الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2160 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، أنا آدم ، نا شعبة ، عن قتادة ، قال: سمعت أنسا ، يقول: " كان فزع بالمدينة فاستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرسا من أبي طلحة ، يقال له: المندوب فركب، فلما رجع، قال: ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرا " . [ ص: 222 ] .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن شعبة .

                                                                            قال الإمام رحمه الله: فيه جواز استعارة الفرس للركوب، وكذلك كل عين أمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها يجوز إعارتها.

                                                                            وقوله: "وإن وجدناه لبحرا" يريد: ما وجدناه إلا بحرا، وقرأ عبد الله بن كثير ، وحفص بن عاصم ( إن هذان لساحران ) أي: ما هذان إلا ساحران.

                                                                            وأراد به الفرس، شبهه بالبحر، أي: إن جريه كجري البحر، أو أنه يسبح في جريه كالبحر إذا ماج.

                                                                            وفيه إباحة التوسع في الكلام، وتشبيه الشيء بالشيء بمعنى من معانيه وإن لم يستوف جميع أوصافه، وفيه إباحة تسمية الدواب، وكان من عادة [ ص: 223 ] العرب تسمية الدواب، وأداة الحرب، باسم يعرف به إذا طلب سوى الاسم الجامع.

                                                                            وكان سيف النبي صلى الله عليه وسلم يسمى ذا الفقار، ورايته العقاب، ودرعه ذات الفضول، وبغلته دلدل، وبعض أفراسه السكب، وبعضها البحر.

                                                                            وقال سهل بن سعد : كان للنبي صلى الله عليه وسلم في حائطنا فرس، يقال له: اللحيف، ويروى اللخيف، ويقال: سمي الفرس اللحيف لطول ذنبه، فعيل بمعنى فاعل: كأنه كان يلحف الأرض بذنبه، أي: يغطيها.

                                                                            وقال معاذ : كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، يقال له: عفير، وكانت نوقه تسمى القصواء، والعضباء، والجدعاء.

                                                                            قال حميد بن زنجويه : إنما يراد بتسمية ما وصفنا فيما نرى إيجاز الكلام، لأن الرجل قد يكون في مربطه الخيل الكثيرة، والسيوف الكثيرة وغير ذلك من متاع البيت، فإذا طلب باسم يعرف به كان أوجز وأخف من أن يطلب بالاسم الجامع، فيقال: أيها؟ وينبغي أن يحسن ذلك الاسم، فيكون أيمن له، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سمى بغلته الدلدل، وهو طائر، وحماره اليعفور وهو ولد الظبية؛ لأنهما أخف وأسرع من البغل والحمار، وسمى بعض خيله جناحا، وبعضها السرحان وهو الذئب، لأن ذا الجناح والسرحان أخف وأسرع من الخيل، وسمى رايته العقاب لسرعته، وقدرته على الصيد، ويقال: كانت رايته العقاب قطعة من مرط أسود، [ ص: 224 ] وكان لواؤه أبيض، ويروى: كان اسم ردائه الفتح، واسم غنمه غيثة وبركة، ليكثر لبنها، ويبارك فيها، ويروى أن اسم جاريته خضرة.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية