الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 301 ] باب ذكر سرية بشير بن سعد إلى جناب

                                        أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الأصبهاني، قال: حدثنا الحسن بن الجهم، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا الواقدي، قال: حدثنا يحيى بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة، عن بشير بن محمد بن عبد الله بن زيد، قال: قدم رجل من أشجع يقال له حسيل بن نويرة وكان دليل النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أين يا حسيل" ؟ قال: من يمن وجناب قال: "ما وراءك" ؟ قال: تركت جمعا من يمن وغطفان وجناب قد بعث إليهم عيينة: إما أن يسيروا إلينا، وإما أن نسير إليهم، فأرسلوا أن سر إلينا، وهم يريدونك أو بعض أطرافك، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر فذكر لهما ذلك، فقالا جميعا: ابعث بشير بن سعد، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد أبا النعمان بن بشير، فعقد له لواء ، [ ص: 302 ] وبعث معه ثلاثمائة رجل وأمرهم أن يسيروا الليل ويكمنوا النهار، وخرج معهم حسيل دليلا فساروا الليل وكمنوا النهار حتى أتوا أسفل خيبر، فنزلوا سلاح ثم خرجوا حتى دنوا من القوم وذكر الحديث في إغارتهم على سرح القوم وبلوغ الخبر جمعهم فتفرق الجمع فخرج بشير في أصحابه حتى أتى محالهم فيجدوها وليس فيها أحد، فرجع بالنعم حتى إذا كانوا بسلاح راجعين لقوا عينا لعيينة فقتلوه، ثم لقوا جمع عيينة، وعيينة لا يشعر بهم، فناوشوهم حتى انكشف جمع عيينة، وتبعهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصابوا منهم رجلا أو رجلين فأسروهما، فقدموا بهما على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلما، فأرسلهما.

                                        قال: وقال الحارث بن عوف المزني لعيينة بن حصن ولقيه منهزما على فرس له عتيق يعدو به عدوا سريعا فاستوقفه الحارث فقال: لا ما أقدر خلفي الطلب، أصحاب محمد، وهو يركض قال الحارث بن عوف: أما آن لك تبصر بعض ما أنت عليه أن محمدا قد وطئ البلاد وأنت موضع في غير شيء، قال الحارث: فتنحيت عن سنن خيل محمد حيث أراهم ولا يروني، فأقمت من حين زالت الشمس إلى الليل، ما أرى أحدا وما طلبوه إلا الرعب الذي دخله، قال: فلقيته بعد ذلك فقلت: قد أقمت في موضعي حتى الليل ما رأيت من طلب، قال عيينة: هو ذاك أني خفت الإسار، ثم ذكر ما قال له الحارث من نصرة الله تعالى محمدا وجوابه بأن نفسه لا تقره، ثم ارتياده حتى ينظر إلى ما يصنع قومه في هذه المدة التي هم فيها.


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية