الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 52 ] باب ما ظهر في هذه الغزوة من نفاق عبد الله بن أبي ابن سلول

                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن حبان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر بن قتادة، في قصة بني المصطلق فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم هناك، إذا اقتتل على الماء جهجاه بن سعيد الغفاري - وكان أجيرا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه - وسنان بن زيد قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن يحيى بن حبان قال: ازدحما على الماء فاقتتلا، فقال سنان: يا معشر الأنصار، وقال الجهجاه: يا معشر المهاجرين، وزيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند عبد الله بن أبي، فلما سمعها قال: قد ثاورونا في بلادنا، والله ما عزنا وجلابيب قريش هذه، إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.

                                        ثم أقبل على من عنده من قومه، فقال: هذا ما صنعتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو كففتم عنهم لتحولوا [ ص: 53 ] عنكم من بلادكم إلى غيرهم، فسمعها زيد بن أرقم، فذهب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غليم، وعنده عمر بن الخطاب، فأخبره الخبر، فقال عمر: يا رسول الله، خذ عباد بن بشر، فلنضرب عنقه، فقال صلى الله عليه وسلم: "فكيف إذا تحدث الناس يا عمر أن محمدا يقتل أصحابه، لا ولكن ناد يا عمر في الرحيل" فلما بلغ عبد الله بن أبي أن ذلك قد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتاه فاعتذر إليه، وحلف له بالله ما قال ما قال عليه زيد بن أرقم، وكان عند قومه بمكان، فقالوا: يا رسول الله، عسى أن يكون هذا الغلام أوهم ولم يثبت ما قال الرجل، وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجرا في ساعة كان لا يروح فيها، فلقيه أسيد بن حضير، فسلم عليه بتحية النبوة، ثم قال: والله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما بلغك ما قال صاحبك ابن أبي، زعم أنه إذا قدم المدينة أنه سيخرج الأعز منها الأذل" ، قال: فأنت والله يا رسول الله العزيز، وهو الذليل، ثم قال: يا رسول الله، ارفق به، فوالله لقد جاء الله بك وإنا لننظم الخرز لنتوجه، فإنه ليرى أن قد استلبته ملكا، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، حتى أمسوا وليلته حتى أصبحوا وصدر يومه حتى اشتد الضحى، ثم نزل بالناس ليشغلهم عما كان من الحديث فلم يأمن الناس أن وجدوا مس الأرض، فناموا ونزلت سورة المنافقين.


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية