الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          5016 - (ع) : ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري، مولى عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، وقيل : مولى ابن ثابت بن ظاعن، جد عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، [ ص: 256 ] وأهل بيته يقولون : نحن من الفرس من أهل أصبهان.

                                                                          قال أبو سعيد بن يونس : وليس لما قالوه من ذلك عندنا صحة.

                                                                          وروي عن الليث أنه قال مثل ذلك، والمشهور أنه فهمي، وفهم من قيس عيلان، ولد بقرقشندة قرية على نحو أربعة فراسخ من مصر.

                                                                          وقال أبو الشيخ الأصبهاني : سمعت أبا الحسن الطحان يقول : سمعت ابن زغبة يقول : سمعت الليث يقول : نحن من أصبهان، فاستوصوا بهم خيرا.

                                                                          وقال أيضا : حدثني ابن صبيح، قال : حدثنا إسماعيل بن يزيد، قال : سمعت بعض أصحابنا يقول : ليث بن سعد من أهل أصبهان من ماربين.

                                                                          وقال يحيى بن بكير : سعد أبو الليث بن سعد مولى لقريش، وإنما افترض أبوه سعد وجده، والليث في فهم، كان ديوانه فيهم، فنسب إلى فهم، وأصلهم من أصبهان.

                                                                          روى عن : إبراهيم بن أبي عبلة (عخ س) ، وإبراهيم بن نشيط الوعلاني (د س) ، وإسحاق بن بزرج المصري ، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة (ت ق) ، وأيوب بن موسى (م س) ، وبكر بن [ ص: 257 ] سوادة (د) ، وبكير بن عبد الله بن الأشج (خ م س) ، وجعفر بن ربيعة (ع) ، وجعفر بن عبد الله بن الحكم الأنصاري (د) ، والجلاح أبي كثير مولى عبد العزيز بن مروان (ت سي) ، والحارث بن يزيد الحضرمي ، والحارث بن يعقوب (م س) والد عمرو بن الحارث ، والحسن بن ثوبان (مد سي) ، وحكيم بن عبد الله بن قيس بن مخرمة (م 4) ، وأبي غسان حكيم بن عبد الرحمن المصري (قد) ، وحنين بن أبي حكيم (د س) ، وخالد بن أبي عمران (س) ، وخالد بن يزيد المصري (خ م د ت س فق) ، والخليل بن مرة (ت) ، وجبر بن نعيم الحضرمي (م س) ، ودراج أبي السمح (د) ، والربيع بن سبرة بن معبد الجهني (م س) ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن (س) ، وأبي عقيل زهرة بن معبد (ت س ق) ، وزيادة بن محمد الأنصاري (د سي) ، وسعيد بن بشير البخاري (د) ، وسعيد بن أبي سعيد المقبري (خ م د س ق) ، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي (س) وهو من أقرانه، وسعيد بن أبي هلال ، وأبي شجاع سعيد بن يزيد (م د ت س) ، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي الكبير (س) ، وشعيب بن إسحاق الدمشقي (س) وهو أصغر منه، وصفوان بن سليم (د ت) ، وعامر بن يحيى المعافري (ت ق) ، وأبي الزناد عبد الله بن ذكوان (م ت) ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين (ق) ، وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة (ع) ، وعبد الله بن يحيى [ ص: 258 ] الأنصاري (ق) ، وعبد ربه بن سعيد الأنصاري (ت س) ، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر (خ مد ت س) ، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (م ت س ق) ، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون (خ) وهو من أقرانه، وعبد الملك بن جريج (م) ، وعبيد الله بن أبي جعفر المصري (خ م د س ق) ، وعبيد الله بن عمر العمري (ت س ق) ، وعطاء بن أبي رباح (م 4) ، وعقيل بن خالد (ع) ، وعمر بن عبد الله مولى غفرة (قد) ، وعمرو بن الحارث ، وعمران بن أبي أنس (م ت س) ، وعميرة بن أبي ناجية (س) ، والعلاء بن كثير (سي) ، وعياش بن عباس (ت) ، وعيسى بن موسى بن محمد بن إياس بن البكير ، وقتادة بن دعامة السدوسي (س) ، وقيس بن الحجاج (ت) ، وكثير بن فرقد (خ س) ، ومحمد بن عبد الرحمن بن عنج (م د س) ، ومحمد بن عجلان (بخ م د ت س) ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري (ع) ، ومحمد بن يحيى بن حبان (خ) ، ومشرح بن هاعان (ق) ، ومعاوية بن صالح (بخ م د ت س) ، وموسى بن أيوب الغافقي (د) ، وموسى بن علي بن رباح (م ت س) ، ونافع مولى ابن عمر (ع) ، ونجيح أبي معشر المدني (س) ، وهشام بن سعد (خت د ت) ، وهشام بن عروة (خ م س) ، والوليد بن دينار [ ص: 259 ] السعدي ، والوليد بن أبي الوليد (تم) ، ويحيى بن أيوب المصري (د س) ، ويحيى بن سعيد الأنصاري (خ م ت س) ، ويحيى بن سليم بن زيد (د) مولى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويزيد بن أبي حبيب (ع) ، ويزيد بن عبد الله بن الهاد ، ويزيد بن محمد القرشي (خ د) ، ويونس بن يزيد الأيلي (خ م) ، وأبي الزبير المكي (م 4) ، وأبي قبيل المعافري (ت س) .

                                                                          روى عنه : أحمد بن عبد الله بن يونس (خ م) ، وآدم بن أبي إياس (خ س) ، وأشهب بن عبد العزيز (س) ، وبشر بن السري (ص) ، وحجاج بن محمد (س) ، وحجين بن المثنى (م د ت س) ، وأبو العلاء الحسن بن سوار (ت س) ، وداود بن منصور النسائي (س) ، وزيد بن يحيى بن عبيد (ق) ، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم (د س ق) ، وسعيد بن زكريا الأدم ، وسعيد بن سليمان الواسطي (خ) ، وسعيد بن شرحبيل (خ س ق) ، وسعيد بن كثير بن عفير (خ قد س) ، وشبابة بن سوار (م) ، وشجاع بن الأشرس بن ميمون السرخسي ، وابنه شعيب بن الليث بن سعد (م د س) ، وشعيب بن يحيى التجيبي ، وعاصم بن علي بن عاصم الواسطي ، وعبد الله بن راشد الخولاني ، وكاتبه أبو صالح عبد الله بن صالح (خت د ت ق) ، وعبد الله بن عبد الحكم (س) ، وعبد الله بن لهيعة وهو من أقرانه، وعبد الله بن المبارك (خ) ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي (د) ، وعبد الله بن نافع الصائغ (د س) ، وعبد الله بن وهب (م د س ق) ، وعبد الله بن يحيى البرلسي (د) ، وعبد الله بن [ ص: 260 ] يزيد المقرئ (خ) ، وعبد الله بن يوسف التنيسي (خ س) ، وعبد الرحمن بن غزوان المعروف بقراد أبي نوح (ت) ، وأبو خليد عتبة بن حماد ، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي (س) ، وعثمان بن صالح السهمي ، وعطاف بن خالد المخزومي وهو من أقرانه، وعلي بن عياش الحمصي (د س) ، وعلي بن نصر الجهضمي الكبير (م) ، وعمرو بن خالد الحراني (خ) ، وعمرو بن الربيع بن طارق (خ) ، وأبو الجهم العلاء بن موسى بن عطية الباهلي ، وعيسى بن حماد زغبة (م د س ق) وهو آخر من حدث عنه من الثقات، وغسان بن الربيع الموصلي ، وفضالة بن إبراهيم النسائي ، والقاسم بن كثير الإسكندراني (س) ، وقتيبة بن سعيد البلخي (خ م د ت س) ، وقتيبة بن مهران الأصبهاني ، وقيس بن الربيع الأسدي وهو من أقرانه، وكامل بن طلحة الجحدري ، ومحمد بن بكار بن بلال العاملي ، ومحمد بن الحارث بن راشد المصري (ق) ، ومحمد بن خلاد بن هلال الإسكندراني ، ومحمد بن رمح بن المهاجر المصري (م ق) ، ومحمد بن عجلان وهو من شيوخه، ومروان بن محمد الطاطري (م د س) ، وأبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي (م س) ، وموسى بن داود الضبي ، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار ، وأبو النضر هاشم بن القاسم (م) ، وهشام بن سعد وهو من شيوخه، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي (خ م ت) ، وهشيم بن بشير (س) وهو من أقرانه، والوليد بن مسلم ، ووهب بن جرير بن حازم ، ويحيى بن إسحاق السيلحيني (ت) ، ويحيى بن عبد الله بن بكير (خ م ق) ، ويحيى بن يحيى الأندلسي ، ويحيى بن يحيى النيسابوري (م س) ، ويزيد بن خالد بن موهب الرملي (د س) ، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد (م س) ، [ ص: 261 ] ويونس بن محمد المؤدب (ت ق)

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الخامسة من أهل مصر، قال : وكان قد استقل بالفتوى في زمانه، وكان ثقة كثير الحديث صحيحه، وكان سريا من الرجال، نبيلا، سخيا، له ضيافة.

                                                                          وقال أحمد بن سعد بن إبراهيم الزهري : سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الليث بن سعد؟ فقال : ثقة ثبت.

                                                                          وقال حنبل بن إسحاق : سئل أبو عبد الله ابن أبي ذئب أحب إليك عن المقبري أو ابن عجلان عن المقبري؟ قال : ابن عجلان اختلط عليه سماعه من سماع أبيه، وليث بن سعد أحب إلي منهم فيما يروي عن المقبري.

                                                                          وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : أصح الناس حديثا عن سعيد المقبري ليث بن سعد، بفضل ما روى عن أبي هريرة، وما روى عن أبيه، عن أبي هريرة.

                                                                          وقال أبو داود : حدثنا محمد بن الحسين قال : سمعت أحمد يقول : الليث بن سعد ثقة، ولكن في أخذه سهولة.

                                                                          [ ص: 262 ] وقال أبو داود أيضا : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ليس فيهم - يعني أهل مصر - أصح حديثا من الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث يقاربه.

                                                                          وقال أبو بكر الأثرم : سمعت أبا عبد الله يقول : ما في هؤلاء المصريين أثبت من الليث بن سعد لا عمرو بن الحارث ولا أحد، وقد كان عمرو بن الحارث عندي، ثم رأيت له أشياء مناكير، ثم قال أبو عبد الله : ليث بن سعد ما أصح حديثه! وجعل يثني عليه، فقال إنسان لأبي عبد الله : إن إنسانا ضعفه، فقال : لا يدري.

                                                                          وقال أبو طالب ، والفضل بن زياد ، عن أحمد بن حنبل : الليث بن سعد كثير العلم، صحيح الحديث.

                                                                          [ ص: 263 ] وقال إسحاق بن منصور وأبو بكر بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين ، وأبو عبد الرحمن النسائي : ثقة.

                                                                          وقال عباس الدوري : سألت يحيى بن معين قلت : أيهما أثبت؛ ليث بن سعد أو ابن أبي ذئب في سعيد المقبري؟ فقال : كلاهما.

                                                                          وقال أيضا : سمعت يحيى يقول : ليث بن سعد أثبت في يزيد بن أبي حبيب من محمد بن إسحاق، قال يحيى : وقد روى عنه ابن لهيعة فأكثر.

                                                                          وقال يحيى بن أحمد بن زياد عن يحيى بن معين : ليث بن سعد، وحيوة بن شريح، وسعيد بن أبي أيوب : ثقات.

                                                                          وقال عثمان بن سعيد الدارمي : قلت ليحيى بن معين : فالليث أحب إليك أو يحيى بن أيوب؟ فقال : الليث أحب إلي، ويحيى ثقة.

                                                                          قلت : فالليث كيف حديثه عن نافع؟ قال : صالح ثقة.

                                                                          قلت : فإبراهيم بن سعد أحب إليك أو ليث؟ فقال : كلاهما ثقتان.

                                                                          [ ص: 264 ] وقال علي ابن المديني : الليث بن سعد ثبت.

                                                                          وقال العجلي : مصري، فهمي، ثقة.

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سألت أبا زرعة عنه، فقال : صدوق، قلت : يحتج بحديثه؟ قال : إي لعمري.

                                                                          وقال أيضا : سمعت أبي يقول : الليث بن سعد أحب إلي من المفضل بن فضالة.

                                                                          وقال ابن خراش : صدوق، صحيح الحديث.

                                                                          وقال يعقوب بن شيبة : الليث بن سعد ثقة، وهو دونهم في الزهري، يعني : دون مالك، ومعمر، وسفيان بن عيينة، وفي حديثه عن الزهري بعض الاضطراب.

                                                                          وقال يحيى بن بكير ، عن ابن وهب : دخلت على مالك بن أنس، فسألني عن الليث بن سعد، فقال لي : كيف هو؟ قلت : بخير.

                                                                          قال : كيف صدقه؟ قلت : يا أبا عبد الله إنه لصدوق.

                                                                          قال : أما إنه إن فعل متع بسمعه وبصره.

                                                                          [ ص: 265 ] وقال محمد بن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد : سمعت أبي يذكر عن أبيه، قال : قال أبي الليث : قال لي المنصور حين أردت أن أودعه : قد سرني ما رأيت من سداد عقلك، فاتق الله في الرعية أمثالك.

                                                                          وقال يحيى بن بكير : سمعت الليث بن سعد كثيرا ما يقول : أنا أكبر من ابن لهيعة، فالحمد لله الذي متعنا بعقلنا.

                                                                          وقال سعيد بن أبي مريم : قال الليث : حججت سنة ثلاث عشرة يعني ومائة، وأنا ابن عشرين سنة.

                                                                          وقال يحيى بن بكير : حج الليث سنة ثلاث عشرة، فسمع من ابن شهاب بمكة، وسمع من ابن أبي مليكة، وعطاء بن أبي رباح، وأبي الزبير، ونافع، وعمران بن أبي أنس، وعدة مشايخ في هذه السنة.

                                                                          وقال عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد : كنا بمكة سنة ثلاث عشرة وعلى الموسم سليمان بن هشام، وبها ابن شهاب، وعطاء بن أبي رباح، وابن أبي مليكة، وعمرو بن شعيب، وقتادة بن دعامة، وعكرمة بن خالد، وأيوب بن موسى، وإسماعيل بن أمية، فكسفت الشمس بعد العصر، فقاموا قياما يدعون في المسجد، فسألت أيوب بن موسى، فقلت : ما يمنعهم أن يصلوا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي صلاها في الكسوف؟! فقال أيوب بن [ ص: 266 ] موسى : نهي عن الصلاة بعد العصر، والنهي يقطع الأمر.

                                                                          وقال الخضر بن عبيد الأكفاني، عن عيسى بن حماد زغبة، عن الليث : حججت أنا وابن لهيعة، فلما صرت بمكة رأيت نافعا فأقعدته في دكان علاف، قال : فمر بي ابن لهيعة، فقال : من هذا الذي رأيت معك؟ قلت : مولى لنا، فلما قدمنا مصر قلت : حدثني نافع، فوثب إلي ابن لهيعة، فقال : يا سبحان الله! فقلت : ألم تر الأسود معي في دكان العلاف بمكة؟ فقال لي : نعم، فقلت : ذاك نافع، فحج قابلا، فوجده قد توفي.

                                                                          قال : وقدم الأعرج يريد الإسكندرية، فرآه ابن لهيعة، فأخذه، فما زال عنده يحدثه حتى اكترى له سفينة، وأحدره إلى الإسكندرية، فخرج إلى الإسكندرية، فقعد يحدث، فقال : حدثني الأعرج عن أبي هريرة، فقلت : الأعرج! متى رأيته؟ قال : إن أردته هو بالإسكندرية، فخرج الليث إلى الإسكندرية، فوجده قد مات، فذكر أنه صلى عليه.

                                                                          وقال يحيى بن بكير : خرج الليث إلى العراق سنة إحدى وستين.

                                                                          وقال أبو صالح : خرجنا مع الليث بن سعد إلى بغداد سنة إحدى وستين ومائة.

                                                                          خرجنا في شوال، وشهدنا الأضحى ببغداد.

                                                                          وقال الحافظ أبو بكر الخطيب : سمع علماء المصريين، [ ص: 267 ] والحجازيين، وقدم بغداد، فروى عنه من أهلها حجين بن المثنى، وذكر آخرين، ثم قال : وجماعة من البصريين سمعوا منه ببغداد.

                                                                          وقال المفضل بن غسان الغلابي : حدثني أبو نصر عن عبد الله بن يوسف ، قال : قال : الليث بن سعد : لم أسمع من عبيد الله بن أبي جعفر، إنما هي مناولة.

                                                                          وقال عمرو بن علي : الليث بن سعد صدوق، قد سمعت عبد الرحمن بن مهدي يحدث عن ابن المبارك، عن ليث، وسماعه من الزهري قراءة.

                                                                          وقال هارون بن سعيد الأيلي : سمعت ابن وهب يقول : كل ما كان في كتب مالك "وأخبرني من أرضى من أهل العلم" فهو الليث بن سعد.

                                                                          وقال يعقوب بن سفيان، عن يحيى بن بكير، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي : رأيت الليث بن سعد عند ربيعة يناظرهم في المسائل، وقد فرفر أهل الحلقة.

                                                                          وقال حفص بن مدرك بن عاصم المصري : سمعت يحيى [ ص: 268 ] ابن بكير يقول : قال لي الدراوردي : لقد رأيت الليث بن سعد إذا أتى يحيى بن سعيد، وربيعة بن أبي عبد الرحمن وإنهما ليتزحزحان له زحزحة ويعظمانه.

                                                                          وقال يحيى بن عثمان بن صالح، وعثمان بن سعيد الدارمي : - دخل حديث أحدهما في الآخر - عن يحيى بن بكير : حدثنا شرحبيل بن جميل بن يزيد مولى شرحبيل بن حسنة ، قال : أدركت الناس زمن هشام بن عبد الملك والناس إذ ذاك متوافرون، وكان بمصر يزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر، وجعفر بن ربيعة، وابن هبيرة، والحارث بن يزيد، وغيرهم من أهل مصر، ومن يقدم علينا من علماء أهل المدينة، وعلماء أهل الشام للرباط، والليث يومئذ شاب حديث السن، وإنهم ليعرفون لليث فضله، وورعه، وحسن إسلامه، ويقدمونه، ويشار إليه عن حداثة سنه.

                                                                          زاد عثمان بن سعيد في حديثه قال : قال ابن بكير : ورأيت من رأيت فلم أر مثل الليث.

                                                                          وقال عبد الملك بن يحيى بن بكير : سمعت أبي يقول : ما رأيت أحدا أكمل من الليث بن سعد، كان فقيه البدن، عربي اللسان، يحسن القرآن، والنحو، ويحفظ الشعر، والحديث، حسن المذاكرة، وما زال يذكر خصالا جميلة، ويعقد بيده حتى عقد [ ص: 269 ] عشرة، لم أر مثله.

                                                                          وقال محمد بن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد : سمعت أبي يذكر عن أبيه ، قال : قيل لليث : أمتع الله بك! إنا نسمع منك الحديث ليس في كتبك! فقال : أوكل ما في صدري في كتبي؟! لو كتبت ما في صدري ما وسعه هذا المركب.

                                                                          وقال محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي البوشنجي : سمعت ابن بكير يحدث عن يعقوب بن داود وزير المهدي ، قال : قال لي أمير المؤمنين لما قدم الليث بن سعد العراق : الزم هذا الشيخ فقد ثبت عند أمير المؤمنين أنه لم يبق أحد أعلم بما حمل منه.

                                                                          وقال يعقوب بن سفيان : سمعت يحيى بن بكير يقول : قال الليث بن سعد : كنت بالمدينة مع موافاة الحجاج وهي كثيرة الروث والسرقين، فكنت ألبس خفين، فإذا بلغت باب المسجد نزعت أحدهما ودخلت المسجد، فقال يحيى بن سعيد الأنصاري : لا تفعل؛ فإنك إمام، منظور إليك.

                                                                          وقال يحيى بن معين، عن عبد الله بن صالح : أن مالك بن أنس قال في رسالته إلى الليث بن سعد : وأنت في إمامتك، وفضلك، ومنزلتك من أهل بلدك، وحاجة من قبلك إليك، [ ص: 270 ] واعتمادهم على ما جاءهم منك ... وذكر باقي الرسالة.

                                                                          وقال يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي يقول : ما فاتني أحد فأسفت عليه ما أسفت على الليث، وابن أبي ذئب.

                                                                          وقال أبو عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ابن أخي عبد الله بن وهب : سمعت الشافعي يقول : الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به.

                                                                          وقال حرملة بن يحيى : سمعت الشافعي يقول : الليث أتبع للأثر من مالك.

                                                                          وقال أبو زرعة : سمعت ابن بكير يقول : الليث أفقه من مالك، ولكن كانت الحظوة لمالك.

                                                                          وقال حرملة بن يحيى أيضا : سمعت ابن وهب يقول : لولا الليث ومالك لضللنا.

                                                                          وقال أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح ، عن ابن وهب : لولا مالك والليث لهلكت، كنت أظن أن كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم يعمل به.

                                                                          [ ص: 271 ] وقال هارون بن سعيد الأيلي : سمعت ابن وهب وذكر اختلاف الأحاديث والناس : لولا أني لقيت مالكا والليث لضللت، يقول : لاختلاف الأحاديث.

                                                                          وقال أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد : سمعت أحمد بن صالح ، وذكر الليث بن سعد، فقال : إمام، قد أوجب الله علينا حقه.

                                                                          قال : فقلت لأحمد بن صالح : الليث إمام؟ فقال لي : نعم، إمام لم يكن بالبلد بعد عمرو بن الحارث مثل الليث.

                                                                          وقال جعفر بن محمد بن الفضيل الرسعني، عن عثمان بن صالح السهمي : كان أهل مصر ينتقصون عثمان، حتى نشأ فيهم الليث بن سعد، فحدثهم بفضائل عثمان، فكفوا عن ذلك، وكان أهل حمص ينتقصون عليا حتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش، فحدثهم بفضائله، فكفوا عن ذلك.

                                                                          وقال أبو سعيد بن يونس : وقد انفرد الغرباء عن الليث بأحاديث ليست عند المصريين عنه، فمنها حديث مروان بن محمد، عن الليث، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي ثور الفهمي، ليس بمصر عند المصريين.

                                                                          ومنها حديث قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل حديث الصلاة ليس بمصر أيضا، وأحاديث أخر للغرباء عن الليث، ليست بمصر.

                                                                          أخبرنا يوسف بن يعقوب، قال : أخبرنا زيد بن الحسن، [ ص: 272 ] قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت الحافظ، قال : حدثنا علي بن طلحة المقرئ، قال : حدثنا علي بن أحمد الهمذاني، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن الحسين الصيدلاني، قال : سمعت محمد بن صالح الأشج يقول : سئل قتيبة بن سعيد : من أخرج لكم هذه الأحاديث من عند الليث؟ فقال : شيخ كان يقال له : زيد بن الحباب.

                                                                          وقدم منصور بن عمار على الليث بن سعد، فوصله بألف دينار، واحترق بيت عبد الله بن لهيعة فوصله بألف دينار، ووصل مالك بن أنس بألف دينار، قال : وكساني قميص سندس، فهو عندي.

                                                                          وبهذا الإسناد إلى الحافظ أبي بكر بن ثابت، قال : أخبرنا البرقاني، قال : قرأت على أبي إسحاق المزكي : أخبركم السراج، قال : سمعت أبا رجاء قتيبة يقول : قفلنا مع الليث بن سعد من الإسكندرية وكان معه ثلاث سفائن سفينة فيها مطبخه، وسفينة فيها عياله، وسفينة فيها أضيافه.

                                                                          وكان إذا حضرت الصلاة يخرج إلى الشط فيصلي، وكان ابنه شعيب أمامه، فخرجنا لصلاة المغرب، فقال : أين شعيب؟ فقالوا : حم.

                                                                          فقام الليث فأذن وأقام، ثم تقدم، فقرأ بالشمس وضحاها، فقرأ "فلا يخاف عقباها" وكذلك في مصاحف أهل المدينة، يقولون : هو غلط من الكاتب عند أهل العراق، ويجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ويسلم تسليمة تلقاء [ ص: 273 ] وجهه.

                                                                          وبه قال : أخبرنا علي بن طلحة المقرئ، قال : أخبرنا صالح بن أحمد بن محمد الهمذاني الحافظ، قال : حدثنا أحمد بن محمد القاضي السحيمي، قال : حدثنا أحمد بن عثمان النسائي، قال : سمعت قتيبة بن سعيد يقول : سمعت شعيب بن الليث بن سعد يقول : خرجت مع أبي حاجا، فقدم المدينة، فبعث إليه مالك بن أنس بطبق رطب، قال : فجعل على الطبق ألف دينار، ورده إليه.

                                                                          وبهذا الإسناد إلى قتيبة، قال : سمعت شعيب بن الليث بن سعد يقول : يشتغل أبي في السنة ما بين عشرين ألف دينار إلى خمسة وعشرين ألفا، تأتي عليه السنة وعليه دين.

                                                                          وبه إلى الحافظ أبي بكر بن ثابت، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل الرملي، قال : سمعت محمد بن رمح يقول : كان دخل الليث بن سعد في كل سنة ثمانين ألف دينار، ما أوجب الله عليه زكاة درهم قط.

                                                                          وبه قال : حدثني الأزهري، قال : حدثنا عبيد الله بن عثمان الدقاق، قال : حدثنا علي بن محمد المصري، قال : حدثنا [ ص: 274 ] محمد بن أحمد بن عياض، وهو ابن طيبة أبو علاثة المفرض، قال : سمعت حرملة بن يحيى يقول : سمعت ابن وهب يقول : كان الليث بن سعد يصل مالك بن أنس بمائة دينار في كل سنة، وكتب مالك إليه أن علي دين، فبعث إليه بخمس مائة دينار.

                                                                          وبه قال : سمعت ابن وهب يقول : كتب مالك إلى الليث : إني أريد أن أدخل ابنتي على زوجها، فأحب أن تبعث إلي بشيء من عصفر، قال ابن وهب : فبعث إليه بثلاثين حملا عصفرا، فصبغ لابنته، وباع منه بخمس مائة دينار، وبقي عنده فضلة.

                                                                          وبه إلى أبي بكر بن ثابت، قال : أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار الأصبهاني أن أبا بكر بن أبي الدنيا أخبرهم، قال : حدثنا أبو بكر بن عسكر، قال : سمعت أبا صالح، قال : سألت امرأة الليث بن سعد منا من عسل، فأمر لها بزق، فقال له كاتبه : إنها سألت منا؟ فقال : إنها سألتني على قدرها، فأعطيناها على قدر السعة عندنا.

                                                                          وبه قال : أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي، قال : حدثنا محمد بن العباس الخزاز، قال : حدثنا عمر بن سعد، قال : حدثنا [ ص: 275 ] عبد الله بن محمد، قال : حدثني الحسن بن عبد العزيز، قال : قال لي الحارث بن مسكين : اشترى قوم من الليث بن سعد ثمرة، فاستغلوها، فاستقالوه، فأقالهم، ثم دعا بخريطة فيها أكياس، فأمر لهم بخمسين دينارا، فقال له الحارث ابنه في ذلك، فقال : اللهم غفرا؛ إنهم قد كانوا أملوا فيه أملا، فأحببت أن أعوضهم من أملهم بهذا.

                                                                          وبه قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ.

                                                                          (ح) وأخبرنا أبو إسحاق بن الدرجي، وأحمد بن شيبان، قالا : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني، قال : أخبرنا أبو علي الحداد، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن مسعود العبدي، قال : حدثنا عبد الله بن صالح، قال : صحبت الليث عشرين سنة لا يتغدى ولا يتعشى إلا مع الناس، وكان لا يأكل إلا بلحم، إلا أن يمرض.

                                                                          وبه إلى الحافظ أبي بكر ثابت، قال : أخبرني الأزهري، قال : حدثنا محمد بن الحسن النجاد، قال : حدثنا علي بن محمد المصري، قال : حدثنا أبو علاثة المفرض، قال : حدثنا إسماعيل بن عمرو الغافقي، قال : سمعت أشهب بن عبد العزيز يقول : كان الليث له كل يوم أربعة مجالس يجلس فيها :

                                                                          أما أولها : فيجلس لنائبة السلطان في نوائبه وحوائجه، وكان الليث يغشاه السلطان فإذا [ ص: 276 ] أنكر من القاضي أمرا أو من السلطان كتب إلى أمير المؤمنين، فيأتيه العزل.

                                                                          ويجلس لأصحاب الحديث، وكان يقول : نجحوا أصحاب الحوانيت؛ فإن قلوبهم معلقة بأسواقهم.

                                                                          ومجلس للمسائل، يغشاه الناس فيسألونه.

                                                                          ومجلس لحوائج الناس، لا يسأله أحد من الناس فيرده، كبرت حاجته أو صغرت.

                                                                          قال : وكان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر، وفي الصيف سويق اللوز بالسكر.

                                                                          وبه قال : أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ، قال : حدثني أبي، قال : حدثنا علي بن محمد بن أحمد العسكري، قال : حدثني أحمد بن محمد بن نجدة التنوخي، قال : سمعت محمد بن رمح يقول : حدثني سعيد الأدم، قال : مررت بالليث بن سعد فتنحنح لي، فرجعت إليه، فقال لي : يا سعيد خذ هذا القنداق، فاكتب لي فيه من يلزم المسجد ممن لا بضاعة له ولا غلة.

                                                                          قال : فقلت : جزاك الله خيرا يا أبا الحارث، وأخذت منه القنداق، ثم صرت إلى المنزل، فلما صليت أوقدت السراج، وكتبت : بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قلت : فلان بن فلان، ثم بدرتني نفسي، فقلت : فلان بن فلان، قال : فبينا أنا على ذلك إذ آتاني آت، فقال : ها الله يا سعيد، تأتي إلى قوم عاملوا الله سرا فتكشفهم لآدمي؟! مات الليث، ومات شعيب بن الليث، أليس مرجعهم إلى الله الذي عاملوه؟! قال : فقمت ولم أكتب شيئا، فلما أصبحت، أتيت الليث [ ص: 277 ] ابن سعد، فلما رآني تهلل وجهه، فناولته القنداق، فنشره، فأصاب فيه بسم الله الرحمن الرحيم، ثم ذهب ينشره، فقلت : ما فيه غير ما كتبت، فقال لي : يا سعيد ما الخبر؟ فأخبرته بصدق عما كان، فصاح صيحة، فاجتمع عليه الناس من الحلق، فقالوا : يا أبا الحارث ألا خيرا! فقال : ليس إلا خيرا، ثم أقبل علي فقال : يا سعيد تبينتها وحرمتها، صدقت، مات الليث، أليس مرجعهم إلى الله؟!

                                                                          قال علي بن محمد : سمعت مقدام بن داود يقول : سعيد الأدم هذا يقال : إنه من الأبدال، وقد كان رآه مقدام.

                                                                          وبه قال : أخبرنا البرقاني، قال : قرأت على أبي إسحاق المزكي، أخبركم السراج، قال : سمعت قتيبة يقول : سمعت الليث بن سعد يقول : أنا أكبر من ابن لهيعة بثلاث سنين، قال : وأظنه عاش بعده ثلاث سنين أو أقل.

                                                                          قال أبو رجاء : ومات ابن لهيعة في سنة أربع وسبعين ومائة.

                                                                          قال أبو رجاء : كان الليث أكبر من ابن لهيعة، ولكن إذا نظرت إليهما تقول : ذا ابن وذا أب، يعني ابن لهيعة الأب.

                                                                          وبه قال : أخبرنا ابن الفضل، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال : حدثنا يعقوب بن سفيان، قال : قال ابن بكير : ولد [ ص: 278 ] الليث بن سعد سنة أربع وتسعين، وتوفي يوم النصف من شعبان يوم الجمعة سنة خمس وسبعين ومائة، وصلى عليه موسى بن عيسى الهاشمي، ودفن بعد الجمعة، يكنى أبا الحارث.

                                                                          وكذلك قال سعيد بن أبي مريم، وأبو حسان الزيادي وغير واحد في تأريخ وفاته.

                                                                          قال ابن أبي مريم : وولد سنة ثلاث وتسعين.

                                                                          وقال البخاري عن يحيى بن بكير : ولد يوم الخميس لأربع عشرة خلت من شعبان سنة أربع وتسعين.

                                                                          وقيل : ولد سنة اثنتين وتسعين، ومات سنة ست أو سبع وسبعين ومائة، والأول أصح، والله أعلم.

                                                                          قال الحافظ أبو بكر الخطيب : حدث عنه محمد بن عجلان، وعيسى بن حماد زغبة، وبين وفاتيهما مائة سنة.

                                                                          [ ص: 279 ] روى له الجماعة.

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية