الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2098 - أنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، وأحمد بن عبد الله الصالحي ، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنا محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني ، نا محمد بن يحيى ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يزيد الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبته، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ به ما في إنائها " .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته.

                                                                            أخرجه مسلم ، عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق .

                                                                            وأخرجه محمد ، عن علي بن عبد الله ، عن سفيان ، عن الزهري . [ ص: 123 ] .

                                                                            قوله: " ولا يبيع حاضر لباد " فذهب بعضهم إلى أن الحضري لا يجوز أن يبيع للبدوي شيئا، ولا يشتري له، وهو قول ابن سيرين ، وإبراهيم النخعي ، لأن اسم البيع يقع على البيع والابتياع، يقال: بعت الشيء وشريته بمعنى اشتريته، والكلمتان من الأضداد.

                                                                            وذهب جماعة إلى أنه لا يبيع للبدوي ويجوز أن يشتري له، وهو قول الحسن البصري ، وإليه ذهب الشافعي .

                                                                            ومعنى النهي: هو التربص له بسلعته، وذلك أن أهل البادية كانوا يحملون إلى البلد أمتعتهم، فيبيعونها بسعر اليوم، ويرجعون لكثرة المؤونة في البلد، فيكون من بيعهم رفق لأهل البلد وسعة، فكان الرجل من أهل البلد يأتي البدوي ويقول له: ضع متاعك عندي حتى أتربص لك، وأبيعه على مر الأيام بأغلى، وارجع أنت إلى باديتك.

                                                                            فيفوت بفعله رفق أهل البلد، فنهى الشرع عن ذلك.

                                                                            فمن فعله وهو بالنهي عالم يعصي، وإن لم يعلم فلا يعصي، فإن كان لا يدخل به ضيق على أهل البلد لرخص الأسعار، أو قلة ذلك المتاع، وسعة البلد، فهل يحرم أن يبيع له؟ اختلفوا فيه، منهم من حرمه لظاهر الحديث، ومنهم من أباحه لعدم الضرر.

                                                                            وإذا التمس البدوي منه أن يتربص له، فقد قيل: يجوز ذلك، ولا يدخل تحت النهي.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية