الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب عرض الدار على الشريك قبل البيع.

                                                                            2173 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، نا علي بن الجعد ، أنا زهير بن معاوية ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان منكم شريكا في ربعة أو نخل، فليس له أن يبيع حتى [ ص: 245 ] يؤذن شريكه، فإن رضي أخذه وإن كره تركه " .

                                                                            هذا حديث صحيح أخرجه مسلم ، عن أحمد بن يونس ، ويحيى بن يحيى ، عن زهير .

                                                                            الربع والربعة: المنزل الذي يربع به الإنسان ويتوطنه.

                                                                            ويروى عن ابن الزبير ، عن جابر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشفعة في كل شرك ربعة، أو حائط، لا يصلح أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإذا باع ولم يؤذنه، فهو أحق به حتى يؤذنه " ، ففيه دليل على أن الشفعة لا تثبت إلا في العقار والأراضي، وهو قول عامة أهل العلم، فإن كان فيها أشجار وأبنية، فيثبت للشفيع أخذها تبعا للأرض.

                                                                            وذهب بعض أهل العلم إلى أن الشفعة تثبت في جميع الأموال المشتركة من العروض والحيوان وغيرها، لما روي عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء " وهذا الحديث غير ثابت مسندا، إنما هو عن ابن مليكة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.

                                                                            وفي الحديث دليل، على أنه ليس للبائع أن يحتال لإبطال حق الشفيع، وإذا أراد البيع فعليه أن يعرض على الشريك، فإن رغب فيه، لم يختر عليه غيره، فلو أخبره فترك أو عفا عن الشفعة، فلا يبطل به حقه عن [ ص: 246 ] الشفعة، لأنه عفو قبل ثبوت الحق، فإذا بيع، فله أخذه عند بعض أهل العلم.

                                                                            وقال الحكم : إذا أذن له قبل البيع، فلا شفعة له، وقال الشعبي : من بيعت شفعته وهو شاهد لا يغيرها، فلا شفعة له، أما بعد البيع إذا علم به الشفيع، فالأخذ يكون على الفور، فإن أخر مع الإمكان بطل حقه، وقيل: لا يبطل ما لم يمض ثلاثة أيام، وقيل: لا يبطل أبدا ما لم يرض به، أما إذا كان غائبا لم يعلم بالبيع، فهو على شفعته وإن طالت المدة.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية