الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2057 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري ، أخبره أنه التمس صرفا بمائة دينار، قال: فدعاني طلحة بن عبيد الله ، فتراوضنا حتى اصطرف مني، فأخذ الذهب يقلبه في يده، قال: حتى يأتي خازني من الغابة، و عمر بن الخطاب يسمع، فقال عمر بن الخطاب : والله لا تفارقه حتى تأخذ منه.

                                                                            ثم قال عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء " . [ ص: 62 ] .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته.

                                                                            أخرجه محمد ، عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك .

                                                                            وأخرجه مسلم ، عن قتيبة ، عن ليث .

                                                                            كلاهما عن ابن شهاب .

                                                                            قوله: " هاء وهاء " أراد يدا بيد، كما ذكر في حديث عبادة بن الصامت .

                                                                            معناه: هاك وهات، أي: خذ وأعط، والمراد منه إيجاب التقابض في مجلس العقد، يقال: هاء يا رجل، وللاثنين: هاءا بمنزلة هاعا، وللجمع: هاؤوا، وللمرأة: هائي، وللمرأتين: هاءا، وللجميع: هأن بمنزلة هعن، ويقال: هاؤن مثل هاعن، ويقال: هاء يا رجل ممدود مهموز، وللاثنين: هاؤما، وللجمع: هاؤموا، وللمرأة: هاء، مكسور بلا ياء، وللمرأتين: هاؤما، وللنسوة: هاؤن، قال الله سبحانه وتعالى ( هاؤم اقرؤوا كتابيه ) أي: خذوا كتابي وانظروا ما فيه لتقفوا على نجاتي، ومن العرب من يقول: هاك للواحد، وهاكما للاثنين، وهاكم للجميع.

                                                                            وفيه دليل على أن التقابض في المجلس شرط في بيع مال الربا بجنسه، ولا يختص ذلك بالصرف، لأن ذكر " هاء وهاء" في الكل واحد، وحملها عمر على التقابض قبل التفرق، وهو راوي الحديث، فكان أعلم بتفسيره من غيره.

                                                                            وروي عن عمر أنه قال: لا تبيعوا الذهب بالورق، أحدهما غائب والآخر ناجز، وإن استنظرك إلى أن يلج بيته، فلا تنظره، إني أخاف عليكم الرماء .

                                                                            والرماء: الربا.

                                                                            وفي رواية: أخاف عليكم [ ص: 63 ] الإرماء، يقال: أرمى على الشيء، وأربا: إذا زاد عليه.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية