الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الصنعاني، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك [ ص: 261 ] ، أن امرأة يهودية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاة مصلية بخيبر، فقال: "ما هذه" ؟ فقالت: هدية وحذرت أن تقول: من الصدقة فلا يأكل، قال: فأكل النبي صلى الله عليه وسلم، وأكل أصحابه ثم، قال: "أمسكوا" ثم قال للمرأة: "هل سممت هذه الشاة؟" قالت: من أخبرك هذا؟ قال: "هذا العظم لساقها" وهو في يده قالت: نعم، قال: "لم؟" قالت: أردت إن كنت كاذبا أن يستريح منك الناس، وإن كنت نبيا لم يضرك، قال: فاحتجم النبي صلى الله عليه وسلم على الكاهل وأمر أصحابه فاحتجموا فمات بعضهم.

                                        قال الزهري: فأسلمت، فتركها النبي صلى الله عليه وسلم.

                                        قال معمر: وأما الناس فيقولون قتلها النبي صلى الله عليه وسلم
                                        [ ص: 262 ] .

                                        هذا مرسل ويحتمل أن يكون عبد الرحمن حمله عن جابر بن عبد الله.

                                        فقد أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن بكر، قال: حدثنا أبو داود السجستاني، قال: حدثنا سليمان بن داود المهري، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، قال: كان جابر بن عبد الله يحدث: أن يهودية من أهل خيبر سمت شاة مصلية ثم أهدتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراع فأكل منها، وأكل رهط من أصحابه معه، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ارفعوا أيديكم" وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهودية فدعاها، فقال لها: "أسممت هذه الشاة؟" قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال: "أخبرتني هذه في يدي للذراع" قالت: نعم، قال: "فما أردت إلى ذلك؟" قالت: قلت إن كان نبيا فلن يضره، وإن لم يكن نبيا استرحنا منه فعفا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبها، وتوفي بعض أصحابه الذين أكلوا من الشاة، واحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة؛ حجمه أبو هند بالقرن والشفرة وهو مولى النبي صلى الله عليه وسلم من بني بياضة من الأنصار.

                                        وأخبرنا أبو علي، قال: أخبرنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا وهب بن بقية، قال: حدثنا خالد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية نحو حديث جابر، قال: فمات بشر بن البراء بن معرور، فأرسل إلى اليهودية: ما حملك على الذي صنعت؟ يذكر مثل حديث جابر فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت، ولم يذكر أمر الحجامة.

                                        قلت: ورويناه عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

                                        ويحتمل أنه لم يقتلها في الابتداء، ثم لما مات بشر بن البراء [ ص: 263 ] أمر بقتلها والله أعلم.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية