الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب الصلح على النصف.

                                                                            قال الله سبحانه وتعالى: ( أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير ) .

                                                                            2151 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا أحمد ، نا ابن وهب ، أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، حدثني عبد الله بن كعب بن مالك ، أن كعب بن مالك أخبره أنه تقاضى ابن أبي حدرد [ ص: 208 ] دينا، كان له عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كشف سجف حجرته، ونادى كعب بن مالك ، قال: يا كعب ، قال: لبيك يا رسول الله، فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك.

                                                                            قال كعب : قد فعلت يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قم فاقضه "
                                                                            .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم ، عن حرملة بن يحيى ، عن عبد الله بن وهب .

                                                                            وفيه دليل على أنه يجوز لصاحب الحق ملازمة الغريم واقتضاء الحق منه في المسجد، وأن للقاضي أن يصلح بين الخصمين، وأن الصلح على حط بعض الحق جائز.

                                                                            قال الإمام: والصلح في الأموال نوعان: صلح حطيطة، وصلح معاوضة، ويجوز كل واحد منهما في العين والدين جميعا، فصلح الحطيطة: أن يدعي عليه ألفا، فيصالحه على بعضها، فجائز، وجعل كأنه أبرأه عن الباقي، وإذا ادعى عينا، فصالح على نصفها، جعل كأنه وهب منه النصف الباقي. [ ص: 209 ] .

                                                                            وصلح المعاوضة: أن يدعي عليه عينا فيقر، فيصالحه على عين أخرى، أو يدعي دينا فيصالحه عنه على مال، فيصح، وهو بيع يشترط فيه ما يشترط في البيوع حتى لا يجوز على مجهول، ولا أن يصالحه من دين على مال نسيئة، لأنه بيع الكالئ بالكالئ، كما لا يصح مثله في البيوع، وروي عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: " الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما، والمسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما " هذا إذا كان المدعى عليه مقرا، فإن ادعى على رجل عينا أو دينا فأنكر، فصالحه على شيء، لا يصح الصلح عند الشافعي ، لأنه معاوضة يشترط المال من الجانبين، ولذلك لا يجوز في دعوى القذف ودعوى الزوجية، وقال مالك : لا يجوز الصلح إلا في حال الإنكار، وجوز أصحاب الرأي على الإقرار والإنكار جميعا.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية