريخ القوم إلى قومهم مغوثا قال: وخرجنا سراعا حتى نمر بالحارث بن مالك بن البرصاء وصاحبه، فانطلقنا به معنا، وأتانا صريخ الناس فجاءنا ما لا قبل لنا به حتى إذا لم يكن بيننا وبينهم إلا بطن الوادي من قديد أقبل سيل حال بيننا وبينهم بعثه الله من حيث شاء ما رأينا قبل ذلك مطرا ولا حالا، فجاء بما لا يقدر أحد أن يقدم عليه، لقد رأيتهم وقوفا ينظرون إلينا، ما يقدر أحد منهم على أن يقدم عليه، ونحن نحدوها ونحذرها - شك النفيلي - فذهبنا سراعا حتى أسندنا بها في المسلك، ثم حدرنا عنه، فأعجزنا القوم بما في أيدينا.


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية