الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          5059 - (ت) : محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة [ ص: 431 ] ابن بذدزبة، وقيل : بردزبة، وقيل : ابن الأحنف الجعفي مولاهم، أبو عبد الله بن أبي الحسن البخاري الحافظ، صاحب "الصحيح" .

                                                                          إمام هذا الشأن، والمقتدى به فيه، والمعول على كتابه بين أهل الإسلام.

                                                                          رحل في طلب الحديث إلى سائر محدثي الأمصار، وكتب بخراسان والجبال، ومدن العراق كلها، وبالحجاز، والشام، ومصر.

                                                                          روى عن : إبراهيم بن حمزة الزبيري ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي (ت) ، وإبراهيم بن موسى الرازي (ت) ، وأحمد بن حنبل ، وأحمد بن صالح المصري ، وأحمد بن أبي الطيب المروزي (ت) ، وأحمد بن محمد الأزرقي ، وآدم بن أبي إياس العسقلاني ، وأبي النضر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي ، وإسحاق بن راهويه ، وإسماعيل بن أبان الوراق ، وإسماعيل بن أبي أويس [ ص: 432 ] (ت) ، وأيوب بن سليمان بن بلال ، وبدل بن المحبر ، وثابت بن محمد الشيباني الزاهد ، وجعفر بن عبد الله السلمي البلخي ، وحجاج بن منهال الأنماطي ، والحسن بن بشر البجلي (ت) ، والحسن بن الربيع البوراني (ت) ، وأبي عمر حفص بن عمر الحوضي ، وأبي اليمان الحكم بن نافع ، وخالد بن مخلد ، وخلاد بن يحيى (ت) ، وداود بن شبيب الباهلي ، والربيع بن يحيى الأشناني ، وزكريا بن يحيى البلخي ، وسريج بن النعمان الجوهري ، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم (ت) ، وسعيد بن سليمان الواسطي (ت) ، وسعيد بن كثير بن عفير ، وسليمان بن حرب (ت) ، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي (ت) ، وشهاب بن عباد العبدي (ت) ، وصدقة بن الفضل المروزي ، والصلت بن محمد الخاركي ، وأبي عاصم الضحاك بن مخلد ، وطلق بن غنام النخعي ، وأبي بكر عبد الله بن أبي الأسود (ت) ، وعبد الله بن الزبير الحميدي (ت) ، وأبي معمر عبد الله بن عمرو المنقري ، وعبد الله بن محمد الجعفي المسندي (ت) ، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ (ت) ، وعبد الله بن يوسف التنيسي ، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، وأبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني ، وعبدان بن عثمان المروزي ، وعبيد الله بن موسى (ت) ، وعفان بن مسلم ، وعلي ابن المديني (ت) ، وأبي نعيم الفضل بن دكين (ت) ، وقبيصة بن عقبة ، وقتيبة بن سعيد ، وقيس بن حفص الدارمي ، وأبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي (ت) ، ومحمد بن بشار بندار ، ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني (ت) ، ومحمد بن سنان العوقي (ت) ، ومحمد بن [ ص: 433 ] الصباح الدولابي (ت) ، ومحمد بن عبد الله بن نمير (ت) ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وأبي ثابت محمد بن عبيد الله المديني ، ومحمد بن الفضل السدوسي عارم ، ومحمد بن كثير العبدي (ت) ، وأبي موسى محمد بن المثنى ، ومحمد بن يوسف الفريابي ، ومطرف بن عبد الله المدني ، ومكي بن إبراهيم البلخي ، وأبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي (ت) ، وأبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي ، ونعيم بن حماد المروزي ، وأبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي ، وهشام بن عمار الدمشقي (ت) ، والوليد بن صالح النخاس ، ويحيى بن صالح الوحاظي (ت) ، ويحيى بن عبد الله بن بكير ، ويحيى بن معين ، وخلق سواهم في الجامع الصحيح.

                                                                          وروى في غير الجامع عن : إبراهيم بن بشار الرمادي (ت) ، وإبراهيم بن محمد بن يحيى بن عباد بن هانئ الشجري (ت) ، وأبي حفص أحمد بن حفص البخاري ، وأحمد بن خالد الوهبي (ت) ، وإسماعيل بن سالم الصائغ ، وبشر بن شعيب بن أبي حمزة ، والحسن بن شجاع البلخي (ت) ، والحسن بن واقع الرملي (ت) ، والحسين بن الضحاك النيسابوري ، وظليم بن خطيط الجهضمي الدبوسي ، وهو من أقرانه، وأبي صالح عبد الله بن صالح المصري (ت) ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (ت) ، وأبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني ، وعثمان بن هارون القرشي [ ص: 434 ] الأنماطي ، وعلي بن عبد الحميد المعني (ت) ، ومحمد بن مسلمة المخزومي ، ومحمد بن وهب بن عطية الدمشقي ، ومعقل بن مالك الباهلي (ت) ، وهشام بن إسماعيل العطار الدمشقي (ت) .

                                                                          روى عنه : الترمذي ، وإبراهيم بن إسحاق الحربي ، وإبراهيم بن معقل النسفي ، وإبراهيم بن موسى الجوزي ، وأبو حامد أحمد بن حمدون بن أحمد بن رستم الأعمشي النيسابوري ، وأحمد بن سهل بن مالك ، وأبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن الأزهر الأزهري النيسابوري ، وأحمد بن محمد بن الجليل - بالجيم - البزاز البخاري ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن صدقة البغدادي ، وأبو حامد أحمد بن محمد بن عمار النيسابوري ، وأبو عمرو أحمد بن نصر بن إبراهيم الخفاف النيسابوري ، وأحيد بن أبي جعفر والي بخارى ، وآدم بن موسى الخواري ، وإسحاق بن أحمد بن خلف البخاري ، وإسحاق بن أحمد بن زيرك الفارسي ، وإسحاق بن داود الصواف التستري ، وأبو سعيد بكر بن منير بن خليد بن عسكر البخاري ، وجعفر بن محمد بن موسى النيسابوري الحافظ ، وجعفر بن محمد القطان إمام جامع كرمينية ، وحاتم بن خجيم الأفراني ، وحاشد بن إسماعيل البخاري ، وحاشد بن عبد الله بن عبد الواحد ، والحسن بن الحسين القزاز البخاري ، والحسين بن إسماعيل المحاملي وهو آخر من روى عنه ببغداد، والحسين بن محمد بن حاتم عبيد العجل ، والحسين بن محمد بن زياد القباني ، وأبو يحيى زكريا بن يحيى البزاز ، وزنجويه بن محمد اللباد النيسابوري ، وسليم بن مجاهد بن يعيش الكرماني ، وأبو هارون سهل بن شاذويه البخاري ، وأبو [ ص: 435 ] النضر شريح بن أبي عبد الله واسمه شرغة بن إسماعيل النسفي الزاهد ، وصالح بن محمد الأسدي الحافظ ، وعبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف النيسابوري ، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن الأشقر القاضي البصري ، وعبد الله بن محمد بن ناجية البغدادي ، وعبد الرحمن بن رسائن البخاري ، وعبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، وعبيد الله بن واصل البخاري ، وعلي بن العباس البجلي المقانعي ، وعمر بن حفص الأشقر ، وعمر بن محمد بن بجير البجيري ، وغفير بن جرير الحداد النسفي ، وأبو معشر الفضل بن أحمد بن يعقوب بن أشرس الضبي النسفي الأعمى الحافظ ، والفضل بن العباس الرازي الحافظ المعروف بفضلك ، والفضل بن محمد بن عقيل بن خويلد الخزاعي فضلان ، والفضل بن موسى بن الهذيل النسفي ، والقاسم بن إسماعيل المحاملي ، والقاسم بن زكريا المطرز ، وأبو الحسين محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي ، وأبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وأبو قريش محمد بن جمعة بن خلف القهستاني الحافظ ، وأبو جعفر محمد بن أبي حاتم البخاري النحوي الوراق ، وأبو بكر محمد بن حريث ، ومحمد بن حمدويه ، وأبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس راوية التأريخ الكبير، ومحمد بن سهل المقرئ الفسوي ، ومحمد بن عبد الله بن الجنيد ، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، ومحمد بن قتيبة البخاري قرابته ، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي ، ومحمد [ ص: 436 ] ابن موسى بن الهذيل النسفي ، ومحمد بن موسى النهرتيري ، ومحمد بن نصر المروزي الفقيه ، ومحمد بن هارون الحضرمي البغدادي ، ومحمد بن واصل البيكندي ، ومحمد بن يوسف بن عاصم ، ومحمد بن يوسف الفربري راوية "الصحيح" ومحمود بن إسحاق الخزاعي ، ومحمود بن عنبر بن يغنم بن حبيب النسفي ، وأبو جعفر مسبح بن سعيد البخاري ، ومسلم بن الحجاج في غير "الصحيح" وأبو طلحة منصور بن محمد بن علي البزوري النسفي قال جعفر بن محمد المستغفري : وهو آخر من روى عنه "الجامع" ومات سنة تسع وعشرين وثلاث مائة، وأبو حسان مهيب بن سليم بن مجاهد بن يعيش الكرماني ، وأبو عمر نافع بن شعيب القسام ، ويحيى بن محمد بن صاعد البغدادي ، ويعقوب بن يوسف الشيباني الأخرم والد أبي عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ، ويوسف بن ريحان ، ويوسف بن موسى المروروذي .

                                                                          وروى النسائي في الصيام من "سننه" عن محمد بن إسماعيل، عن حفص بن عمر بن الحارث، عن حماد، عن معمر والنعمان بن راشد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة : " ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعنة تذكر .. " الحديث.

                                                                          هكذا رواه أبو القاسم حمزة بن محمد الكناني الحافظ، وأبو علي الحسن بن الخضر الأسيوطي، وأبو الحسن بن حبويه النيسابوري، عن النسائي، عن [ ص: 437 ] محمد بن إسماعيل حسب.

                                                                          وفي أصل الحافظ أبي عبد الله الصوري الذي كتبه بخطه، عن أبي محمد بن النحاس، عن حمزة، عن النسائي : حدثنا محمد بن إسماعيل وهو أبو بكر الطبراني.

                                                                          وقال أبو بكر ابن السني وحده عن النسائي : حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، ولم نجد للنسائي عنه رواية سوى هذا الحديث إن كان ابن السني حفظه عن النسائي، ولم ينسبه من تلقاء نفسه معتقدا أنه البخاري، والله أعلم.

                                                                          وقد روى النسائي الكثير عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، وهو ابن علية، وهو يشارك البخاري في بعض شيوخه، كما سيأتي في ترجمته.

                                                                          وروى في كتاب "الكنى" عن عبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف، عن البخاري عدة أحاديث، فهذه قرينة ظاهرة في أنه لم يلق البخاري ولم يسمع منه، والله أعلم .

                                                                          قال أبو أحمد بن عدي الحافظ : سمعت محمد بن أحمد بن سعدان البخاري يقول : محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مغيرة بن بذدزبه البخاري، وبذدزبه مجوسي مات عليها، والمغيرة بن بذدزبه أسلم على يدي يمان البخاري والي بخارى، ويمان هذا هو أبو جد عبد الله بن محمد المسندي الجعفي، وعبد الله بن محمد هو ابن جعفر بن يمان البخاري الجعفي، والبخاري قيل له : جعفي؛ لأن أبا جده أسلم على يدي أبي جد عبد الله [ ص: 438 ] المسندي، ويمان جعفي فنسب إليه؛ لأنه مولاه من فوق، وعبد الله قيل له : مسندي؛ لأنه كان يطلب المسند في حداثته.

                                                                          وقال بكر بن منير : بردزبه هو بالبخارية، وبالعربية : الزراع.

                                                                          وقال أيضا : سمعت أبا الحسن بن الحسين البزاز ببخارى يقول : رأيت محمد بن إسماعيل بن إبراهيم شيخا، نحيف الجسم، ليس بالطويل ولا بالقصير، ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر شوال سنة أربع وتسعين ومائة، وتوفي ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة الفطر، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر يوم السبت لغرة شوال من سنة ست وخمسين ومائتين، عاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما.

                                                                          وقال أحمد بن سيار المروزي : ومحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي، أبو عبد الله، طلب العلم، وجالس الناس، ورحل في الحديث، ومهر فيه وأبصر، وكان حسن المعرفة، حسن الحفظ، وكان يتفقه.

                                                                          أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد ابن البخاري بقراءتي عليه، وأبو العباس أحمد بن أبي بكر بن سليمان الواعظ قراءة عليه، قالا : أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، قال : أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني، قال : أخبرنا أبو [ ص: 439 ] بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ، قال : حدثني أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي، قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني، قال : أخبرني أحمد بن علي الفارسي، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد، قال : سمعت جدي محمد بن يوسف بن مطر الفربري يقول : حدثنا أبو جعفر محمد بن أبي حاتم الوراق النحوي، قال : قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري : كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال : ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب. قال : وكم أتى عليك إذ ذاك؟ فقال : عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكتاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره، وقال يوما فيما كان يقرأ للناس : سفيان، عن أبي الزبير، عن إبراهيم، فقلت له : يا أبا فلان إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم، فانتهرني، فقلت له : ارجع إلى الأصل إن كان عندك، فدخل ونظر فيه ثم خرج، فقال لي : كيف هو يا غلام؟ فقلت : هو الزبير بن عدي، عن إبراهيم (د س) فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه، وقال : صدقت.

                                                                          فقال له بعض أصحابه : ابن كم كنت إذ رددت عليه؟ فقال : ابن إحدى عشرة، فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء، ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى [ ص: 440 ] مكة، فلما حججت، رجع أخي، وتخلفت بها في طلب الحديث، فلما طعنت في ثماني عشرة جعلت أصنف فضائل الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد الله بن موسى، وصنفت كتاب "التأريخ" إذ ذاك عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة.

                                                                          وقال : قل اسم في "التأريخ" إلا وله عندي قصة إلا أني كرهت تطويل الكتاب.

                                                                          وبهذا الإسناد إلى أبي بكر بن ثابت الحافظ، قال : أخبرني محمد بن علي بن أحمد المقرئ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن الجرجاني في كتابه إلي، وحدثني عنه أبو عمرو البختري، قال : أخبرنا خلف بن محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا محمد بن يوسف، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم وراق البخاري، قال : سمعت البخاري يقول : لو نشر بعض أستاذي هؤلاء لم يفهموا كيف صنفت كتاب "التاريخ" ولا عرفوه، ثم قال : صنفته ثلاث مرات.

                                                                          وبه قال : حدثني أبو النجيب الأرموي، قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني، قال : أخبرني محمد بن إدريس الوراق، قال : حدثنا محمد بن حم البخاري، قال : أخبرنا محمد بن يوسف، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم الوراق، قال : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : أخذ إسحاق بن راهويه كتاب [ ص: 441 ] "التاريخ" الذي صنفت فأدخله على عبد الله بن طاهر، فقال : أيها الأمير ألا أريك سحرا؟ قال : فنظر فيه عبد الله بن طاهر، فتعجب منه، وقال : لست أفهم تصنيفه.

                                                                          وبه قال : أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح، قال : سمعت محمد بن حميد اللخمي، يقول : سمعت القاضي أبا الحسن محمد بن صالح الهاشمي يقول : سمعت أبا العباس بن سعيد يقول : لو أن رجلا كتب ثلاثين ألف حديث لما استغنى عن كتاب "تاريخ" محمد بن إسماعيل البخاري.

                                                                          وبه قال : قرأت على الحسين بن محمد بن الحسن المؤدب أخي أبي محمد الخلال، عن أبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي الحافظ، قال : حدثني محمد بن عبد الله بن محمد بن سعيد الحافظ أبو عبد الله السرخسي بسمرقند، قال : حدثني الحسن بن الحسين البخاري، قال : حدثنا عامر بن المنتجع، قال : سمعت أبا بكر المديني يقول : كنا يوما بنيسابور عند إسحاق بن راهويه ومحمد بن إسماعيل حاضر في المجلس، فمر إسحاق بحديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان دون صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عطاء الكيخاراني، فقال له إسحاق : يا أبا عبد الله أيش كيخاران؟ قال : قرية باليمن كان معاوية بن أبي سفيان بعث هذا الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فسمع منه عطاء حديثين. فقال له إسحاق : يا أبا عبد الله كأنك قد شهدت القوم.

                                                                          وبه قال : أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، قال : أخبرنا [ ص: 442 ] محمد بن نعيم الضبي، قال : سمعت خلف بن محمد بن إسماعيل البخاري يقول : سمعت إبراهيم بن معقل النسفي يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل يقول : كنت عند إسحاق بن راهويه فقال لنا بعض أصحابنا : لو جمعتم كتابا مختصرا لسنن النبي صلى الله عليه وسلم، فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب، يعني : كتاب "الجامع" .

                                                                          وبه قال : كتب إلي علي بن أبي حامد الأصبهاني يذكر أن أبا أحمد محمد بن محمد بن مكي الجرجاني حدثهم، قال : سمعت السعداني يقول : سمعت بعض أصحابنا يقول : قال محمد بن إسماعيل : أخرجت هذا الكتاب يعني "الصحيح" من زهاء ست مائة ألف حديث .

                                                                          وبه قال : أخبرنا أبو سعد الماليني، قال : أخبرنا عبد الله بن عدي، قال : سمعت الحسن بن الحسين البخاري يقول : سمعت إبراهيم بن معقل يقول : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول : ما أدخلت في كتابي "الجامع" إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول .

                                                                          وبه قال : حدثني محمد بن علي الصوري، قال : حدثنا عبد الغني بن سعيد الحافظ، قال : أخبرنا أبو الفضل جعفر بن الفضل، قال : أخبرنا محمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون ، قال : سئل أبو عبد الرحمن يعني النسائي عن العلاء وسهيل فقال : هما خير من فليح، ومع هذا فما في هذه الكتب كلها أجود من كتاب محمد بن إسماعيل البخاري.

                                                                          [ ص: 443 ] وبه قال : حدثني أبو الحسين علي بن محمد بن جعفر العطار الأصبهاني بالري قال : سمعت أبا الهيثم الكشميهني يقول : سمعت محمد بن يوسف الفربري ، يقول : قال لي محمد بن إسماعيل البخاري : ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك، وصليت ركعتين.

                                                                          وبه قال : حدثني محمد بن أبي الحسن الساحلي، قال : أخبرنا أحمد بن الحسن الرازي، قال : سمعت عبد الله بن عدي يقول : سمعت عبد القدوس بن همام يقول : سمعت عدة من المشايخ يقولون : حول محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره، وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين.

                                                                          وبه قال أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري بنيسابور، قال : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الفقيه البلخي، يقول : سمعت أبا العباس أحمد بن عبد الله الصفار البلخي يقول : سمعت أبا إسحاق المستملي يروي عن محمد بن يوسف الفربري أنه كان يقول : سمع كتاب الصحيح لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل، فما بقي أحد يروي عنه غيري.

                                                                          وبه قال : قرأت على الحسين بن محمد أخي الخلال، عن عبد الرحمن بن محمد الإدريسي، قال : حدثني محمد بن حم، قال : حدثنا محمد بن يوسف الفربري، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم قال : قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل : تحفظ جميع ما أدخلت في المصنف فقال : لا يخفى علي جميع ما فيه.

                                                                          [ ص: 444 ] أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري، وأحمد بن أبي بكر الواعظ، قالا : أخبرنا أبو اليمن الكندي، قال : أخبرنا أبو منصور الشيباني، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نصرويه السمرقندي، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن مت الإشتيخني بها، قال : حدثنا الفربري محمد بن يوسف، قال : سمعت البخاري بخوارزم يقول : رأيت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل يعني في المنام خلف النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يمشي، فكلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه وضع أبو عبد الله محمد بن إسماعيل قدمه في ذلك الموضع.

                                                                          وبهذا الإسناد إلى الحافظ أبي بكر بن ثابت، قال : أخبرنا أبو سعد الماليني، قال : أخبرنا عبد الله بن عدي، قال : سمعت محمد بن يوسف الفربري، قال : سمعت النجم بن فضيل وكان من أهل الفهم يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام خرج من قرية ماستين ومحمد بن إسماعيل خلفه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطا خطوة يخطو محمد ويضع قدمه على خطوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويتبع أثره.

                                                                          وبه قال : كتب إلي أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن الحسين الخرجاني من أصبهان يذكر أنه سمع أبا أحمد محمد بن محمد بن مكي الجرجاني يقول : سمعت محمد بن [ ص: 445 ] يوسف الفربري يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال لي : أين تريد؟ فقلت : أريد محمد بن إسماعيل البخاري، فقال : أقرئه مني السلام.

                                                                          وبه قال : حدثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني بأصبهان من لفظه، قال : حدثنا علي بن محمد بن الحسين الفقيه، قال : حدثنا خلف بن محمد الخيام، قال : سمعت أبا محمد المؤذن عبد الله بن محمد بن إسحاق السمسار يقول : سمعت شيخي يقول : ذهبت عينا محمد بن إسماعيل في صغره، فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل - عليه السلام - فقال : يا هذه قد رد الله على ابنك بصره؛ لكثرة دعائك، أو لكثرة بكائك. قال : فأصبح وقد رد الله عليه بصره.

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد الحسن بن محمد بن علي الدربندي، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل الحافظ ببخارى، قال : حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن عمر المقرئ، قال : سمعت أبا حسان مهيب بن سليم يقول : سمعت جعفر بن محمد القطان إمام الجامع بكرمينية يقول : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول : كتبت عن ألف شيخ وأكثر، ما عندي حديث إلا أذكر إسناده.

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد، قال : قال أبو عبد الله : سمعت أبا عمرو أحمد بن محمد بن عمر المقرئ يقول : سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن عمر الأديب يقول : سمعت أحيد بن أبي جعفر والي بخارى يقول : قال محمد بن إسماعيل يوما : رب [ ص: 446 ] حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر، قال : فقلت له : يا أبا عبد الله بكماله، قال : فسكت.

                                                                          وبه قال : أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، قال : أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، قال : أخبرني محمد بن خالد المطوعي، قال : حدثنا مسبح بن سعيد، قال : كان محمد بن إسماعيل البخاري، إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، يجتمع إليه أصحابه، فيصلي بهم، ويقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكذلك إلى أن يختم القرآن، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال، وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة، وتكون ختمة عند الإفطار كل ليلة، ويقول : عند كل ختم دعوة مستجابة.

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد الدربندي قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمر المقرئ، قال : سمعت أبا سعيد بكر بن منير يقول : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : إني أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا.

                                                                          وبه قال : كان محمد بن إسماعيل يصلي ذات يوم فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة، فلما قضى صلاته قال : انظروا أيش هذا الذي آذاني في صلاتي فنظروا، فإذا الزنبور قد ورمه في سبعة عشر موضعا، ولم يقطع صلاته.

                                                                          [ ص: 447 ] وبه قال : حدثني أبو النجيب الأرموي، قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن محمد الأصبهاني، قال : أخبرني أحمد بن علي الفارسي، قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد، قال : حدثني جدي محمد بن يوسف الفربري، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم الوراق، قال : دعي محمد بن إسماعيل إلى بستان بعض أصحابه، فلما حضرت صلاة الظهر صلى بالقوم ثم قام للتطوع، فأطال القيام، فلما فرغ من صلاته رفع ذيل قميصه فقال لبعض من معه : انظر هل ترى تحت قميصي شيئا؟ فإذا زنبور قد أبره في ستة عشر أو سبعة عشر موضعا، وقد تورم من ذلك جسده، وكان آثار الزنبور في جسده ظاهرة، فقال له بعضهم : كيف لم تخرج من الصلاة في أول ما أبرك؟ فقال : كنت في سورة فأحببت أن أتمها!.

                                                                          وبه قال : حدثني أبو النجيب الأرموي، قال : حدثني محمد بن إبراهيم الأصبهاني، قال : أخبرني محمد بن إدريس الوراق، قال : حدثنا محمد بن حم، قال : أخبرنا محمد بن يوسف، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم الوراق، قال : كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحيانا، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة فيوري نارا بيده، ويسرج، ثم يخرج أحاديث، فيعلم عليها، ثم يضع رأسه.

                                                                          وكان يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، وكان لا يوقظني في كل ما [ ص: 448 ] يقوم.

                                                                          فقلت له : إنك تحمل على نفسك كل هذا ولا توقظني؟ قال : أنت شاب فلا أحب أن أفسد عليك نومك.

                                                                          ورأيته استلقى على قفاه يوما ونحن بفربر في تصنيف كتاب "التفسير" وكان أتعب نفسه في ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث.

                                                                          فقلت له : يا أبا عبد الله سمعتك تقول يوما : إني ما أتيت شيئا بغير علم قط منذ عقلت، فأي علم في هذا الاستلقاء؟ فقال : أتعبنا أنفسنا في هذا اليوم، وهذا ثغر من الثغور، خشيت أن يحدث حدث من أمر العدو، فأحببت أن أستريح وآخذ أهبة ذلك، فإن غافصنا العدو كان بنا حراك.

                                                                          وبه قال : حدثني أبو عبد الله محمد بن علي الصوري ببغداد، وأبو محمد عبد الله بن علي بن عياض بن أبي عقيل القاضي بصور، وأبو نصر علي بن الحسين بن أحمد بن أبي سلمة الوراق بصيدا، قالوا : أخبرنا محمد بن أحمد بن جميع الغساني، قال : حدثني أحمد بن محمد بن آدم بن عبيد أبو سعيد، قال : حدثنا محمد بن يوسف البخاري، قال : كنت عند محمد بن إسماعيل البخاري بمنزله ذات ليلة فأحصيت عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في ليلة ثماني عشرة مرة.

                                                                          وبه قال : حدثني أبو الوليد الدربندي، قال : سمعت محمد بن الفضل المفسر يقول : سمعت أبا إسحاق الزنجاني يقول : سمعت عبد الرحمن بن رساين البخاري يقول : سمعت محمد بن [ ص: 449 ] إسماعيل البخاري يقول : صنفت كتاب "الصحاح" ستة عشر سنة، خرجته من ست مائة ألف حديث، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى.

                                                                          وبه قال : أخبرني الحسن بن محمد الأشقر، قال : أخبرنا محمد بن أبي بكر الحافظ، قال : حدثنا خلف بن محمد، قال : سمعت أبا العباس الفضل بن إسحاق بن الفضل البزاز يقول : حدثنا أحمد بن المنهال العابد ، قال : حدثنا أبو بكر الأعين ، قال : كتبنا عن محمد بن إسماعيل على باب محمد بن يوسف الفريابي وما في وجهه شعرة.

                                                                          فقلت : ابن كم كنت؟ قال : ابن سبع عشرة سنة.

                                                                          وبه قال : أخبرني الحسن بن محمد الأشقر، قال : أخبرنا محمد بن أبي بكر، قال : حدثنا محمد بن سعيد التاجر، قال : حدثنا محمد بن يوسف بن مطر، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم، قال : سمعت حاشد بن إسماعيل يقول : كنت بالبصرة فسمعت بقدوم محمد بن إسماعيل، فلما قدم قال محمد بن بشار : دخل اليوم سيد الفقهاء.

                                                                          وبه قال : أخبرني الحسن، قال : أخبرنا محمد بن أبي بكر، قال : أخبرنا أبو شجاع الفضيل بن العباس بن الخصيب التميمي، قال : حدثنا أبو قريش محمد بن جمعة بن خلف ، قال : سمعت بندارا محمد بن بشار يقول : حفاظ الدنيا أربعة : أبو زرعة [ ص: 450 ] بالري، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل البخاري ببخارى.

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد الدربندي، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قال : حدثنا خلف بن محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا عمر بن محمد بن بجير ، قال : سمعت محمد بن بشار العبدي بندارا يقول : عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، غلماني، خرجوا من تحت كرسي.

                                                                          وبه قال : وقال خلف : سمعت أبا علي الحسين بن إسماعيل الفارسي يقول : سمعت محمد بن إبراهيم البوشنجي يقول : سمعت بندارا محمد بن بشار يقول سنة ثمان وعشرين ومائتين : ما قدم علينا مثل محمد بن إسماعيل.

                                                                          وبه قال : قرأت على الحسين بن محمد أخي الخلال، عن أبي سعيد الإدريسي، قال : حدثني محمد بن حم البخاري بسمرقند، قال : حدثنا محمد بن يوسف الفربري، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم، قال : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول : لما دخلت البصرة صرت إلى مجلس محمد بن بشار، فلما خرج وقع بصره علي، فقال : من أين الفتى؟ قلت : من أهل بخارى.

                                                                          قال : كيف تركت أبا عبد الله؟ فأمسكت، فقال له أصحابه : رحمك الله! هو أبو عبد الله! فقام فأخذ بيدي وعانقني [ ص: 451 ] وقال : مرحبا بمن أفتخر به منذ سنين.

                                                                          وبه قال : أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، قال : أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، قال : أخبرنا أبو الفضل محمد بن يوسف بن ريحان الأمير ببخارى، قال : حدثني أبي يوسف بن ريحان، قال : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول : كان علي ابن المديني يسألني عن شيوخ خراسان، فكنت أذكر له محمد بن سلام فلا يعرفه، إلى أن قال لي يوما : يا أبا عبد الله كل من أثنيت عليه فهو عندنا الرضا.

                                                                          وبه قال : أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي، قال : سمعت محمد بن محمد بن العباس يقول : سمعت جدي أحمد بن عبد الله يقول : سمعت جدي محمد بن يوسف يقول : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول : ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي ابن المديني، وربما كنت أغرب عليه.

                                                                          وبه قال : حدثني عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني لفظا، قال : حدثنا علي بن محمد بن الحسين الفقيه، قال : حدثنا خلف الخيام، قال : سمعت إسحاق بن أحمد بن خلف يقول : سمعت محمد بن إسماعيل غير مرة يقول : ما تصاغرت نفسي عند أحد إلا عند علي ابن المديني، ما سمعت الحديث من في إنسان أشهى عندي أن أسمعه من في علي.

                                                                          قال : وقال إسحاق : حدثني حامد بن أحمد ، قال : ذكر لعلي ابن المديني قول محمد بن إسماعيل : ما تصاغرت نفسي [ ص: 452 ] عند أحد إلا عند علي ابن المديني، فقال : ذروا قوله، هو ما رأى مثل نفسه!

                                                                          وبه قال : أخبرنا علي بن أبي علي المعدل، قال : أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن إبراهيم الحازمي البخاري، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حريث، قال : حدثنا أحمد بن سلمة، قال : حدثني فتح بن نوح النيسابوري، قال : أتيت علي بن المديني فرأيت محمد بن إسماعيل جالسا عن يمينه، وكان إذا حدث التفت إليه كأنه يهابه.

                                                                          وبه قال : حدثني أبو النجيب الأرموي، قال : حدثني محمد بن إبراهيم الأصبهاني، قال : أخبرني محمد بن إدريس الوراق، قال : حدثنا محمد بن حم، قال : أخبرنا محمد بن يوسف قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم الوراق، قال : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : ذاكرني أصحاب عمرو بن علي بحديث، فقلت : لا أعرفه، فسروا بذلك، وصاروا إلى عمرو بن علي، فقالوا له : ذاكرنا محمد بن إسماعيل البخاري بحديث فلم يعرفه، فقال عمرو بن علي : حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث.

                                                                          وبه قال : أخبرني الحسن بن محمد الأشقر، قال : أخبرنا محمد بن أبي بكر، قال : حدثنا أبو نصر محمد بن سعيد بن أحمد بن سعيد التاجر، قال : حدثنا محمد بن يوسف بن مطر، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم الوراق، قال : سمعت محمد بن قتيبة قريب أبي عبد الله محمد بن إسماعيل يقول : كنت عند أبي عاصم النبيل فرأيت عنده غلاما، فقلت له : من أين أنت؟ قال : [ ص: 453 ] من بخارى.

                                                                          قلت : ابن من؟ فقال : ابن إسماعيل، فقلت له : أنت قرابتي، فعانقته، فقال لي رجل في مجلس أبي عاصم : هذا الغلام يناطح الكباش.

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الخولاني، قال : حدثنا أبو ذر محمد بن محمد بن يوسف القاضي، قال : سمعت أبا معشر حمدويه بن الخطاب يقول : لما قدم أبو عبد الله محمد بن إسماعيل من العراق قدمته الأخيرة، وتلقاه من تلقاه من الناس، وازدحموا عليه، وبالغوا في بره، فقيل له في ذلك وفيما كان من كرامة الناس وبرهم له، قال : فكيف لو رأيتم يوم دخولنا البصرة؟!

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد الدربندي، قال : أخبرنا محمد بن أحمد ومحمد بن سليمان الحافظ قال : حدثنا محمد بن سعيد التاجر، قال : حدثنا محمد بن يوسف، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم، قال : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : كان إسماعيل بن أبي أويس إذا انتخبت من كتابه نسخ تلك الأحاديث لنفسه، وقال : هذه أحاديث انتخبها محمد بن إسماعيل من حديثي.

                                                                          قال محمد بن أبي حاتم : وسمعت حاشد بن عبد الله يقول : قال لي أبو مصعب أحمد بن أبي بكر المديني : محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر من ابن حنبل. فقال رجل من جلسائه : جاوزت الحد، فقال أبو مصعب : لو أدركت مالكا ونظرت إلى وجهه ووجه محمد بن إسماعيل لقلت : كلاهما واحد في الفقه والحديث.

                                                                          [ ص: 454 ] وبه قال : أخبرني الحسن بن محمد الأشقر قال : حدثنا محمد بن أبي بكر، قال : حدثنا خلف بن محمد قال : حدثنا أبو عمرو عامر بن المنتجع، قال : حدثنا أحمد بن الضوء ، قال : سمعت أبا بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، يقولان : ما رأينا مثل محمد بن إسماعيل.

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد، قال : حدثنا محمد بن سعيد، قال : حدثنا محمد بن يوسف، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم، قال : سمعت محمود بن النضر أبا سهل الشافعي ، يقول : دخلت البصرة، والشام، والحجاز، والكوفة، ورأيت علماءها فكلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل، فضلوه على أنفسهم.

                                                                          وبه قال : أخبرني الحسن بن محمد، قال : أخبرنا محمد بن أبي بكر، قال : حدثنا أبو نصر أحمد بن أبي حامد الباهلي، قال : سمعت إسحاق بن أحمد بن خلف، قال : سمعت أبا علي صالح بن محمد البغدادي، يقول : كان محمد بن إسماعيل يجلس ببغداد، وكنت أستملي له، ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين ألفا، قال : وقال محمد بن أبي بكر : سمعت أبا صالح خلف بن محمد، سمعت محمد بن يوسف بن عاصم يقول : رأيت لمحمد بن إسماعيل ثلاثة مستملين ببغداد، وكان اجتمع في مجلسه زيادة على عشرين ألف رجل.

                                                                          [ ص: 455 ] وبه قال : حدثني محمد بن أبي الحسن الساحلي، قال : أخبرنا أحمد بن الحسن الرازي، قال : سمعت أبا أحمد بن عدي، يقول : سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا، وعمدوا إلى مائة حديث، فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس، فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين، فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري : لا أعرفه.

                                                                          فسأله عن آخر، فقال : لا أعرفه، فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول : لا أعرفه، فكان الفقهاء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون : الرجل فهم، ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم.

                                                                          ثم انتدب رجل آخر من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري : لا أعرفه، فسأله عن آخر، فقال : لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال : لا أعرفه، فلم يزل يلقي عليه واحدا بعد آخر حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول : لا أعرفه.

                                                                          ثم انتدب له الثالث والرابع إلى تمام [ ص: 456 ] العشرة، حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة، والبخاري لا يزيدهم على : لا أعرفه.

                                                                          فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم، فقال : أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها، وأسانيدها إلى متونها، فأقر له الناس بالحفظ، وأذعنوا له بالفضل.

                                                                          قال ابن عدي : وكان ابن صاعد إذا ذكر محمد بن إسماعيل يقول : الكبش النطاح.

                                                                          وبه قال : أخبرني الحسن بن محمد الأشقر، قال : أخبرنا محمد بن أبي بكر قال : حدثنا أبو الحسين أحمد بن يوسف الأزدي، قال : حدثنا أبو عمرو محمد بن عمرو بن الأشعث البيكندي، قال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : سمعت أبي يقول : انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان : أبو زرعة الرازي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، والحسن بن شجاع البلخي.

                                                                          وبه قال : أخبرني الحسن بن محمد، قال : أخبرنا محمد بن أبي بكر، قال : حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن موسى البزاز، قال : سمعت أبا بكر عبد الرحمن بن محمد بن علويه الأبهري يقول : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : سمعت أبي يقول : ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل البخاري.

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد الدربندي، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قال : حدثنا أبو نصر محمد بن [ ص: 457 ] سعيد قال : سمعت محمد بن يوسف بن مطر يقول : سمعت أبا جعفر محمد بن أبي حاتم، يقول : حدثني حاشد بن عبد الله بن عبد الواحد ، قال : سمعت يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، يقول : محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد، قال : أخبرنا محمد، قال : حدثنا أحمد بن أبي حامد الباهلي قال : سمعت أبا سعيد حاتم بن محمد بن حازم ، يقول : سمعت موسى بن هارون الحمال ببغداد ، يقول : عندي لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن ينصبوا مثل محمد بن إسماعيل آخر ما قدروا عليه.

                                                                          وبه قال : أخبرني محمد بن علي المقرئ، قال : أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران الحافظ، قال : أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي ، قال : سألت أبا علي صالح بن محمد عن محمد بن إسماعيل، وأبي زرعة، وعبد الله بن عبد الرحمن، فقال : عن أي شيء تسأل؟ فهم مختلفون في أشياء، فقلت : من أعلمهم بالحديث، فقال : محمد بن إسماعيل وأبو زرعة أحفظهم، وأكثرهم حديثا، فقلت : عبد الله بن عبد الرحمن؟ فقال : ليس من هؤلاء في شيء.

                                                                          وبه قال : أخبرنا أبو بكر البرقاني قال : قال محمد بن العباس العصمي : حدثنا يعقوب بن إسحاق بن محمود قال : قال أبو علي صالح بن محمد الأسدي ، وذكر البخاري، فقال : ما رأيت خراسانيا أفهم منه.

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الواحد المنكدري قال، حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم الضبي [ ص: 458 ] الحافظ، قال : سمعت يحيى بن عمرو بن صالح الفقيه يقول : سمعت أبا العباس محمد بن عبد الرحمن الفقيه يقول : كتب أهل بغداد إلى محمد بن إسماعيل : المسلمون بخير ما بقيت لهم، وليس بعدك خير حين تفتقد.

                                                                          وبه قال : أخبرنا الحسن بن محمد الأشقر، قال : أخبرنا محمد بن أبي بكر، قال : أخبرنا خلف بن محمد، قال : سمعت أبا بكر محمد بن حريث يقول : سمعت أبا زرعة الرازي يقول، وسألته عن ابن لهيعة، فقال : تركه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل.

                                                                          وسألته عن محمد بن حميد الرازي، فقال : تركه أبو عبد الله.

                                                                          قال محمد بن حريث : فذكرت ذلك لمحمد بن إسماعيل فقال : بره لنا قديم.

                                                                          قال : وقال خلف : سمعت أبا بكر محمد بن حريث يقول : سمعت الفضل بن العباس الرازي وسألته فقلت : أيهما أحفظ أبو زرعة أو محمد بن إسماعيل؟ فقال : لم أكن التقيت مع محمد بن إسماعيل، فاستقبلني ما بين حلوان وبغداد، قال : فرجعت معه مرحلة، قال : وجهدت الجهد على أن أجيء بحديث لا يعرفه فما أمكنني، قال : وأنا أغرب على أبي زرعة عدد شعره!

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد الدربندي، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن علي بن يعقوب الجويباري، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمر المنكدري، قال : حدثنا إسحاق بن أحمد بن [ ص: 459 ] زيرك ، قال : سمعت محمد بن إدريس الرازي يقول : في سنة سبع وأربعين ومائتين : يقدم عليكم رجل من أهل خراسان لم يخرج منها أحفظ منه، ولا قدم العراق أعلم منه.

                                                                          فقدم علينا بعد ذلك بأشهر محمد بن إسماعيل.

                                                                          قال : وقال أبو حاتم الرازي في هذا المجلس : محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق، ومحمد بن يحيى أعلم من بخراسان اليوم من أهل الحديث، ومحمد بن أسلم أورعهم، وعبد الله بن عبد الرحمن أثبتهم.

                                                                          وبه قال : أخبرنا أبو الوليد الدربندي، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان، قال : حدثنا محمد بن سعيد التاجر، قال : حدثنا محمد بن يوسف بن مطر، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم، قال : سمعت عمر بن حفص الأشقر يقول : سمعت عبدان يقول : ما رأيت بعيني شابا أبصر من هذا، وأشار بيده إلى محمد بن إسماعيل.

                                                                          قال : وسمعت صالح بن مسمار يقول : سمعت نعيم بن حماد يقول : محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.

                                                                          قال : وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : قال لي محمد بن سلام : انظر في كتبي فما وجدت فيها من خطأ فاضرب عليه؛ كي لا أرويه، ففعلت ذلك، وكان محمد بن سلام كتب عند الأحاديث التي أحكمها محمد بن إسماعيل : رضي الفتى، وفي الأحاديث الضعيفة : لم يرض الفتى، فقال له بعض أصحابه : من هذا الفتى؟ فقال : هو الذي ليس مثله [ ص: 460 ] محمد بن إسماعيل.

                                                                          قال : وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت يحيى بن جعفر يقول : لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموت محمد بن إسماعيل ذهاب العلم.

                                                                          وبه قال : حدثني أبو النجيب الأرموي، قال : حدثني محمد بن إبراهيم الأصبهاني، قال : أخبرني أحمد بن علي الفارسي، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد، قال : حدثنا جدي محمد بن يوسف، قال : حدثنا محمد بن أبي حاتم الوراق ، قال : سمعت سليم بن مجاهد يقول عند محمد بن سلام البيكندي، فقال لي : لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث، قال : فخرجت في طلبه حتى لقيته، فقلت : أنت الذي تقول : أنا أحفظ سبعين ألف حديث؟ قال : نعم، وأكثر منه، ولا أجيئك بحديث من الصحابة أو التابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم، ولست أروي حديثا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي في ذلك أصل، أحفظ حفظا عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                          وبه قال : أخبرني الحسن بن محمد الأشقر، قال : أخبرنا محمد بن أبي بكر البخاري، قال : حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن عمر المقرئ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن يعقوب بن يوسف البيكندي، قال : سمعت علي بن الحسين بن عاصم البيكندي يقول : قدم علينا محمد بن إسماعيل، واجتمعنا عنده، ولم يكن يتخلف عنه من المشايخ أحد، فتذاكرنا عنده، فقال رجل [ ص: 461 ] من أصحابنا أراه حامد بن حفص : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : كأني أنظر إلى سبعين ألف حديث من كتابي، قال : فقال محمد بن إسماعيل أوتعجب من هذا؟! لعل في هذا الزمان من ينظر إلى مائتي ألف حديث من كتابه، وإنما عنى به نفسه.

                                                                          وبه قال : أخبرنا أبو سعد الماليني قراءة عليه، قال : أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ، قال : حدثني محمد بن أحمد القومسي، قال : سمعت محمد بن حمدويه يقول : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح.

                                                                          إلى هنا عن أبي بكر بن ثابت الحافظ، عن شيوخه.

                                                                          وأخبرنا إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد، قال : أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي في كتابه إلينا من بغداد، قال : أخبرنا أبو الفضل أحمد بن طاهر بن سعيد بن فضل الله الميهني قراءة عليه، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي قال : سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن محمد بن صالح بن خلف، وأبا الحسن علي بن أحمد بن خنباج بن إبراهيم الكاتب، وأبا الحسن علي بن أحمد بن يونس بن عبيد التميمي، قالوا : سمعنا أبا ذر عمار بن محمد بن مخلد التميمي البغدادي، قال : سمعت أبا المظفر محمد بن أحمد بن حامد بن إبراهيم بن الفضل البخاري، قال : لما عزل أبو العباس الوليد بن إبراهيم بن [ ص: 462 ] زيد الهمذاني عن قضاء الري ورد بخارى سنة ثماني عشرة وثلاث مائة لتجديد مودة كانت بينه وبين أبي الفضل محمد بن عبيد الله البلعمي - سماه أبو الحسن التميمي - فنزل في جوارنا.

                                                                          قال : فحملني معلمي أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الختلي إليه، وقال له : أسألك أن تحدث هذا الصبي بما سمعت من مشايخك رحمهم الله، فقال : ما لي سماع.

                                                                          قال : فكيف وأنت فقيه، فما هذا؟ قال : لأني لما بلغت مبلغ الرجال تاقت نفسي إلى طلب الحديث، ومعرفة الرجال، ودراية الأخبار، وسماعها، فقصدت محمد بن إسماعيل البخاري ببخارى صاحب "التاريخ" والمنظور إليه في معرفة الحديث، فأعلمته مرادي، وسألته الإقبال علي بذلك، فقال لي : يا بني لا تدخل في أمر إلا بعد معرفة حدوده، والوقوف على مقاديره.

                                                                          قال : فقلت له : عرفني حدود ما قصدت له ومقادير ما سألتك عنه، قال : اعلم أن الرجل لا يصير محدثا كاملا في حديثه إلا بعد أن يكتب أربعا مع أربع، كأربع مثل أربع، في أربع عند أربع، بأربع على أربع، عن أربع لأربع، وكل هذه الرباعيات لا تتم إلا بأربع مع أربع، فإذا تمت له كلها هانت عليه أربع وابتلي بأربع، فإذا صبر على ذلك أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع، وأثابه في الآخرة بأربع.

                                                                          قال : قلت له : فسر لي رحمك الله ما ذكرت من أحوال هذه الرباعيات عن قلب صاف، بشرح كاف، وبيان شاف؛ طلبا للأجر الوافي.

                                                                          قال : نعم.

                                                                          أما الأربعة التي تحتاج إلى كتبتها هي : أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وشرائعه، [ ص: 463 ] والصحابة ومقاديرهم، والتابعين وأحوالهم، وسائر العلماء وتواريخهم، مع أسماء رجالها، وكناهم، وأمكنتهم، وأزمنتهم، كالتحميد مع الخطب، والدعاء مع الترسل، والبسملة مع السور، والتكبير مع الصلوات، مثل المسندات، والمرسلات، والموقوفات، والمقطوعات، في صغره، وفي إدراكه، وفي شبابه، وفي كهولته، عند شغله، وعند فراغه، وعند فقره وعند غناه، بالجبال، والبحار، والبلدان والبراري، على الأحجار والأصواف والجلود والأكتاف، إلى الوقت الذي يمكنه نقلها إلى الأوراق عن من هو فوقه، وعن من هو مثله، وعن من هو دونه، وعن كتاب أبيه، يتيقن أنه بخط أبيه دون غيره، لوجه الله تعالى، طالبا لمرضاته، والعمل بما وافق كتاب الله منها، ونشرها بين طالبيها ومحبيها، والتأليف في إحياء ذكره بعده.

                                                                          ثم لا تتم له هذه الأشياء إلا بأربع التي هي من كسب العبد، أعني : معرفة الكتابة، واللغة، والصرف، والنحو، مع أربع هي من إعطاء الله عز وجل، أعني : الصحة، والقدرة والحرص والحفظ.

                                                                          فإذا تمت له هذه الأشياء هان عليه أربع : الأهل، والولد، والمال، والوطن، وابتلي بأربع : بشماتة الأعداء، وملامة الأصدقاء، وطعن الجهلاء، وحسد العلماء.

                                                                          فإذا صبر على هذه المحن أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع : بعز القناعة، وبهيبة النفس، وبلذة العلم، وبحيوة الأبد.

                                                                          وأثابه في الآخرة بأربع : بالشفاعة لمن أراد من إخوانه، وبظل العرش حيث لا ظل إلا ظله، وبسقي من أراد حوض نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبجوار النبيين في أعلى عليين في الجنة.

                                                                          فقد أعلمتك يا بني مجملا جميع ما كنت سمعت من مشايخي متفرقا في هذا الباب، فأقبل الآن على ما [ ص: 464 ] قصدتني له أو دع.

                                                                          قال : فهالني قوله، وسكت متفكرا، وأطرقت نادما، فلما رأى ذلك مني قال : فإن لا تطق احتمال هذه المشاق كلها فعليك بالفقه الذي يمكنك تعلمه، وأنت في بيتك قار ساكن، لا تحتاج إلى بعد الأسفار، وطي الديار، وركوب البحار، وهو مع ذا ثمرة الحديث، وليس ثواب الفقيه بدون ثواب المحدث في الآخرة، ولا عزه بأقل من عز المحدث، فلما سمعت ذلك نقص عزمي في طلب الحديث، وأقبلت على علم ما أمكنني من علمه بتوفيق الله ومنه؛ فلذلك لم يكن عندي ما أمليه على هذا الصبي يا أبا إبراهيم، فقال أبو إبراهيم : إن هذا الحديث الذي لا يوجد عند أحد غيرك خير من ألف حديث يوجد مع غيرك.

                                                                          وأخبرنا أبو الحسن بن البخاري، وأحمد بن أبي بكر الواعظ، قالا : أخبرنا أبو اليمن الكندي، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الشيباني، قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت الحافظ، قال : أخبرني الحسن بن محمد الأشقر، قال : أخبرنا محمد بن أبي بكر الحافظ، قال : سمعت أبا عمرو أحمد بن محمد بن عمر المقرئ، يقول : سمعت أبا سعيد بكر بن منير بن خليد بن عسكر، يقول : بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل أن احمل إلي كتاب "الجامع" و"التاريخ" وغيرهما لأسمع منك، فقال محمد بن إسماعيل لرسوله : أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس، فإن كانت لك إلى شيء منه حاجة فأحضرني في مسجدي أو في داري، فإن لم يعجبك هذا فأنت [ ص: 465 ] سلطان فامنعني من المجلس؛ ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة أني لا أكتم العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار قال : وكان سبب الوحشة بينهما هذا.

                                                                          وبه قال : أخبرني محمد بن علي بن أحمد المقرئ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال : سمعت محمد بن العباس الضبي يقول : سمعت أبا بكر بن أبي عمرو الحافظ يقول : كان سبب مفارقة أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري البلد - يعني بخارى - أن خالد بن أحمد الذهلي الأمير خليفة الطاهرية ببخارى سأل أن يحضر منزله فيقرأ "الجامع" و"التاريخ" على أولاده، فامتنع أبو عبد الله عن الحضور عنده، فراسله أن يعقد مجلسا لأولاده لا يحضره غيرهم فامتنع عن ذلك أيضا، وقال : لا يسعني أن أخص بالسماع قوما دون قوم، فاستعان خالد بن أحمد بحريث بن أبي الورقاء وغيره من أهل العلم ببخارى عليه حتى تكلموا في مذهبه، ونفاه عن البلد، فدعا عليهم أبو عبد الله محمد بن إسماعيل فقال : اللهم أرهم ما قصدوني به في أنفسهم وأولادهم وأهاليهم، فأما خالد فلم يأت عليه إلا أقل من شهر حتى [ ص: 466 ] ورد أمر الطاهرية بأن ينادى عليه، فنودي عليه وهو على أتان، وأشخص على أكاف، ثم صار عاقبة أمره إلى ما قد اشتهر وشاع. وأما حريث بن أبي الورقاء فإنه ابتلي في أهله، فرأى فيها ما يجل عن الوصف. وأما فلان أحد العلماء - وسماه - فإنه ابتلي بأولاده، وأراه الله فيهم البلايا.

                                                                          وبه قال : حدثني محمد بن أبي الحسن الساحلي، قال : أخبرنا أحمد بن الحسن الرازي، قال : سمعت أبا أحمد بن عدي الحافظ الجرجاني، يقول : سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول : جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك، قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها، وكان له بها أقرباء، فنزل عندهم.

                                                                          قال : فسمعته ليلة من الليالي، وقد فرغ من صلاة الليل، يدعو ويقول في دعائه : اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك.

                                                                          قال : فما تم الشهر حتى قبضه الله تعالى، وقبره بخرتنك.

                                                                          وبه قال : أخبرنا علي بن أبي حامد الأصبهاني في كتابه، قال : حدثنا محمد بن محمد بن مكي الجرجاني، قال : سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسي، قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ومعه جماعة من أصحابه، وهو واقف في موضع، ذكره، [ ص: 467 ] فسلمت عليه، فرد السلام، فقلت : ما وقوفك يا رسول الله؟ فقال : أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري.

                                                                          فلما كان بعد أيام بلغني موته، فنظرنا فإذا هو قد مات في الساعة التي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيها.

                                                                          وبه قال : أخبرني أبو الوليد الدربندي، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ، قال : حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن عمر المقرئ، وأبو عبيد أحمد بن عروة بن أحمد بن إبراهيم، قالا : سمعنا أبا الحسن مهيب بن سليم بن مجاهد يقول : توفي أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ليلة السبت، ليلة الفطر، سنة ست وخمسين ومائتين.

                                                                          وكذلك قال الحسن بن الحسين البزاز في تاريخ وفاته.

                                                                          وقد تقدم في أوائل الترجمة.

                                                                          [ ص: 468 ] [ ص: 469 ]

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية