الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس، عن ابن [ ص: 32 ] إسحاق، قال: حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة، عن شيخ من بني قريظة أنه قال: هل تدري عما كان إسلام ثعلبة وأسيد ابني سعية وأسد بن عبيد نفر من هزل، لم يكونوا من بني قريظة ولا نضير، كانوا فوق ذلك، فقلت: لا، قال: فإنه قدم علينا رجل من الشام من يهود يقال له ابن الهيبان، فذكر القصة بمعنى رواية جرير، وزاد قال: فلما كانت تلك الليلة التي افتتحت فيها قريظة قال أولئك الفتية الثلاثة، وكانوا شبابا أحداثا: يا معشر يهود، هذا الذي كان ذكر لكم ابن الهيبان.

                                        قالوا: ما هو؟ قال: بلى، والله إنه لهو يا معشر يهود إنه والله لهو بصفته.

                                        ثم نزلوا فأسلموا وخلوا أموالهم وأولادهم وأهاليهم، قالوا: وكانت أموالهم في الحصن مع المشركين، فلما فتح، رد ذلك عليهم وخرج في تلك الليلة - فيما زعم ابن إسحاق - عمرو بن سعدى القرظي، فمر بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه محمد بن مسلمة تلك الليلة، فلما رآه قال: من هذا؟ قال: أنا عمرو بن سعدى.

                                        وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لا أغدر بمحمد أبدا.

                                        فقال محمد بن مسلمة حين عرفه: اللهم لا تحرمني عثرات الكرام.

                                        ثم خلى سبيله فخرج، حتى بات في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تلك الليلة، ثم ذهب فلم يدر أين ذهب من الأرض إلى يومه هذا، فذكر شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ذاك رجل نجاه الله بوفائه"
                                        .

                                        وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصبحت رمته ملقاة ولا يدرى أين ذهب، فأنزل الله عز وجل في أمر الخندق وأمر بني قريظة القرآن في سورة الأحزاب، يذكر فيها ما نزل من البلاء ونعمته عليهم، وكفايته إياهم، إذ فرج ذلك عنهم بعد سوء الظن، وقول من قال من أهل النفاق: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا الآية.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية