الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 123 ] 4406 - (قد فق) : عمرو بن عبيد بن باب ، ويقال : ابن كيسان التميمي ، أبو عثمان البصري ، مولى بني تميم ، من أبناء فارس ، شيخ القدرية والمعتزلة .

                                                                          روى عن : الحسن البصري (قد فق) ، وعبيد الله بن أنس بن مالك ، وأبي العالية الرياحي ، وأبي قلابة الجرمي .

                                                                          روى عنه : بكر بن حمران الرفاء ، وحماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، وأبو إبراهيم حميد بن إبراهيم البصري ، والخليل بن زكريا ، وسفيان بن عيينة ، وسليمان الأعمش وهو من أقرانه ، وسلام [ ص: 124 ] ابن أبي مطيع ، وصخر بن جويرية ، وعبد الوارث بن سعيد ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف ، وعبيدة بن حسان السنجاري ، وعثمان البري ، وعلي بن عاصم ، وقريش بن أنس ، ومعاذ بن معاذ ، ومنصور بن أبي الأسود ، ونوح بن قيس الحداني ، وهارون بن موسى النحوي (قد فق) ، وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله ، ويحيى بن سعيد القطان ، ويزيد بن زريع .

                                                                          قال أبو الحسن الميموني ، عن أحمد بن حنبل : ليس بأهل أن يحدث عنه .

                                                                          وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : ليس بشيء .

                                                                          وقال عمرو بن علي : متروك الحديث ، صاحب بدعة .

                                                                          وقال أيضا : كان يحيى بن سعيد يحدثنا عن عمرو بن عبيد ثم تركه .

                                                                          [ ص: 125 ] وقال في موضع آخر : كان يحيى ، وعبد الرحمن لا يحدثان عنه .

                                                                          وقال أبو حاتم : متروك الحديث .

                                                                          وقال أبو عبيد الآجري ، عن أبي داود : أبو حنيفة خير من ألف مثل عمرو بن عبيد .

                                                                          وقال النسائي : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه . وقال في كتاب " الكنى " : أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب البصري . قال حفص بن غياث : ما وصف لي أحد إلا رأيته دون الصفة إلا عمرو بن عبيد فإني رأيته فوق ما وصف لي وما لقيت أحدا أزهد منه ، وكان يضعف في الحديث ، وانتحل ما انتحل .

                                                                          وقال أبو داود الطيالسي عن شعبة ، عن يونس بن عبيد : كان عمرو بن عبيد يكذب في الحديث .

                                                                          وقال عفان ، عن حماد بن سلمة : كان حميد من أكفهم عنه [ ص: 126 ] - يعني عمرو بن عبيد - فقال لي حميد : لا تأخذ عن هذا شيئا فإنه يكذب على الحسن .

                                                                          وقال خالد بن خداش عن بكر بن حمران : كنا عند ابن عون فسأله إنسان عن مسألة ، فقال : ما أدري . فقال الرجل : عمرو بن عبيد يقول عن الحسن كذا وكذا . فقال : ما لنا ولعمرو بن عبيد ، عمرو يكذب على الحسن .

                                                                          وقال عمرو بن علي : سمعت معاذ بن معاذ يقول : قلت لعوف : إن عمرو بن عبيد حدثنا عن الحسن كذا وكذا ، فقال : كذب والله عمرو .

                                                                          وقال عفان عن همام : قال مطر : والله ما أصدق عمرو بن عبيد في شيء .

                                                                          وقال علي بن المديني : سمعت سفيان بن عيينة وذكر عمرو بن عبيد ، فقال : كتبت عنه كتابا كبيرا ووهبت كتابي لابن أخي عمرو بن عبيد .

                                                                          وقال نعيم بن حماد : قلت لابن المبارك : لأي شيء تركوا عمرو بن عبيد ؟ قال : إن عمرا كان يدعو إلى القدر .

                                                                          [ ص: 127 ] وقال عبيد الله بن معاذ العنبري عن أبيه : كنت مع عمرو بن عبيد يوما فمر بنا أشعث فلم يسلم عليه ، فقال لي عمرو : وما يمنع صاحبك أن يسلم علينا ؟ قلت : هو أعلم .

                                                                          وقال محمد بن المثنى ، عن محمد بن عبد الله الأنصاري : قال لي أشعث الحمراني : لا تأت عمرو بن عبيد فإن الناس ينهون عنه .

                                                                          وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم ، عن يحيى بن معين : خرج حفص بن غياث إلى عبادان وهو موضع رباط ، فاجتمع إليه البصريون ، فقالوا : لا تحدثنا عن ثلاثة : أشعث بن عبد الملك ، وعمرو بن عبيد ، وذكر الثالث .

                                                                          وقال عفان عن معاذ بن معاذ : قال الأشعث : ما رأيت هشاما عند الحسن . قال : فقيل له : إن عمرا يقول هذا ، وأنت إن قلته قويته عليه ، أو صدق ، أو نحو هذا ، قال : لا أقول هذا ولا أعود لهذا .

                                                                          وقال محمد بن المثنى عن الأنصاري : كنت أكتب عند الأشعث أقول بيدي هكذا ، وأكتب من تحت ثوبي ، فضرب بيده [ ص: 128 ] علي ، وقال : ما هذا ؟ وغضب . فلما كان الغد لم آته .

                                                                          قال : فلقيني قريش بن أنس ، فقال لي : إن الأشعث قد افتقدك .

                                                                          قال : أما إنه لم يجئ . فقلت له : لقد هممت أن أعرض حديثه على عمرو بن عبيد . قال : فطلب إلي فأتيته . قال : فكان الأشعث يقول لنا : أثيم في رجيع .

                                                                          وقال أبو يعلى الموصلي ، عن إبراهيم بن الحجاج السامي : قلت ليحيى بن سعيد : عمرو أحب إليك أم أشعث ؟ قال : عمرو .

                                                                          وقال الحميدي عن سفيان بن عيينة : رأى الحسن عمرو بن عبيد يوما ، فقال : هذا سيد شباب أهل البصرة إن لم يحدث .

                                                                          وقال فهد بن حيان ، عن سعيد بن أبي راشد المازني : سمعت الحسن يقول : نعم الفتى عمرو بن عبيد إن لم يحدث . قال : فأحدث والله أعظم الحدث .

                                                                          وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي ، عن معاذ بن معاذ : سمعت عمرو بن عبيد يقول : إن كان " تبت يدا أبي لهب " في اللوح المحفوظ فما لله على ابن آدم حجة ! .

                                                                          وقال سعيد بن عامر ، عن أبي بحر البكراوي : قال رجل لعمرو بن عبيد وقرأ عنده هذه الآية : بل هو قرآن مجيد [ ص: 129 ] في لوح محفوظ فقال له : أخبرني عن " تبت يدا أبي لهب " هل كانت في اللوح المحفوظ ؟ فقال : ليس هكذا كانت . قال : وكيف كانت ؟ قال : تبت يدا من عمل بمثل ما عمل أبو لهب . فقال له الرجل : هكذا ينبغي أن نقرأ إذا قمنا إلى الصلاة ؟ ! فغضب عمرو فتركه حتى سكن ، ثم قال له : يا أبا عثمان أخبرني عن " تبت يدا أبي لهب " . قال : فردد عليه ، فقال عمرو : إن علم الله ليس بشيطان ، إن علم الله لا يضر ولا ينفع .

                                                                          وقال عبيد الله بن معاذ : سمعت أبي يقول : سمعت عمرو بن عبيد يقول ، وذكر حديث الصادق المصدوق ، فقال : لو سمعت الأعمش يقول هذا لكذبته ، ولو سمعت زيد بن وهب يقول هذا ما أحببته ، ولو سمعت عبد الله بن مسعود يقول هذا ما قبلته ، ولو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا لرددته ، ولو سمعت الله تعالى يقول هذا لقلت له : ليس على هذا أخذت ميثاقنا ! !

                                                                          وقال نعيم بن حماد : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرج قوم من النار بعدما امتحشوا فيدخلون الجنة " . قال سفيان : فقدم علينا عمرو بن عبيد ومعه رجل تابع له على هواه ، فدخل عمرو بن عبيد الحجر يصلي فيه وخرج صاحبه على عمرو بن دينار وهو [ ص: 130 ] يحدث هذا عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فرجع إلى عمرو بن عبيد ، فقال له : يا ضال أما كنت تخبرنا أنه لا يخرج أحد من النار ؟ قال : بلى . قال : فهو ذا عمرو بن دينار يذكر أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة " قال : فقال عمرو بن عبيد : هذا له معنى لا تعرفه . قال : فقال الرجل : وأي معنى يكون لهذا ؟ قال : ثم قلب ثوبه من يومه وفارقه .

                                                                          وقال سوار بن عبد الله العنبري عن الأصمعي : جاء عمرو بن عبيد إلى أبي عمرو بن العلاء ، فقال : يا أبا عمرو يخلف الله وعده ؟ قال : لا . قال : أفرأيت إن وعد الله على عمل عقابا يخلف وعده ؟ فقال أبو عمرو بن العلاء : من العجمة أتيت يا أبا عثمان ! إن الوعد غير الوعيد ، إن العرب لا تعد خلفا ولا عارا أن تعد شرا ثم لا تفعله ، ترى إن ذاك كرم وفضل ، إنما الخلف أن تعد خيرا ثم لا تفعله . قال : فأوجدني هذا في كلام العرب ، قال : أما سمعت إلى قول الأول :


                                                                          لا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ولا أختبئ من خشية المتهدد     وإني وإن أوعدته أو وعدته
                                                                          لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

                                                                          وقال إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، عن قريش [ ص: 131 ] ابن أنس : سمعت عمرو بن عبيد يقول : يؤتى بي يوم القيامة ، فأقام بين يدي الله عز وجل ، فيقول لي : لم قلت إن القاتل في النار ؟ فأقول : أنت قلته ، ثم تلا هذه الآية : ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم حتى فرغ من الآية قال : فقلت له - وما في القوم أصغر مني - أرأيت إن قال لك : إني قد قلت : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء من أين علمت أني لا أشاء أن أغفر لهذا ؟ قال : فما رد علي شيئا . والروايات عنه في ذلك كثيرة جدا .

                                                                          قال الحافظ أبو بكر الخطيب : عمرو بن عبيد بن باب أبو عثمان ، وباب من سبي فارس ، مولى لآل عرادة قوم من بلعدوية ثم من حنظلة تميم . كان عمرو يسكن البصرة . وجالس الحسن البصري ، وحفظ عنه ، واشتهر بصحبته ، ثم أزاله واصل بن عطاء عن مذهب أهل السنة ، فقال بالقدر ، ودعا إليه ، واعتزل أصحاب الحسن وكان له سمت وإظهار زهده وقيل : إن عمرا ، وواصل بن عطاء ولدا جميعا في سنة ثمانين .

                                                                          وقال البخاري : قال لي محمد بن المثنى ، عن قريش بن [ ص: 132 ] أنس : مات سنة ثلاث أو اثنتين وأربعين ومائة في طريق مكة .

                                                                          وقال محمد بن عبد الله الحضرمي : مات سنة ثنتين ، ويقال : سنة ثلاث وأربعين ومائة .

                                                                          وقال زكريا بن يحيى الساجي : مات بطريق مكة سنة ثلاث وأربعين ومائة ، وكان قدريا وكان داعية ، تركه أهل النقل ومن كان يميز الأثر من أهل البصرة ، وروى عنه الغرباء ، وكان له سمت وإظهار زهد ، فرووا عنه وظنوا به خيرا ، وقد روى عنه شعبة حديثين ، ثم تركه .

                                                                          وقال موسى بن هلال العبدي ، والهيثم بن عدي ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ، والواقدي ، وكاتبه محمد بن سعد : مات سنة أربع وأربعين ومائة .

                                                                          زاد محمد بن سعد : ودفن بمران على ليال من مكة على طريق البصرة .

                                                                          وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : مات سنة ثمان [ ص: 133 ] وأربعين ومائة .

                                                                          وذكر أبو محمد بن قتيبة في كتاب " المعارف " أن أبا جعفر المنصور رثاه فقال :


                                                                          صلى الإله عليك من متوسد     قبرا مررت به على مران
                                                                          قبر تضمن مؤمنا متحنفا     صدق الإله ودان بالقرآن
                                                                          فلو أن هذا الدهر أبقى صالحا     أبقى لنا حقا أبا عثمان

                                                                          وقال نصر بن مرزوق عن إسماعيل بن مسلمة القعنبي : رأيت الحسن بن أبي جعفر في المنام بعدما مات بعبادان ، فقال لي : أيوب ، ويونس ، وابن عون في الجنة . فقلت : فعمرو بن عبيد ؟ قال : في النار .

                                                                          قال إسماعيل : ثم رأيت الحسن بن أبي جعفر ثانية في المنام ، فقال : أيوب ، ويونس ، وابن عون في الجنة . قال إسماعيل : فعمرو بن عبيد ؟ قال : في النار كم أقول لك ! رواه جعفر بن محمد بن الفضيل الرسعني عن إسماعيل بن مسلمة نحوه ، وذكر الرؤيا ثلاث مرات .

                                                                          [ ص: 134 ] روى البخاري في " الفتن " من صحيحه عن الحجبي ، عن [ ص: 135 ] حماد بن زيد ، عن رجل لم يسمه ، عن الحسن قال : خرجت بسلاحي ليالي الفتنة فاستقبلني أبو بكرة . . . . الحديث . فقيل : إن الرجل الذي كنى عنه حماد بن زيد في هذا الحديث هو عمرو بن عبيد .

                                                                          وروى أبو داود في " القدر " ، وابن ماجه في " التفسير " من رواية هارون بن موسى النحوي عن عمرو ، وعن الحسن ، وأبي عمرو فهل يهلك إلا القوم الفاسقون . قال أبو عمرو : إنما يهلك في الموت ويهلك في الصلب .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية