الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          4947 - (خ م د س) : كثير بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، أبو تمام المدني، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان شقيق تمام بن العباس، أمهما أم ولد .

                                                                          روى عن : الحجاج بن عمرو بن غزية الأنصاري ، وأبيه العباس بن عبد المطلب (م س) ، وأخيه عبد الله بن عباس (خ م د س) ، وعثمان بن عفان ، وعمر بن الخطاب ، وأبي بكر الصديق .

                                                                          [ ص: 132 ] روى عنه : عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري (خ م د س) ، وأبو الأصبغ السلمي مولى بني سليم .

                                                                          قال مصعب بن عبد الله الزبيري : كان فقيها فاضلا لا عقب له، وأمه أم ولد.

                                                                          وقال يعقوب بن شيبة : يعد في الطبقة الأولى من أهل المدينة ممن ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبي بكر، وعمر، وعثمان.

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد : كان ينزل قريتي مالك على اثنين وعشرين ميلا من المدينة، وكان ينزل إلى المدينة كل جمعة، فينزل دار أبيه التي عند مجزرة ابن عباس.

                                                                          وقال العباس بن الفرج الرياشي : حدثني يعقوب بن جعفر، عن محمد بن صالح بن معاوية بن عبد الله بن جعفر قال : قدم رجل على معاوية، فقال له : من تركت أفقه الناس؟ قال : عبد الله بن عباس. قال : فمن تركت أحمد الناس؟ قال : عبيد الله بن العباس، قال : فمن تركت أعبد الناس؟ قال : كثير بن العباس.

                                                                          أخبرنا بذلك أحمد بن أبي الخير، قال : أنبأنا يحيى بن أسعد بن بوش، قال : أخبرنا أبو طالب بن يوسف، قال : أخبرنا أبو محمد الجوهري، قال : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن علي بن [ ص: 133 ] محمد بن أحمد بن الجهم الكاتب، قال : حدثنا أبو الفياض سوار بن أبي شراعة البصري، قال : حدثنا الرياشي، فذكره.

                                                                          وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" وقال : كان رجلا صالحا فاضلا فقيها، لا عقب له، وكان هو وتمام بن العباس من أم واحدة، أمهما أم ولد، مات كثير بالمدينة في أيام عبد الملك بن مروان. روى له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.

                                                                          أخبرنا أبو إسحاق بن الدرجي، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني في جماعة، قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، قالت : أخبرنا أبو بكر ابن ريذة، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال : حدثنا أحمد بن المعلى القاضي، قال : حدثنا صفوان بن صالح، قال : حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن كثير بن العباس، عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم كسفت الشمس أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات .

                                                                          [ ص: 134 ] أخرجوه من طرق عن الزهري، قد كتبنا بعضها في ترجمة عبد الرحمن بن نمر.

                                                                          وأخبرنا أبو الحسن ابن البخاري، وأبو الغنائم بن علان، قالا : أخبرنا حنبل بن عبد الله، قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، قال : أخبرنا أبو علي بن المذهب، قال : أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد، قال : حدثني أبي، قال : حدثنا عبد الرزاق، قال : حدثنا معمر، عن الزهري، قال : أخبرني كثير بن عباس بن عبد المطلب، عن أبيه العباس ، قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، قال : فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، فلزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه، وهو على بغلة شهباء، وربما قال معمر : بيضاء، أهداها له فروة بن نعامة الجذامي، فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين، وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار.

                                                                          قال العباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها، وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بغرز رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا عباس نادنا أصحاب السمرة" قال : وكنت رجلا صيتا، فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة؟ قال : فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا : يا لبيك يا لبيك يا لبيك، [ ص: 135 ] وأقبل المسلمون فاقتتلوا هم والكفار، فنادت الأنصار يقولون : يا معشر الأنصار، ثم قصر الداعون على بني الحارث بن الخزرج، فنادوا : يا بني الحارث بن الخزرج، قال : فنظر رسول الله وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هذا حين حمي الوطيس" قال : ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال : انهزموا ورب الكعبة، انهزموا ورب الكعبة، قال : فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، فوالله ما هو إلا أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصياته، فما زلت أرى جدهم كليلا وأمرهم مدبرا، حتى هزمهم الله، قال : وكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلته.

                                                                          وبه قال : حدثنا عبد الله بن أحمد، قال : حدثني أبي، قال : حدثنا سفيان، قال : سمعت الزهري مرة أو مرتين، فلم أحفظه عن كثير بن عباس، قال : كان عباس، وأبو سفيان معه - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - قال : فحصبهم، وقال : الآن حمي الوطيس، وقال : ناديا أصحاب سورة البقرة.


                                                                          أخرجه مسلم من حديث يونس بن يزيد، ومن حديث معمر، ومن حديث سفيان، عن الزهري، فوقع لنا بدلا عاليا.

                                                                          وأخرجه النسائي من حديث محمد بن ثور، عن معمر، فوقع لنا عاليا.

                                                                          وهذا جميع ما له عندهم، والله أعلم.

                                                                          [ ص: 136 ]

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية