الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب النهي عن بيع ما ليس عنده.

                                                                            2110 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، ح.

                                                                            وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، ومحمد بن العارف ، قالا: أنا أبو بكر الحيري ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا الثقة ، عن أيوب ، عن يوسف بن ماهك ، عن حكيم بن حزام ، قال: " نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندي " .

                                                                            قال أبو عيسى : هذا حديث حسن.

                                                                            ورواه عن قتيبة ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب .

                                                                            وروي عن أبي بشر ، عن يوسف بن ماهك ، عن حكيم بن حزام قال: يا رسول الله، يأتيني الرجل فيريد مني البيع، وليس عندي، فأبتاعه له من السوق؟ قال: " لا تبع ما ليس عندك " .

                                                                            قال الإمام: هذا في بيوع الأعيان دون بيوع الصفات، فلو قبل [ ص: 141 ] السلم في شيء موصوف عام الوجود عند المحل المشروط، يجوز، وإن لم يكن في ملكه حالة العقد.

                                                                            وفي معنى بيع ما ليس عنده في النساء، وبيع العبد الآبق، والطير المنفلت، وبيع المبيع قبل القبض، وفي معناه بيع مال غيره بغير إذنه لا يصح لأنه غرر، لأنه لا يدري هل يجيزه مالكه أو لا يجيزه، وبه قال الشافعي .

                                                                            وقال جماعة: يكون العقد موقوفا على إجازة المالك، فإن أجازه نفذ، وهو قول مالك ، وأصحاب الرأي ، وأحمد ، وإسحاق ، واحتجوا بما روي عن عروة البارقي قال: دفع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا لأشتري شاة، فاشتريت له شاتين، فبعت إحداهما بدينار، وجئت بالشاة والدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر له ما كان من أمره، فقال: " بارك الله لك في صفقة يمينك " .

                                                                            فكان يخرج بعد ذلك إلى كناسة الكوفة ، فيربح الربح العظيم.

                                                                            ومن لم يجوز وقف البيع، تأول الحديث على أن وكالته كانت وكالة تفويض وإطلاق، والوكيل المطلق يتصرف بالبيع والشراء ويصح.

                                                                            واختلف أهل العلم أيضا في إعتاق عبد الغير، وتطليق زوجته دون إذنه، فذهب قوم إلى أنه يتوقف على إجازة السيد والزوج.

                                                                            وكذلك لو زوج امرأة مالكة لأمرها دون إذنها، ينعقد موقوفا على إجازتها، وبه قال مالك ، وأصحاب الرأي ، وأبطله جماعة، وبه قال الشافعي ، وروي [ ص: 142 ] عن زيد بن أسلم ، وابن عمر ، أنهما كان لا يريان ببيع القطوط بأسا إذا خرجت.

                                                                            قال الأزهري : القطوط: الجوائز والأرزاق، سميت قطوطا، لأنها كانت تخرج مكتوبة في رقاع وصكاك مقطوعة.

                                                                            وبيعها عند أكثر أهل العلم لا يجوز حتى تصل إلى من كتبت له فيملك.

                                                                            وأصل " القط" الكتاب، يكتب للإنسان فيه شيء يصل إليه، ومن قوله سبحانه وتعالى: ( عجل لنا قطنا ) أي: نصيبنا من العذاب الذي تنذرنا به.

                                                                            وقال أبو عبيدة : القط: الحساب.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية