الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الأصبهاني، قال: حدثنا الحسن بن الجهم، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا الواقدي، عن محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري، ومعمر بن راشد في [ ص: 47 ] آخرين، قالوا: إن بني المصطلق من خزاعة كانوا ينزلون ناحية الفرع، وهم حلفاء بني مدلج، وكان رأسهم الحارث بن أبي ضرار، وكان قد صار في قومه ومن قدر عليه من العرب؛ فدعاهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابتاعوا خيلا وسلاحا وتهيؤوا للمسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلت الركبان تقدم من ناحيتهم فيخبرون بسيرهم، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث بريدة الأسلمي فعلم علم ذلك فرجع، وأخبره خبر القوم، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فأسرعوا الخروج.

                                        قال الواقدي: حدثنا سعيد بن عبد الله بن أبي الأبيض، عن أبيه، عن جدته، وهي مولاة جويرية، قالت: سمعت جويرية بنت الحارث تقول: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على المريسيع، فأسمع أبي يقول: أتانا ما لا قبل لنا به، قالت: وكنت أرى من الناس والخيل والسلاح ما لا أصف من الكثرة، فلما أن أسلمت وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعنا، جعلت أنظر إلى المسلمين فليسوا كما كنت أرى، فعرفت أنه رعب من الله عز وجل يلقيه في قلوب المشركين، وكان رجل منهم قد أسلم فحسن إسلامه يقول: لقد كنا نرى رجالا بيضا، على خيول بلق، ما كنا نراهم قبل ولا بعد.

                                        قال الواقدي: ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المريسيع، وهو الماء، فنزل وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبة له من أدم، ومعه من نسائه عائشة وأم سلمة، وقد اجتمعوا على الماء، وأعدوا وتهيؤوا للقتال، وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 48 ] أصحابه، ودفع راية المهاجرين إلى أبي بكر، وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة، ويقال: كانت مع عمار بن ياسر راية المهاجرين، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب؛ فنادى في الناس: قولوا لا إله إلا الله تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم "، ففعل عمر، فأبوا، فكان أول من رمى رجل منهم بسهم، فرمى المسلمون ساعة بالنبل، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يحملوا، فحملوا حملة رجل واحد، فما أفلت منهم إنسان، وقتل عشرة منهم، وأسر سائرهم، وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء والذرية والنعم والشاء، وما قتل أحد من المسلمين إلا رجل واحد وكان أبو قتادة يحدث قال: حمل لواء المشركين صفوان ذو الشفرة، فلم تكن لي ناهية حتى شددت عليه فقتلته وكان الفتح وكان شعارهم: يا منصور أمت.


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية