الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          4407 - (س ق) : عمرو بن عتبة بن فرقد السلمي الكوفي .

                                                                          [ ص: 136 ] روى عن : عبد الله بن مسعود ، وسبيعة الأسلمية (ق) كتابة .

                                                                          روى عنه : حوط بن رافع العبدي ، وعامر الشعبي (ق) ، وعبد الله بن ربيعة السلمي ، وعيسى بن عمر الهمداني (س) ، ولم يدركه .

                                                                          وكان أحد المذكورين بالزهد والعبادة والخوف والورع .

                                                                          ذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا القاسم بن محمد بن عباد المهلبي ، قال : حدثنا عبد الله بن داود ، قال : سمعت علي بن صالح يقول : كان عمرو بن عتبة يرعى ركاب أصحابه وغمامة تظله بظله . وبهذا الإسناد قال : كان عمرو بن عتبة يصلي والسبع يضرب بذنبه يحميه .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو سعد ابن البغدادي ، قال : أخبرنا أبو عمر عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن منده ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد الطهراني ، قالا : أخبرنا الحسن بن محمد بن يوه المديني ، قال : أخبرنا أبو الحسن اللنباني العبدي ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، فذكره .

                                                                          [ ص: 137 ] وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي : حدثنا أبو معاوية الضرير ، قال : حدثنا الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عنعبد الله بن ربيعة ، قال : قال عتبة بن فرقد : يا عبد الله بن ربيعة ألا تعينني على ابن أخيك - يعني ابنه عمرا - فقال عبد الله لعمرو : أطع أباك . فقال عمرو : يا أبة إنما أنا رجل أعمل في فكاك رقبتي فدعني فأعمل في فكاكها . فبكى عتبة ، ثم قال : يا بني إني لأحبك حبين ، حبا لله وحب الوالد لولده . قال عمرو : يا أبة إنك كنت أتيتني بمال بلغ سبعين ألفا فإن أذنت لي أمضيته . قال : فقد أذنت لك . قال : فأمضاه حتى ما بقي منه درهم .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد المقدسي ، قال : أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد ابن السمعاني إجازة - وأخبرنا عنه عمي محمد بن عبد الواحد سماعا - قال : أخبرنا الجنيد بن محمد القاضي ، قال : أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن أحمد بن أبي جعفر الطبسي ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن القاسم بن إسحاق بن شاذان الفارسي الواعظ ، قال : حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد بن حمدون الذهلي المذكر ، قال : حدثنا أبو الحسن مسدد بن قطن بن إبراهيم القشيري ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، فذكره .

                                                                          وبه قال : حدثنا الدورقي ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن [ ص: 138 ] يونس ، قال : سمعت بعض أصحابنا يذكر أن عتبة بن فرقد قال لبعض أهله : ما لعمرو مصفرا ، وذكر ضعفه . قال : ففرش له حيث يراه ، فجاء عمرو فقام يصلي ، فقرأ حتى بلغ هذه الآية وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ، فبكى حتى انقطع ثم قعد . فعل ذلك حتى أصبح . قال : فقال عتبة : هذا الذي عمل بابني العمل .

                                                                          وقال عبد الله بن المبارك : حدثنا عيسى بن عمر ، قال : حدثني حوط بن رافع أن عمرو بن عتبة كان يشترط على أصحابه أن يكون خادمهم . قال : فخرج في الرعي في يوم حار فأتاه بعض أصحابه ، فإذا هو بغمامة تظله وهو نائم ، فقال : أبشر يا عمرو . قال : فأخذ عليه عمرو أن لا يخبر به أحدا .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الفرج بن قدامة ، وغير واحد قالوا : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، قال : أخبرنا أبو محمد الجوهري ، قال : أخبرنا أبو عمر بن حيويه ، قال : أخبرنا أبو محمد بن صاعد ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، فذكره .

                                                                          وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثني أحمد بن إبراهيم [ ص: 139 ] الدورقي ، قال : حدثني مثنى بن مثنى ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا سلمة بن علقمة ، عن محمد - يعني ابن سيرين - قال : كان عمرو بن عتبة لا يزال الرجل يتشبه به قد صحبه ، فبينا هو ليلة في فسطاط يصلي وصاحبه يصلي خارجا من الفسطاط إذ جاءه أسود حتى مر في قبلة صاحب عمرو فلم ينصرف ، ثم أتى الفسطاط فجاء حتى انطوى على رجل عمرو فلم ينصرف ، فلما أراد أن يسجد جاء حتى انطوى في موضع سجوده ، فسجد عليه ، أو قال فنحاه ، ثم سجد ، فلما أصبح صاحب عمرو دخل عليه فأخبره بمر الأسود بين يديه وأنه لم ينصرف وهو يرى أنه قد صنع شيئا فأراه عمرو أثره على رجله وأخبره بما صنع .

                                                                          أخبرنا بذلك أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا القاضي أبو المكارم اللبان ، قال : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، فذكره .

                                                                          وبه قال : حدثني أحمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا علي بن إسحاق قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا عيسى بن عمر ، عن السدي ، قال : خرج عمرو بن عتبة بن فرقد فاشترى [ ص: 140 ] فرسا بأربعة آلاف درهم ، فعنفوه يستغلونه ، فقال : ما خطوة يخطوها يتقدمها إلى عدو إلا وهي أحب إلي من أربعة آلاف .

                                                                          وبه قال : حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال : حدثنا عنبسة بن سعيد القرشي ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن عيسى بن عمر ، قال : كان عمرو بن عتبة بن فرقد يخرج على فرسه ليلا فيقف على القبور ، فيقول : يا أهل القبور قد طويت الصحف وقد رفعت الأعمال . ثم يبكي ويصف قدميه حتى يصبح ، فيرجع ، فيشهد صلاة الصبح .

                                                                          وبه قال : وجدت في كتاب أبي حدثني بعض البصريين ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا عبد الحميد بن لاحق عمن ذكره قال : كان له - يعني عمرو بن عتبة - كل يوم رغيفان يتسحر بأحدهما ويفطر على الآخر .

                                                                          وبه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الله بن ربيعة ، قال : قال عتبة بن فرقد لعبد الله : يا عبد الله ألا تعينني على ابن أخيك يعينني على ما أنا فيه من عمل ؟ فقال له عبد الله : يا عمرو [ ص: 141 ] أطع أباك . قال : فنظر إلي معضد وهو جالس معه ، فقال معضد : لا تطعهم واسجد واقترب . فقال عمرو : يا أبة إنما أنا عبد أعمل في فكاك رقبتي فدعني أعمل في فكاك رقبتي . قال : فبكى عتبة ، فقال : يا بني إني لأحبك حبين حبا لله وحب الوالد ولده . قال عمرو : يا أبة إنك قد كنت أتيتني بمال قد بلغ السبعين ألفا فإن كنت سائلني عنه فهو ذا فخذه وإلا فدعني فأمضيه . قال له عتبة : فأمضه . قال : فأمضاها فما بقي منها درهم .

                                                                          وبه ، قال : حدثني أحمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا علي بن إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الله يعني ابن المبارك ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن الأعمش ، قال : قال عمرو بن عتبة بن فرقد : سألت الله ثلاثا فأعطاني اثنتين وأنا أنتظر الثالثة : سألته أن يزهدني في الدنيا فما أبالي ما أقبل وما أدبر ، وسألته أن يقويني على الصلاة فرزقني منها ، وسألته الشهادة فأنا أرجوها .

                                                                          وبه ، قال : حدثني أبي ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، قالا : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا أبي ، قال : سمعت الأعمش يحدث عن إبراهيم ، عن علقمة ، قال : خرجنا ومعنا مسروق ، وعمرو بن عتبة ، ومعضد غازين ، فلما بلغنا ماسبذان [ ص: 142 ] وأميرها عتبة بن فرقد ، فقال لنا ابنه عمرو بن عتبة : إنكم إن نزلتم عليه صنع لكم نزلا ولعله أن تظلموا فيه أحدا ، ولكن إن شئتم قلنا في ظل هذه الشجرة وأكلنا من كسرنا . ثم رحنا ففعلنا ، فلما قدمنا الأرض قطع عمرو بن عتبة جبة بيضاء فلبسها ، فقال : والله إن تحدر الدم على هذه لحسن فرمي ، فرأيت الدم يتحدر على المكان الذي وضع يده عليه ، فمات .

                                                                          وبه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : خرجنا في جيش فيهم علقمة ، ويزيد بن معاوية النخعي ، وعمرو بن عتبة بن فرقد ، ومعضد العجلي . قال : فخرج عمرو بن عتبة وعليه جبة جديدة بيضاء ، فقال : ما أحسن الدم يتحدر على هذه . قال : فأصابه حجر فشجه . قال : فتحدر الدم عليها فمات منها ، فدفناه .

                                                                          وبه ، قال : حدثني أحمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا علي بن إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الله يعني ابن المبارك ، قال : أخبرنا عيسى بن عمر ، عن السدي ، قال : حدثني ابن عم لعمرو بن عتبة ، قال : نزلنا في مرج حسن ، فقال عمرو بن عتبة : ما أحسن هذا المرج ، ما أحسن الآن لو أن مناديا نادى : يا خيل الله اركبي ! [ ص: 143 ] فخرج رجل فكان في أول من لقي فأصيب ، ثم جيء به . فدفن في هذا المرج . قال : فما كان بأسرع من أن نادى مناديا يا خيل الله اركبي ، فخرج عمرو في سرعان الناس في أول من خرج ، فأتي عتبة فأخبر بذلك ، فقال : علي عمرا ! علي عمرا ! فأرسل في طلبه فما أدرك حتى أصيب . قال : فما أراه دفن إلا في مركز رمحه وعتبة يومئذ على الناس . قال : وقال غير السدي أصابه جرح ، فقال : والله إنك لصغير ، وإن الله ليبارك في الصغير ، دعوني في مكاني هذا حتى أمسي ، فإن أنا عشت فارفعوني . قال : فمات في مكانه ذلك .

                                                                          وبه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا سعيد بن عامر ، عن هشام صاحب الدستوائي ، قال : لما توفي عمرو بن عتبة بن فرقد دخل بعض أصحابه على أخته ، فقال : أخبرينا عنه ، فقالت : قام ذات ليلة فاستفتح سورة (حم) ، فلما أتى على هذه الآية وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين فما جازها حتى أصبح .

                                                                          روى له النسائي ، وابن ماجه .

                                                                          أخبرنا أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني ، قال : أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي ، وفاطمة [ ص: 144 ] بنت عبد الله . قال الصيرفي : أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه . وقالت فاطمة بنت عبد الله : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، قالا : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا عبيد بن غنام ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن مسروق ، وعمرو بن عتبة أنهما كتبا إلىسبيعة بنت الحارث الأسلمية يسألانها عن أمرها ، فكتبت إليهما : إنها وضعت بعد وفاة زوجها بخمس وعشرين ، فتهيأت لطلب الخير ، فمر بها أبو السنابل بن بعكك فقال : قد أسرعت اعتدي آخر الأجلين أربعة أشهر وعشرا ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله استغفر لي . قال : وما ذاك ؟ فأخبرته الخبر ، فقال : إن وجدت زوجا صالحا فتزوجي .

                                                                          رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، فوافقناه فيه بعلو .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية