الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب بيع الحيوان بالحيوانين.

                                                                            2065 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، ح.

                                                                            وأنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، ومحمد بن أحمد العارف ، قالا: أنا أبو بكر الحيري ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أخبرنا الثقة ، عن الليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال: " جاء عبد، فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الهجرة، ولم يسمع أنه عبد ، فجاء سيده يريده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بعه.

                                                                            فاشتراه بعبدين أسودين، ولم يبايع أحدا بعده حتى يسأله أعبد هو، أو حر "
                                                                            .

                                                                            هذا الحديث صحيح.

                                                                            أخرجه مسلم ، عن يحيى بن يحيى ، عن الليث .

                                                                            وحكي عن الربيع أنه قال: كان الشافعي إذا قال: أخبرني من لا أتهم، يريد إبراهيم بن أبي يحيى ، وإذا قال: أخبرني الثقة ، يريد يحيى بن حسان .

                                                                            والعمل على هذا عند أهل العلم كلهم أنه يجوز بيع حيوان [ ص: 74 ] بحيوانين نقدا، سواء كان الجنس واحدا أو مختلفا.

                                                                            اشترى رافع بن خديج بعيرا ببعيرين، فأعطاه أحدهما، وقال: آتيك بالآخر غدا إن شاء الله.

                                                                            وعند سعيد بن المسيب : إن كانا مأكولي اللحم، لا يجوز إذا كان الشراء للذبح، وإن كان الجنس مختلفا.

                                                                            واختلفوا في بيع الحيوان بالحيوان أو بالحيوانين نسيئة، فمنعه جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، يروى فيه عن ابن عباس ، وهو قول عطاء بن أبي رباح ، وإليه ذهب سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي ، وأحمد بن حنبل .

                                                                            واحتجوا بما روي عن الحسن ، عن سمرة " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة " .

                                                                            ورخص فيه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، روي ذلك عن علي ، وابن عمر ، وإليه ذهب سعيد بن المسيب ، وابن سيرين ، والزهري ، وهو قول الشافعي ، وإسحاق ، سواء كان الجنس واحدا أو مختلفا، مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم، وسواء باع واحدا بواحد، أو باثنين فأكثر.

                                                                            وقال مالك رحمه الله: إن كان الجنس مختلفا يجوز، وإن كان متفقا فلا.

                                                                            واحتج من جوز ذلك بما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشا، فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة.

                                                                            وروي أن علي بن أبي طالب باع جملا، يقال له عصيفير، بعشرين بعيرا [ ص: 75 ] إلى أجل.

                                                                            وعن ابن عمر أنه اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه يوفيها صاحبها بالربذة .

                                                                            وأما حديث الحسن عن سمرة ، فاختلف أهل الحديث في اتصاله، وفي سماع الحسن ، عن سمرة ، قال يحيى بن معين : حديث الحسن عن سمرة صحيفة، وأوله بعضهم وحمله على بيع الحيوان بالحيوان نسيئة من الطرفين، فيكون من باب الكالئ بالكالئ.

                                                                            وحديث عبد الله بن عمرو دليل على جواز السلم في الحيوان، وهو قول أكثر أهل العلم، ولم يجوزه أصحاب الرأي ، ودليل على أن الجنس بانفراده لا يحرم النساء، وعندهم محرمة، حتى لم يجوزوا إسلام ثوب في ثوب، ولا إسلام شيء في جنسه، وبه قال مالك ، وجوزه الآخرون في غير مال الربا.

                                                                            قال أبو الزناد : كنت أبيع قبطية بقبطيتين إلى أجل، فسألت عنه ابن المسيب فقال: لا بأس به. [ ص: 76 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية