الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2232 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، نا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، نا علي بن الحسن الدارابجردي ، نا حجاج بن منهال ، نا حماد ، أنا حبيب المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، [ ص: 365 ] عن جده عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يتوارث أهل ملتين شتى " .

                                                                            وتأول من ورث أحدهما من الآخر الحديث على الإسلام مع الكفر، أما الكفر فكله ملة واحدة، فتوريث بعضهم من بعض لا يكون إثباتا للتوارث بين أهل ملتين شتى.

                                                                            أما المرتد، فلا يرث أحدا لا مسلما ولا كافرا ولا مرتدا، واختلفوا في ميراثه، فذهب جماعة إلى أنه لا يورث منه، بل ماله فيء، وهو قول ابن أبي ليلى ، وربيعة ، ومالك ، والشافعي ، وذهب جماعة إلى أن ميراثه لأقاربه المسلمين، روي ذلك عن علي ، وعبد الله بن مسعود ، وهو قول الحسن ، والشعبي ، وعمر بن عبد العزيز ، وبه قال الأوزاعي ، وإسحاق ، وأبو يوسف ، ومحمد .

                                                                            وذهب بعضهم إلى أن ما اكتسبه في الإسلام لورثته المسلمين، وما اكتسب بعد الردة فيء، وهو قول سفيان الثوري ، وأبي حنيفة ، وحكي عن قتادة أن ميراث المرتد لأهل الدين الذي انتقل إليه، والحديث يدل على منع الإرث، لأنه لم يفصل بين كفر وكفر، والأسير في أيدي الكفار إذا مات يورث منه، ويرث إذا مات له قريب عند عامة أهل العلم، إلا ما حكي عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يورث الأسير.

                                                                            قال الإمام: والأسباب التي تمنع الميراث أربعة: اختلاف الدين كما [ ص: 366 ] بينا، والرق، والقتل، وعمى الموت، فالرقيق لا يرث أحدا، ولا يرثه أحد ، لأنه لا ملك له، ولا فرق بين القن والمدبر والمكاتب وأم الولد، وأما من بعضه حر، فلا يرث أحدا ويورث منه بنصفه الحر، على أصح قولي الشافعي رضي الله عنه، كما أن العمة لا ترث من ابن الأخ، ويرث منها ابن الأخ، والجدة أم الأم ترث من بنت البنت، ولا ترثها بنت البنت، وحكي عن علي ، وابن مسعود أن من نصفه حر يرث بنصفه الحر، ويحجب الزوجة من الربع إلى ثمن ونصف، والأم من الثلث إلى سدس ونصف، والقتل يمنع الميراث.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية