الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2075 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، [ ص: 88 ] أنا أبو العباس الأصم ، ح.

                                                                            وأنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، ومحمد بن أحمد العارف ، قالا: أنا أبو بكر الحيري ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن المزابنة، والمزابنة: بيع الثمر بالتمر، إلا أنه رخص في العرايا " .

                                                                            وهذا حديث متفق على صحته.

                                                                            أخرجاه من أوجه ، عن ابن جريج .

                                                                            فثبت بهذا أن العرايا من جنس المزابنة، ولا تصح إلا باعتبار المماثلة، فيخرص النخل، فيقال: ثمرها إذا جف يكون كذا، فيبيعه بقدره من التمر كيلا، ويقبض مشتري التمر التمر، ويخلى بين مشتري الرطب والنخلة في مجلس العقد يقطعه متى شاء، فإن تفرقا قبل ذلك كان فاسدا.

                                                                            وقال مالك : العرية: أن يعري الرجل ثمرة نخلة أو نخلتين فيعطيها رجلا، ثم يتأذى بدخوله فيشتريها منه بالتمر.

                                                                            وقال سفيان بن حسين : العرايا نخل كانت توهب للمساكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها، رخص لهم أن يبيعوها بما شاؤوا من التمر.

                                                                            وصورتها عند أبي حنيفة أن يعري الرجل من حائطه ثمر نخلات، ثم يبدو له فيبطلها، ويعطيه مكانها تمرا.

                                                                            والحديث يرد هذا، حيث قال: " إلا أنه رخص في العرية أن تباع بخرصها تمرا " وليس فيما ذكروا بيع، ولأنها مستثناة [ ص: 89 ] من المزابنة، والمزابنة: بيع الرطب بالتمر، والظاهر أن المستثنى يكون من جنس المستثنى منه.

                                                                            وروى الشافعي خبرا فيه: قلت لمحمود بن لبيد، أو قال محمود بن لبيد ، لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، إما زيد بن ثابت ، وإما غيره: ما عراياكم هذه؟ فقال: وسمى رجالا محتاجين من الأنصار، شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه مع الناس، وعندهم فضول من قوتهم من التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها رطبا. [ ص: 90 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية