الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء


                                                                          4553 - (م 4) : عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود [ ص: 454 ] الهذلي ، أبو عبد الله الكوفي الزاهد ، أخو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة الفقيه .

                                                                          روى عن : أبي فاختة سعيد بن علاقة (ق) ، والد ثوير بن أبي فاختة ، وسعيد بن المسيب ، وعامر الشعبي (م) ، وعبد الله بن عباس ، وأبيه عبد الله بن عتبة بن مسعود (م د س ق) ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب (م ت س) ، وعبد الله بن عمرو بن العاص (سي) ، وعم أبيه عبد الله بن مسعود (د ت ق) ، مرسلا ، وأخيه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (مد) ، ويوسف بن عبد الله بن سلام (سي) ، وأبي بردة بن أبي موسى الأشعري (م) ، وأبي هريرة ، وأسماء بنت أبي بكر ، وأختها عائشة بنت أبي بكر زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وأم الدرداء (س) ، ويقال : إن روايته عن الصحابة مرسلة .

                                                                          [ ص: 455 ] روى عنه : إسحاق بن يزيد الهذلي (د ت ق) ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وجعفر بن ربيعة (سي) ، وحماد بن حميد المدني (ق) ، وأخوه حمزة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وحنظلة بن أبي سفيان الجمحي ، وزيد العمي ، وسعيد بن أبي سعيد المقبري ، وسعيد بن أبي هلال المصري (م س) ، وأبو حازم سلمة بن دينار ، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر ، وشيبة بن المساور ، وصالح بن صالح بن حي ، وعبد الله بن الوليد المزني ، وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي (د ق) ، وعبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري والد يعقوب بن عبد الرحمن ، وعبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب ، وأبو العميس عتبة بن عبد الله المسعودي (مد) ، وعمرو بن مرة (س) ، وعيسى بن عمر النحوي ، وقتادة (م) ، وقرة بن خالد ، ومالك بن مغول ، ومجالد بن سعيد ، ومحمد بن سوقة ، ومحمد بن عجلان (ت س ق) ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، ومسعر بن كدام ، ومطرف بن معقل الشقري ، ومعن بن عبد الرحمن المسعودي ، وموسى بن أبي عيسى الطحان (ق) أخو عيسى بن أبي عيسى الحناط ، وموسى الجهني ، وأبو سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي ، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت ، ونوفل بن الفرات ، ويحيى بن جابر الطائي ، ويحيى بن عبد الله بن بحير بن ريسان ، ويحيى بن عبد الرحمن الثقفي (سي) ، ويعقوب بن عبد الله بن الأشج ، وأبو إسحاق الشيباني ، وأبو الزبير المكي (م ت س) ، وأبو علقمة مولى بني هاشم .

                                                                          [ ص: 456 ] قال حنبل بن إسحاق عن أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن منصور عن يحيى بن معين : ثقة .

                                                                          وكذلك قال العجلي ، والنسائي .

                                                                          وقال أبو الحسن بن البراء ، عن علي بن المديني : قال عون بن عبد الله : صليت خلف أبي هريرة .

                                                                          وذكر أبو عيسى الترمذي ، والدارقطني أن روايته عن عبد الله بن مسعود مرسلة .

                                                                          وذكره محمد بن سعد في الطبقة الثالثة من أهل الكوفة ، وقال : لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة رحل إليه عون بن عبد الله ، وأبو الصباح موسى بن أبي كثير ، وعمر بن ذر فكلموه في الإرجاء وناظروه فزعموا أنه وافقهم ولم يخالفهم في شيء منه . وكان ثقة ، كثير الإرسال .

                                                                          وقال الأصمعي ، عن أبي نوفل الهذلي ، عن أبيه : ولد عتبة بن مسعود : عبد الله كان واليا لعمر بن الخطاب ، فولد عبد الله : عبيد الله ، وعونا ، وعبد الرحمن . فأما عبيد الله فكان من فقهاء أهل المدينة وخيارهم وكان أعمى ، وأما عون بن عبد الله فكان من آدب أهل المدينة وأفقههم وكان مرجئا ثم رجع عن ذلك ، فأنشأ [ ص: 457 ] يقول :


                                                                          لأول ما تفارق غير شك ففارق ما يقول المرجئونا     وقالوا مؤمن من أهل جور
                                                                          وليس المؤمنون بجائرينا     وقالوا مؤمن دمه حلال
                                                                          وقد حرمت دماء المؤمنينا

                                                                          ثم خرج مع ابن الأشعث ، فهرب حيث هربوا ، فأتى محمد بن مروان بنصيبين فآمنه وألزمه ابنه ، فقال له محمد : كيف رأيت ابن أخيك ؟ قال : ألزمتني رجلا إن قعدت عنه عتب ، وإن أتيته حجب ، وإن عاتبته صخب ، وإن صاخبته غضب ، فتركه ولزم عمر بن عبد العزيز وهو خليفة ، وكانت له منه منزلة ، وخرج جرير فأقام بباب عمر بن عبد العزيز فطال مقامه فكتب إلى عون بن عبد الله :


                                                                          يا أيها القارئ المرخي عمامته     هذا زمانك إني قد خلا زمني
                                                                          أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه     أني لدى الباب كالمشدود في قرن

                                                                          قال : وأما عبد الرحمن بن عبد الله فهو الذي يقول :


                                                                          تأثل حب عثمة في فؤادي     فباديه مع الخافي يسير
                                                                          صدمت القلب ثم دررت فيه     هواك فليط فالتام الفطور
                                                                          تغلغل حيث لم يدخل شراب     ولا حزن ولم يدخل سرور

                                                                          وقال :


                                                                          أبادر بالمال سهمانه     وقوال المعروف والرائث

                                                                          [ ص: 458 ]

                                                                          وأمنح نفسي الذي تشتهي     وأوثر نفسي على الوارث

                                                                          وقال إسماعيل بن بهرام عن أبي أسامة : وصل إلى عون بن عبد الله أكثر من عشرين ألف درهم ، فقال له أصحابه : لو اعتقدت عقدة لولدك ، فقال : أعتقدها لنفسي ، وأعتقد الله لولدي .

                                                                          قال أبو أسامة : فلم يكن في المسعوديين أحد أحسن حالا من ولد عون بن عبد الله .

                                                                          وقال سفيان بن وكيع بن الجراح ، عن أبيه : بلغني أن عون بن عبد الله لما حضرته الوفاة أوصى بضيعة له أن تباع وأن يتصدق بها عنه ، فقيل له : تصدق بضيعتك وتدع عيالك ؟ قال : أقدم هذه لنفسي وأدع الله لعيالي .

                                                                          وقال سفيان بن عيينة ، عن أبي هارون موسى بن أبي عيسى : كان عون يحدثنا ولحيته ترتش بالدموع .

                                                                          وقال خالد بن يزيد الطبيب ، عن مسلمة بن جعفر : قال عون بن عبد الله : ويحي كيف أغفل عن نفسي وملك الموت ليس يغفل عني ! ؟ ويحي كيف أزعم أن معي عقلي وأنا مضيع من الآخرة حظي ! ؟ ويحي ويحي ! بل ويلي ويلي ! والويل حل بي إن مت [ ص: 459 ] مقيما على معصية ربي . قال : ثم يبكي حتى تبل لحيته بالدموع .

                                                                          وقال يزيد بن هارون عن المسعودي : قال عون بن عبد الله : إن من كان قبلنا كانوا يجعلون لدنياهم ما فضل عن آخرتهم ، وإنكم اليوم تجعلون لآخرتكم ما فضل عن دنياكم .

                                                                          وقال محمد بن زكريا الغلابي : حدثنا العباس بن بكار عن عبد الله بن سليمان ، عن ابن عجلان ، عن عون بن عبد الله أنه كان يقول : اليوم المضمار وغدا السباق ، والسبقة الجنة والغاية النار ، فبالعفو تنجون ، وبالرحمة تدخلون الجنة ، وبالأعمال تقتسمون المنازل .

                                                                          وقال أبو خالد الأحمر ، عن ابن عجلان ، عن عون بن عبد الله : ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل عن الفارين ، والغافل في الذاكرين كالفار عن المقاتلين .

                                                                          وقال المسعودي ، عن عون بن عبد الله : لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة قد غفلها عن نفسه .

                                                                          وقال زيد بن عوف : حدثنا سعيد بن زربي ، عن ثابت البناني ، قال : كان لعون بن عبد الله جارية يقال لها بشرة وكانت تقرأ القرآن بألحان ، فقال يوما : يا بشرة اقرئي على إخواني . فكانت [ ص: 460 ] تقرأ بصوت وجيع حزين ، فرأيتهم يلقون العمائم من رؤوسهم ويبكون ، فقال لها يومئذ : يا بشرة قد أعطيت بك ألف دينار لحسن صوتك ، اذهبي فلا يملكك علي أحد فأنت حرة لوجه الله . قال ثابت : وهي عجوز بالكوفة لولا أن أشق عليها لبعثت إليها حتى تقدم علينا فتكون عندنا حتى تموت .

                                                                          وقال هارون بن معروف ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة : كان عون بن عبد الله يقص فإذا فرغ أمر جارية له تقص وتطرب . قال مغيرة : فأرسلت إليه أو أردت أن أرسل إليه : إنك من أهل بيت صدق وإن الله لم يبعث نبيه بالحمق ، وإن صنيعك هذا صنيع أحمق ! .

                                                                          وقال مطلب بن زياد ، عن ليث بن أبي سليم : لما مات عون بن عبد الله تركت مجالسة الناس زمانا حزنا عليه . وقال البخاري فيمن مات ما بين عشر ومائة إلى عشرين ومائة : حدثنا علي قال : سمعت سفيان يقول : كنت أرى عون بن عبد الله وأنا صبي يجيء إلى جدي أبي المتئد .

                                                                          قال البخاري : وهو ابن عتبة بن مسعود الهذلي الكوفي . وقال بعده : قال مصعب : قتل عبد الوهاب بن بخت مع البطال سنة ثلاث عشرة ومائة . [ ص: 461 ]

                                                                          روى له الجماعة سوى البخاري .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية