الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2137 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا أبو الوليد نا شعبة ، أنا سلمة بن كهيل ، قال: سمعت أبا سلمة بمنى يحدث: عن أبي هريرة ، أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأغلظ له، فهم به أصحابه، فقال: " دعوه فإن لصاحب الحق مقالا، واشتروا له بعيرا فأعطوه إياه " قالوا: لا نجد إلا أفضل من سنه، قال: "اشتروه، فأعطوه إياه، فإن خيركم أحسنكم قضاء" .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم ، عن محمد بن بشار ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة .

                                                                            قال الإمام: فيه دليل على أنه يجوز لصاحب الحق التشديد على المديون المليء بالقول.

                                                                            روي عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه ، قال: قال [ ص: 195 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لي الواجد يحل عرضه وعقوبته " .

                                                                            أراد باللي: المطل، يقال: لواه حقه ليا وليانا، أي: مطله، والواجد: الغني.

                                                                            وقال ابن المبارك : " يحل عرضه" ، أي: يغلظ له وينسبه إلى سوء القضاء، ويقول له: إنك ظالم ومتعد، وعقوبته: أن يحبس له حتى يؤدي الحق.

                                                                            فأما المعسر، فلا حبس عليه، بل ينظر، لأنه غير ظالم بالتأخير، فلا يستحق العقوبة.

                                                                            قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مطل الغني ظلم " ، هذا قول مالك ، والشافعي .

                                                                            وإن كان له مال يخفيه، حبس وعزر، حتى يظهر ماله، وإن ادعى هلاك ماله لم يقبل حتى يقيم عليه البينة، فإن لم يقم البينة حبس، ولا غاية لحبسه أكثر من الكشف عنه، فمتى ظهر للحاكم عدمه خلى سبيله، وروي عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، " أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة " .

                                                                            وروي " أنه حبسه ساعة من نهار، ثم خلى سبيله " .

                                                                            وذهب شريح إلى أن المعسر يحبس، وهو قول أصحاب الرأي.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية