الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء


                                                                          4568 - (خت مد س ق) : العلاء بن زياد بن مطر بن شريح العدوي أبو نصر البصري ، قدم الشام . أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم (مد) .

                                                                          روى عن : بشير بن كعب العدوي ، والحسن البصري (س) ، وأبيه زياد بن مطر العدوي ، وشداد بن أوس مرسل ، وعبادة بن الصامت كذلك ، وعمران بن حصين ، وعياض بن حمار (عخ) ، ومطرف بن عبد الله بن الشخير ، ومعاذ بن جبل مرسل ، وأبي ذر كذلك ، وأبي هريرة (ق) .

                                                                          روى عنه : إبراهيم بن أبي عبلة ، وإسحاق بن سويد العدوي (مد) ، وأسيد بن عبد الرحمن الخثعمي ، وأوفى بن دلهم ، [ ص: 498 ] وجرير بن حازم ، وحماد بن زيد (قد س) ، وحميد بن هلال العدوي ، وسويد بن حجير الباهلي ، وعبيدة العدوي ، وعتبة الأعور ، وقتادة (عخ ق) ، ومطر الوراق ، وهارون بن رئاب ، وهشام بن حسان ، وأخوه هشام بن زياد العدوي ، وأبو غالب الباهلي .

                                                                          قال محمد بن الحسين البرجلاني ، عن أبي إسحاق الضرير ، عن الأسود بن شيبان ، عن قتادة : كان زياد بن مطر العدوي قد بكى حتى عمي وبكى ابنه العلاء بن زياد بعده حتى عشي بصره ، قال : وكان إذا أراد أن يتكلم أو يقرأ جهشه البكاء .

                                                                          وقال أيضا عن حكيم بن جعفر ، عن مضر القارئ ، عن عبد الواحد بن زيد : أتى رجل العلاء بن زياد ، فقال : أتاني آت في منامي ، فقال : ائت العلاء بن زياد فقل له : كم تبكي ، قد غفر لك ، قال : فبكى ثم قال : الآن حين لا أهدأ .

                                                                          وقال أيضا عن عبيد الله بن محمد التيمي ، عن سلمة بن سعيد : رؤي للعلاء بن زياد أنه من أهل الجنة ، فمكث ثلاثا لا ترقأ له دمعة ولا يكتحل بنوم ولا يذوق طعاما قال : فأتاه الحسن ، فقال : أي أخي أتقتل نفسك أن بشرت بالجنة ! فازداد بكاء على بكائه ، فلم يفارقه الحسن حتى أمسى ، وكان صائما فطعم شيئا .

                                                                          وقال سيار بن حاتم ، عن جعفر بن سليمان الضبعي : [ ص: 499 ] سمعت مالك بن دينار يسأل هشام بن زياد العدوي عن هذا الحديث ، فحدثنا به يومئذ قال : تجهز رجل من أهل الشام وهو يريد الحج ، فأتاه آت في منامه ، فقال : ائت العراق ثم ائت البصرة ثم ائت بني عدي فأت بها العلاء بن زياد فإنه رجل ربعة أقصم الثنية بسام فبشره بالجنة . قال : فقال : رؤيا ليست بشيء . حتى إذا كانت الليلة الثانية رقد فأتاه آت فقال : ألا تأتي العراق ؟ فذكر مثل ذلك حتى إذا كانت الليلة الثالثة جاءه بوعيد ، فقال : ألا تأتي العراق ، ثم تأتي البصرة ثم تأتي بني عدي فتلقى العلاء بن زياد رجل ربعة أقصم الثنية بسام تبشره بالجنة ؟ قال : فأصبح فأعد جهازه إلى العراق فلما خرج من البيوت إذا الذي أتاه في منامه يسير بين يديه ما سار ، فإذا نزل فقده ، فلم يزل يراه حتى دخل الكوفة ففقده ، قال : فتجهز من الكوفة فخرج فرآه يسير بين يديه ، حتى قدم البصرة فأتى بني عدي فدخل دار العلاء بن زياد فوقف الرجل على باب العلاء فسلم . قال هشام : فخرجت إليه فقال لي : أنت العلاء بن زياد ؟ فقلت : لا وقلت : انزل رحمك الله فضع رحلك وضع متاعك ، فقال : لا ، أين العلاء بن زياد ؟ قال : قلت : هو في المسجد . قال : وكان العلاء يجلس في المسجد ويدعو بدعوات ويتحدث . قال هشام : فأتيت العلاء فخفف من حديثه وصلى ركعتين ثم جاء فلما رآه العلاء تبسم فبدت ثنيته ، فقال : هذا والله صاحبي . قال : فقال العلاء : هلا حططت رحل الرجل ، ألا أنزلته . قال : قد قلت له فأبى . قال : فقال العلاء : انزل [ ص: 500 ] رحمك الله . قال : فقال : أخلني . قال : فدخل العلاء منزله ، وقال : يا أسماء تحولي إلى البيت الآخر . قال : فتحولت ودخل الرجل وبشره برؤياه ، ثم خرج فركب . قال : وقام العلاء فأغلق بابه وبكى ثلاثة أيام - أو قال : سبعة أيام - لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا ولا يفتح بابه . قال هشام : فسمعته يقول في خلال بكائه : أنا أنا . قال : فكنا نهابه أن نفتح بابه وخشيت أن يموت ، فأتيت الحسن فذكرت ذلك له ، قلت : لا أراه إلا ميتا لا يأكل ولا يشرب باكيا . قال : فجاء الحسن حتى ضرب عليه بابه ، فقال : افتح يا أخي ، فلما سمع كلام الحسن قام ففتح بابه وبه من الضر شيء الله به عليم ، فكلمه الحسن ، ثم قال : رحمك الله ومن أهل الجنة إن شاء الله أفقاتل نفسك أنت ؟ قال هشام : حدثنا العلاء لي وللحسن بالرؤيا ، وقال : لا تحدثوا بها ما كنت حيا .

                                                                          أخبرنا بذلك أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا القاضي أبو المكارم اللبان ، قال : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي زياد ، قال : حدثنا سيار ، قال : حدثنا جعفر ، فذكره .

                                                                          وبهذا الإسناد إلى أبي نعيم ، قال : حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : حدثنا أبو العباس السراج ، قال : حدثنا هارون بن عبد الله ، قال : حدثنا سيار ، قال : حدثنا الحارث بن نبهان ، قال : [ ص: 501 ] حدثنا هارون بن رئاب الأسيدي ، عن العلاء بن زياد العدوي ، قال : رأيت الدنيا في منامي امرأة قبيحة عليها من كل زينة قلت : من أنت يا عدوة الله ؟ من أنت أعوذ بالله منك ؟ قالت : أنا الدنيا إن سرك أن يعيذك الله مني فأبغض الدرهم ! .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، قال : حدثنا زكريا بن يحيى ، قال : حدثنا الأصمعي ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، قال : كان العلاء بن زياد العدوي يقول : لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه عز وجل نفسه فأقاله ، فليعمل بطاعة الله عز وجل .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين ، قال : حدثنا عبد الله بن سليمان ، قال : حدثنا علي بن صدقة الجبلاني ، قال : سمعت مخلد بن حسين ، عن هشام بن حسان ، قال : كنت أمشي خلف العلاء بن زياد العدوي وكنت أتوقى الطين ، قال : فدفعه إنسان فوقعت رجله في الطين ، قال : فخاضه فلما وصل إلى الباب وقف ، فقال : رأيت يا هشام ؟ قلت : نعم . قال : كذلك المرء المسلم يتوقى الذنوب ، فإذا وقع فيها خاضها .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبو مسلم بن معمر ، وسليمان بن أحمد ، [ ص: 502 ] قالا : حدثنا أبو شعيب الحراني ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله ، قال : حدثنا الأوزاعي ، قال : حدثنا أسيد بن عبد الرحمن الفلسطيني ، عن العلاء بن زياد ، قال : إنكم في زمان أقلكم الذي ذهب عشر دينه ، وسيأتي عليكم زمان أقلكم الذي يبقى عشر دينه .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي ، قال : حدثنا الحسن بن المثنى ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا همام ، قال : حدثنا قتادة ، عن العلاء بن زياد ، قال : ما يضرك شهدت على مسلم بكفر أو قتلته .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : حدثنا علي بن إسحاق ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن ، قال : حدثنا هيثم بن جميل ، قال : حدثنا مخلد بن الحسين ، عن هشام بن حسان أن العلاء بن زياد كان قوت نفسه رغيفا كل يوم وكان يصوم حتى يخضر ويصلي حتى يسقط ، فدخل عليه أنس بن مالك ، والحسن ، فقالا : إن الله تعالى لم يأمرك بهذا كله ، فقال : إنما أنا عبد مملوك لا أدع من الاستكانة شيئا إلا جئته .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أحمد بن أبان ، قال : حدثنا أبو بكر بن عبيد ، قال : حدثت عن عبد السلام بن مطهر ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن هشام بن حسان ، عن أوفى [ ص: 503 ] بن دلهم ، قال : كان للعلاء بن زياد مال ورقيق فأعتق بعضهم ووصل بعضهم وباع بعضهم وأمسك غلاما أو غلامين يأكل غلتهما ، فتعبد فكان يأكل كل يوم رغيفين ، وترك مجالسة الناس ولم يكن يجالس أحدا ، يصلي في جماعة ثم يرجع إلى أهله ويجمع ثم يرجع إلى أهله ، ويشيع الجنازة ويعود المريض ثم يرجع إلى أهله ، فطفئ ، فبلغ ذلك إخوانه فاجتمعوا ، فأتاه أنس بن مالك ، والحسن والناس وقالوا : رحمك الله أهلكت نفسك لا يسعك هذا ، فكلموه وهو ساكت ، حتى إذا فرغوا من كلامهم ، قال : إنما أتذلل لله عز وجل لعله يرحمني .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني محمد بن عبيد بن حساب ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : حدثنا هشام بن زياد أخو العلاء بن زياد ، قال : كان العلاء بن زياد يحيي كل ليلة جمعة ، قال : فوجد ليلة فترة ، فقال لامرأته : يا أسماء إني أجد فترة فإذا مضى كذا وكذا فأيقظيني . قالت : نعم . فأتاه آت في منامه فأخذ بناصيته ، فقال : يا ابن زياد قم فاذكر الله يذكرك . قال : فقام فما زالت تلك الشعرات التي أخذها منه قائمة حتى مات رحمه الله .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : حدثنا [ ص: 504 ] عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : حدثنا العلاء بن زياد أن رجلا كان يرائي بعمله فجعل يشمر ثيابه ويرفع صوته إذا ما قرأ فجعل لا يأتي على أحد إلا شتمه ولعنه ، ثم رزقه الله تعالى يقينا بعد ذلك فخفض من صوته وجعل صلاته فيما بينه وبين ربه تعالى ، فجعل لا يأتي بعد ذلك على أحد إلا دعا له بخير وشمت عليه .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا جرير بن عبيد العدوي ، عن أبيه ، قال : قلت للعلاء بن زياد : إذا صليت وحدي لم أعقل صلاتي . قال : أبشر فإن هذا علم الخير ، أما رأيت اللصوص إذا مروا بالبيت الخرب لم يلووا عليه ، وإذا مروا بالبيت الذي فيه المتاع زاولوه حتى يصيبوا منه شيئا ؟! .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا همام ، قال : حدثنا قتادة ، عن العلاء بن زياد ، قال : إنما [ ص: 505 ] نحن قوم وضعنا أنفسنا في النار ، فإن شاء الله أن يخرجنا منها أخرجنا .

                                                                          قال ابن حبان في كتاب " الثقات " : مات بالشام في آخر ولاية الحجاج سنة أربع وتسعين وكان من عباد أهل البصرة وقرائهم . هكذا قال في تأريخ وفاته ، فإن كان ذلك محفوظا ، فإن رواية حماد بن زيد وأقرانه عنه مرسلة ، والله أعلم .

                                                                          ذكره البخاري في تفسير " حم المؤمن " من " صحيحه " فقال : وكان العلاء بن زياد يذكر النار ، فقال رجل : لم تقنط الناس ؟ قال : وأنا أقدر أن أقنط الناس والله يقول : يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ويقول : [ ص: 506 ] إن المسرفين هم أصحاب النار ولكنكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم ، وإنما بعث الله محمدا مبشرا بالجنة لمن أطاعه ومنذرا بالنار لمن عصاه . وروى له في كتاب " أفعال العباد " .

                                                                          وذكره أبو داود في " الجنائز " من سننه ، وروى له في " المراسيل " ، وفي " القدر " وروى له النسائي ، وابن ماجه .

                                                                          أخبرنا أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني ، قال : أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي ، وفاطمة بنت عبد الله . قال محمود : أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه . وقالت فاطمة : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، قالا : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا معاذ بن المثنى ، قال : حدثنا خالد بن خداش ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب وهشام والعلاء بن زياد ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، عن أبي بكرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " .

                                                                          رواه النسائي عن أحمد بن عبدة ، عن حماد بن زيد ، فوقع لنا بدلا عاليا ، وليس له عنده غيره .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية