الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب من باع دابة واستثنى لنفسه ظهرها.

                                                                            2115 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنا حاجب بن أحمد الطوسي ، نا محمد بن حماد الأبيوردي ، نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر ، قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، وكنت على بعير لي، فاعتل، فلحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الناس، فقال: ما لك يا جابر ؟ فقلت: اعتل بعيري .

                                                                            فأخذ بيدي، ثم زجره، فما زلت في أول الناس يهتز رأسه حتى إذا دنونا من المدينة ، قلت: يا رسول الله، إني أحب أن تأذن لي، إني حديث عهد بعرس، أن أعجل إلى أهلي. قال: وتزوجت؟ قلت: نعم. قال: بكرا أو ثيبا؟ قلت: لا بل ثيب. قال: فهلا بكرا تلاعبك وتلاعبها. [ ص: 157 ] قلت: يا رسول الله، إن عبد الله هلك، وترك علي جواري، فكرهت أن أضم إليهن مثلهن. قال: لا تأت أهلك طروقا، قال: ما فعل جملك؟ قلت: هو ذا. قال: بعنيه؟ قلت: لا، بل هو لك. قال: بل بعنيه. قلت: فاشتر يا رسول الله. قال: أخذته منك بوقية، اركبه، فإذا جئت المدينة فأتنا به. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، قال لبلال : زن له أوقية، وزده قيراطا. قلت: هذا القيراط الذي زادني رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفارقني أبدا، فجعلته في كيس، فلم يزل عندي حتى جاء أهل الشام يوم الحرة، فأخذوه فيما أخذوا "
                                                                            .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد ، من أوجه ، عن جابر ، [ ص: 158 ] وأخرجه مسلم ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن جرير ، عن الأعمش .

                                                                            قال الإمام: وفي قوله: "زن له" دليل على أن من اشترى شيئا يكون وزن الثمن على المشتري، لأنه من باب تسليم الثمن، قياس هذا أن من باع مكيلا، أو موزونا، فالكيل والوزن يكون على البائع، وكذلك ذرع المذروع، أما إذا اشترى زرعا، أو ثمرا على شجر، فالجداد والحصاد يكون على المشتري، لأنه من باب القبض.

                                                                            قال الإمام: وفيه دليل على أنه لو قال: أخذت هذا منك بكذا، فقال الآخر: دفعت، أو أعطيت، أو هو لك بكذا، فقال: قبلت.

                                                                            كان بيعا، وفيه دليل على جواز هبة المشاع، لأن زيادة القيراط هبة غير متميزة من جملة الثمن.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية