الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أنبأنا أبو عبد الله الأصبهاني، قال: حدثنا الحسن بن الجهم، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا الواقدي، قال: حدثنا غانم بن أبي غانم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجية بن جندب الأسلمي على هديه يسير بالهدي أمامه يطلب الرعي في الشجر معه أربعة فتيان من أسلم، وقد ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية ستين بدنة.

                                        فحدثني محمد بن نعيم المجمر، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: كنت مع صاحب البدن أسوقها.

                                        [ ص: 321 ] قال الواقدي: سار رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي والمسلمون معه يلبون، ومضى محمد بن مسلمة بالخيل إلى مر الظهران، فيجد بها نفرا من قريش، فسألوا محمد بن مسلمة فقال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح هذا المنزل غدا إن شاء الله ورأوا سلاحا كثيرا مع بشير بن سعد، فخرجوا سراعا حتى أتوا قريشا، فأخبروهم بالذي رأوا من السلاح والخيل، ففزعت قريش وقالوا: والله ما أحدثنا حدثا، وإنا على كتابنا وهدنتنا، ففيم يغزونا محمد في أصحابه ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم السلاح إلى بطن يأجج حيث ينظر إلى أنصاب الحرم، وبعثت قريش مكرز بن حفص بن الأحنف في نفر من قريش، حتى لقوه ببطن يأجج، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه، والهدي والسلاح قد تلاحقوا فقالوا: يا محمد، ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر تدخل بالسلاح في الحرم على قومك، وقد شرطت لهم ألا تدخل إلا بسلاح المسافر السيوف في القرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أدخل عليهم السلاح" ، فقال مكرز: هذا الذي يعرف به البر والوفاء، ثم رجع سريعا بأصحابه إلى مكة، فقال: إن محمدا لا يدخل بسلاح وهو على الشرط الذي شرطه لكم، فلما جاء مكرز بخبر النبي صلى الله عليه وسلم خرجت قريش من مكة إلى رؤوس الجبال، وخلوا مكة وقالوا: لا ننظر إليه ولا إلى أصحابه.

                                        وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدي أمامه حتى حبس بذي طوى، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته القصواء، يتحدقون به، والمسلمون متوشحو السيوف يلبون، فلما انتهى إلى ذي طوى وقف على ناقته القصواء والمسلمون حوله، ثم دخل من الثنية التي تطلعه على الحجون على راحلته القصواء، وابن رواحة آخذ بزمام راحلته.


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية