الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 270 ] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله: محمد بن أحمد الأصبهاني، قال: حدثنا الحسن بن الجهم بن مصقلة، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا الواقدي، قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى، وكان رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي، قد وهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا أسود يقال له مدعم، وكان يرحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نزلنا بوادي القرى انتهينا إلى يهود، وقد ثوى إليها ناس من العرب فبينما مدعم يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد استقبلتنا يهود بالرمي حيث نزلنا، ولم نكن على تعبئة وهم يصيحون في آطامهم، فيقبل سهم عائر أصاب مدعما فقتله، فقال الناس: هنيئا له الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلا، والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم يصبها المقسم لتشتعل عليه نارا" .

                                        فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراك وشراكين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "شراك من نار أو شراكان من نار" .

                                        وعبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للقتال، وصفهم ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة، وراية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سهل بن حنيف، وراية إلى عباد بن بشر، ثم دعاهم إلى الإسلام، وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم، وحقنوا دماءهم، وحسابهم على الله، فبرز رجل منهم، فبرز إليه الزبير بن العوام، فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه علي , فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه أبو دجانة فقتله، حتى قتل منهم أحد عشر رجلا، كلما قتل منهم رجل دعا من [ ص: 271 ] بقي إلى الإسلام، ولقد كانت الصلاة تحضر يومئذ فيصلي بأصحابه، ثم يعود فيدعوهم إلى الله ورسوله، فقاتلهم حتى أمسوا، وغدا عليهم فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطوا بأيديهم وفتحها عنوة، وغنمه الله أموالهم وأصابوا أثاثا ومتاعا كثيرا.

                                        فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي القرى أربعة أيام، وقسم ما أصاب على أصحابه بوادي القرى وترك الأرض والنخل بأيدي يهود، وعاملهم عليها فلما بلغ يهود تيماء ما وطئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدك ووادي القرى، صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية، وأقاموا ما بأيديهم بأموالهم.

                                        فلما كان عمر بن الخطاب أخرج يهود خيبر وفدك، ولم يخرج أهل تيماء ووادي القرى؛ لأنهما داخلتان في أرض الشام، ويرى أن ما دون وادي القرى إلى المدينة حجاز، وأن ما وراء ذلك من الشام.

                                        فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا بعد أن فرغ من خيبر، ومن وراء وادي القرى وغنمه الله.


                                        قال الواقدي: حدثني يعقوب بن محمد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن صعصعة، عن الحارث، عن عبد الله بن كعب، عن أم عمارة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجرف وهو يقول: "لا تطرقوا النساء بعد صلاة العشاء" قالت: فذهب رجل من الحي فطرق أهله فوجد ما يكره، فخلى سبيلها ولم يهجه وضن بزوجته أن يفارقها وكان له منها أولاد وكان يحبها فعصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى ما يكره.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية