الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة، قال: حدثنا الحسن بن الجهم، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا الواقدي، قال: حدثنا بكير بن مسمار، وابن أبي سبرة، عن عمارة بن غزية، أحدهما يزيد على صاحبه في الحديث قال: لما التقى المسلمون والمشركون، وكان الأمراء يومئذ يقاتلون على أرجلهم، أخذ اللواء زيد بن حارثة، فقاتل وقاتل الناس معه والمسلمون على صفوفهم، فقتل زيد بن حارثة.

                                        قال الواقدي: قال محمد بن كعب القرظي: أخبرني من حضر يومئذ قال: ما قتل إلا طعنا بالرماح قال الواقدي: فحدثني محمد بن صالح التمار، عن عاصم بن عمر [ ص: 369 ] بن قتادة قال: وحدثني عبد الجبار بن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، زاد أحدهما على صاحبه في الحديث، قالا: لما التقى الناس بمؤتة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وكشف ما بينه وبين الشام، فهو ينظر إلى معتركهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أخذ الراية زيد بن حارثة، فجاءه الشيطان فحبب إليه الحياة، وكره إليه الموت، وحبب إليه الدنيا، فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين يحبب إلي الدنيا، فمضى قدما حتى استشهد "، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "استغفروا له، وقد دخل الجنة وهو يسعى" قال الواقدي: حدثني محمد بن صالح، عن عاصم بن عمر بن قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لما قتل زيد، أخذ الراية جعفر بن أبي طالب، فجاءه الشيطان فحبب إليه الحياة، وكره إليه الموت، ومناه الدنيا، فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا، ثم مضى قدما حتى استشهد "، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له وقال: "استغفروا لأخيكم، فإنه شهيد دخل الجنة، وهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت حيث يشاء من الجنة" ، قال: "ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فاستشهد، ثم دخل الجنة معترضا" ، فشق ذلك على الأنصار فقيل: يا رسول الله ما اعتراضه؟ قال: "لما أصابته الجراح نكل، فعاتب نفسه فتشجع فاستشهد فدخل الجنة" فسري عن قومه وبإسناده، قال: حدثنا الواقدي، قال: حدثني عبد الله بن الحارث بن الفضيل، عن أبيه، قال: لما أخذ خالد بن الوليد الراية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الآن حمي الوطيس" قال: فحدثني 5642 العطاف بن خالد قال: لما قتل [ ص: 370 ] ابن رواحة مساء بات خالد بن الوليد فلما أصبح غدا وقد جعل مقدمته ساقته، وساقته مقدمته، وميمنته ميسرته، وميسرته ميمنته، فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئتهم، وقالوا: قد جاءهم مدد.

                                        فرعبوا، فانكشفوا منهزمين، فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم.


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية